اقتصاد السوق: الجميع يربح

اقتصاد السوق: الجميع يربح

طلال عبدالله الخوري

علم اقتصاد السوق هو العلم الوحيد الذي لم يخترع أو يبدع نظرياته العلماء والباحثون, ولكن علم الاقتصاد ببساطة هو محاولة لنقل ما يدور عمليا في الاسواق من تبادلات للسلع ووضعها ضمن اطر وقواعد منهجية علمية اقتصادية لكي يستفيد منها الدارسون, والتي بالنهاية تؤدي الى تسهيل ايجاد افضل الطرق والوسائل لتطوير الاقتصاد والاستمرار في النمو والازدهار الاقتصادي, والابتعاد عن مخاطر الكساد.

تبادل السلع بالاسواق بدأ مع ظهور الانسان على وجه الارض, عندما قام الانسان الماهر بالصيد بمبادلة صيده من اللحوم مقابل الادوات التي يحتاجها بصيده مع الانسان الماهر بصنع الأدوات, وسيستمر اقتصاد السوق ما دام الأنسان على سطح الأرض, حيث أن السوق هو الذي يحدد القيمة التبادلية لكل سلعة, وفق قانون العرض والطلب, والسوق أيضا هو الذي يحدد كمية ونوعية السلع التي يرغب بها المستهلكون, بعيدا عن تدخل المؤدلجين والسياسيين والفاسدين المستغلين.

في اقتصاد السوق كل انسان هو منتج للسلع ومستهلك للسلع, ويقوم السوق بآلياته التلقائية بتحديد القيمة التبادلية لكل ما ينتج ويعرض بالسوق للاستهلاك, لذلك تعتبر آليات السوق أفضل وسيلة طبيعية تلقائية وعادلة لكي يحصل كل انسان على قيمة ما ينتجه من سلع, ان كانت هذه السلع بشكل بضائع استهلاكية, او سلع كعمل بجهد عضلي, او سلع فكرية و ابداعية وعلمية.

هناك محاسن كثيرة لاقتصاد السوق ولكن هناك ايضا بعض المساوئ, كما هو الامر الواقع بالحياة, ولا يمكن ان نحصل على المحاسن من دون المساوئ, كما هي الحياة! والذي يظن بان اقتصاد السوق سينتهي, او الذي يعتقد بان اقتصاد السوق قد انتهى! او الذي يطالب بنهاية اقتصاد السوق بسبب وجود سلبيات له, هو كمن ينادي بتدمير الحياة على الارض لان هناك من يتعذب على الارض. والاكثر من هذا, انه لا يوجد اقتصاد بديل افضل من اقتصاد السوق!! وجميع البدائل, كالاقتصاد الاشتراكي, اثبتت فشلها الكارثي على البشرية, بينما في الجهة المقابلة, اثبت اقتصاد السوق بنجاحات باهرة واعجازية مكنت جميع الدول التي تتبع اقتصاد السوق الى الوصول الى الازدهار الاقتصادي والرفاهية لجميع المواطنين.

ينعت اليساريون العرب اقتصاد السوق: بالرأسمالية المتوحشة,…؟؟ التي تستغل جهد العمال, لكي يكدس اصحاب رؤوس الأموال فرق القيمة من أجرة العمال وقيمة العمل, بحساباتهم المصرفية؟
في هذه المقالة سنبين بأن في أقتصاد السوق ليس من مصلحة احد ان يستغل أحد آخر, وأن العدالة التي يقدمها السوق بتحديد القيمة التبادلية لكل سلعة تجعل من مصلحة كل فرد ان يكون عادلا مع كل فرد آخر, وأن يتعاون الجميع من اجل ازدهار وخير الجميع, وأن الاستغلال يعود بمردود عكسي على الجميع بما فيها المستغل.

ان المنتج, صاحب رأس المال, ليس من مصلحته استغلال العمال واعطائهم اجر اقل من القيمة التبادلية لسلعتهم والمتمثلة بساعات العمل التي يعملونها لديه, وذلك للأسباب التالية:

أولاً: اذا لم يعط المنتج العامل حقه من أجر, فلن يستطيع هذا العامل شراء السلع التي ينتجها هو او التي ينتجها غيره, وبالتالي سينخفض الاستهلاك وبالتالي سترتفع اسعار الانتاج وبالتالي ستقل الأرباح, مما يؤدي الى الافلاس والكساد؟

اذا من هنا نرى بأن من مصلحة المنتج ان يحصل المستهلك على اجر جيد وعادل حسب قيمة العمل التبادلية بالسوق من اجل زيادة الاستهلاك وبالتالي زيادة الارباح وتخفيض قيمة كلفة الانتاج. وبالفعل فأن شركة ( أي بي ام) تريد ان يكون كل مستهلك قادرا على شراء كمبيوتر لاولاده, وبنفس الطريقة تريد كل شركة سياحية ان يستطيع كل عامل ان يذهب برحلة استجمامية في اجازته السنوية! وبنفس الطريقة تريد مصانع السيارات ان يكون بامكانية كل عامل شراء سيارة لأسرته في كل عام!!

ثانيا: اذا لم يدفع المنتج الاجر العادل للعامل فهناك من يستطيع ان ينافسه ويعرض على العامل اجر افضل, وهذا يؤدي الى خسارة هذا العامل المدرب! وبالتالي سيخسر هذا المنتج وسيؤدي به الى الافلاس؟ لذلك يجب ان يحرص صاحب العمل اعطاء عماله افضل اجر ممكن لكي يحافظ على تنافسية عروضه للعمل.

من جهة اخرى, فأن في اقتصاد السوق لن يكون من مصلحة العامل ان يحصل على اجر اعلى من القيمة التبادلية لسلعته في السوق, وذلك لانه اذا حصل على اجر اعلى من ذلك فهذا يعني بان قيمة السلعة التي تنتجها شركته سترتفع مما يؤدي الى ان منافس اخر سينتج نفس السلعة وبسعر اقل, وهذا يؤدي بالتالي الى افلاس شركته وفقدانه لوظيفته وباب رزقه؟؟

من هنا نرى بانه في اقتصاد السوق هناك مصلحة متبادلة بين المنتج والعامل بان يكون الاجر عادل وحسب القيمة التبادلية لسعر السوق وبهذه الطريقة فقط يربح كل من المنتج والعامل والمستهلك.

من جهة ثانية ليست من مصلحة العامل ان ينخفض ربح الشركة التي يعمل بها عن حد معين, لأن هذا سيؤدي بالتالي الى عدم وجود منفعة مناسبة تستدعي الى ان يستثمر صاحب رأس المال امواله في هذه الشركة وبالتالي يقوم باغلاق هذه الشركة وبالتالي يفقد العامل عمله ورزقه؟ وأيضا اذا انخفض ربح صاحب رأس المال عن حد معين فلن يتمكن من الاستثمار بتطوير الآلات! وبالتالي ستقل تنافسية الشركة مما يؤدي بالنهاية الى الافلاس واغلاق الشركة وفقدان العامل الى عمله ورزقه.

في اقتصاد السوق, أيضا ليس من مصلحة كل من المنتج والمستهلك, ان لا يتمكن الانسان العاطل عن العمل من العيش الكريم وتأمين قوته وسكنه؟ لأن الانسان العاطل عن العمل سينتفض ويقوم بالسرقة! والجريمة! مما يؤدي الى حالة عدم الاستقرار؟ والذي يؤدي بالتالي الى خسائر اقتصادية كبيرة على الجميع, لذلك من مصلحة الجميع ان يتم تأمين العيش الكريم حتى للانسان العاطل عن العمل.

مما سبق نرى بأن اقتصاد السوق هو الاقتصاد الذي يخرج به الجميع رابحين من منتجين, واصحاب رؤوس اموال, وعمال ومهندسين وحتى العاطلين عن العمل! وهو الاقتصاد الوحيد الذي أمن للانسان العيش الكريم! وأمن البيئة المناسبة لحدوث المعجزات الاقتصادية من الازدهار, حيث بلغت تعداد سكان العالم الآن سبعة مليارات نسمة يعيشون برفاهية.

http://www.facebook.com/pages/طلال-عبدالله-الخوري/145519358858664?sk=wall

هوامش:

https://mufakerhur.org/?p=499

https://mufakerhur.org/?p=501

About طلال عبدالله الخوري

كاتب سوري مهتم بالحقوق المدنية للاقليات جعل من العلمانية, وحقوق الانسان, وتبني الاقتصاد التنافسي الحر هدف له يريد تحقيقه بوطنه سوريا. مهتم أيضابالاقتصاد والسياسة والتاريخ. دكتوراة :الرياضيات والالغوريثمات للتعرف على المعلومات بالصور الطبية ماستر : بالبرمجيات وقواعد المعطيات باكلريوس : هندسة الكترونية
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.