اطردوني

جهاد علاونه

إلى كافة الزعماء العرب, مثلي مثل أي مراهن على الحصان الخاسر خسرتُ رهاني وخسرت الوطن, حتى شفرة الحلاقة خسرتها على أرضي وجمهوري ولم أعد أراهن في وطني على أي شيء, لأنني سأخسر مثل كل المرات, لذلك أقترح عليكم نفيي من وطني وإلى الأبد.

الليلة أعيد لكم وطنكم الذي لم أشعر به يوما أو ولو لمرة واحدة أنه وطني, كنت طوال الوقت أتسولُ لقمة خبزي من صحيفة عفا عليها الزمن ومن صفحات كتاب في جدار الأمنيات المستحيلة, ولكني لم أخسر وطنا واحدا أو وحده لا غير ولكني خسرتُ بندقيتي ومنصة إطلاق الابتسامات والحلم بالعودة ليلا إلى فراش هانئ ودافئ ورمانتين في صدر قريتنا…وها أنا أنظر من بعيد إلى وطني بعين تدمع وقلب يخشع.

خسرتُ كل شيء في دياركم, البئر الذي كان مملوءا تركته مهجورا ..والكأس الذي أستلُ منه دموعي والياسمين الشامي والدحنون الأردني.

لم أخسر معركة واحدة بل خسرتُ وسقطت في كل المعارك, ثلاثون عاما على النضال والكفاح وحتى الآن لم أشعر أنني مواطن كسب عرشه وذاع صيته كباحث عن لقمة خبز بكرامة, تخيلوا: لم يكن حلمي بوطن يوفر لي سيارة روز رايز أو طائرة خاصة بل كان حلمي بوطن يوفر لي لقمة خبز وشربة ماء.
خسرت نضالي الطويل ضد العبودية واستسلامي لزهرتين واحدة أردنية وأخرى سعودية, خسرتُ فترة إقامتي على الجبهة الجنوبية والشمالية وكانت آخر معركة لي ضد حقوق الإنسان التي حاولت إرغامكم على عدم السماح لها بعبورها إلينا من الحدود الشمالية مع إسرائيل, لذلك أنا نذل وعديم الجدوى لا أنفع للعيش في بلدانكم الجميلة وأستحق النفي إلى بلاد الكفار حيث النهاية وخيمة وعقوبة الله مذلة لي ولهم وأنتم وحدكم من يستحق الإقامة في جنة الله .

أنا مواطن أردني حقوقي مهضومة وأطالب بالمساواة مع النساء في الحقوق والواجبات , وأنا عالة على الوطن والناس وأينما وجهني مولاي لا آتيه بخير, ولا أصلح لعمل شيء غير كتابة المقالات التي تدعوكم للتخلف عن الأمم المتقدمة, تصوروا أنني اكتشفت بعد طول غياب أنني أدعوكم إلى النار وأريد أن أعيدكم إلى العصور الوثنية والشرك بالله لذلك أقترح عليكم نفيي إلى أي بلدٍ آخر شريطة أن لا يكون عربيا مسلما, لأنني لا أستحق العيش الرغيد في البلدان المسلمة حيث كل المواطنين سواء أمام القانون بغض النظر عن الجنس والدين واللون.

أقترح عليكم نفيي وطردي بلا عودة لأنه ثبت أنني خطر على مجتمعاتكم وأثير النعرات القبلية كوني قبلي وعنصري حتى النخاع وأنتم المتطورون وأفرق بين الأردني الشمالي والجنوبي والفلسطيني والأردني وكأنه هنالك أردني ياباني أصلي وآخرصيني نخب ثالث أو تايوان تقليد,وتركي حرا طليقا-كما قال عني مرة أحد الحكام الإداريين- من الممكن أن أُلحِقَ الضررَ بالمؤسسات العشائرية القبلية التي تدعو إلى الحياة العصرية وأنا أدعوكم للتخلف, وأقترح عليكم عدم السماح لي بالإقامة بأي بلد عربي أو مروري به مرَ الكرام, لذلك ومن منطلق الحرص عليكم من أن تصابوا بلوثة عقلية كالتي أصابتني أن تطردوني بلا عودة إلى أمريكيا أو روسيا متعددة المناخات أو كندا أو النرويج أو السويد, ففي مثل هذه البلدان المتخلفة صناعيا ومدنيا كألمانيا من الممكن أن أجد ضالتي وأن أجد رجالا مثلي مثلهم متخلفين عن ركب الحضارة العربية الإسلامية 500 عام وأكثر.

أنا مواطن أردني لا أصلح لعمل شيء على الإطلاق وأشكلُ عبئا ثقيلا على الحكومة والناس, أنا لا أصلح إلا للكتابة وحمل الأقلام والكتابة في الممنوعات الثلاث: الجنس والدين والسياسة, فهذه الأمور لا يصح البحثُ فيها في الدول العربية, لأن المواطن العربي مستوفى الحقوق فيها من ناحية الجنس والدين والسياسة, فمثل هذه الأمور لا تصلح ألا للدول الأوروبية المتخلفة التي سرقت أخلاق المسلمين وأعطت المسلمين أخلاقهم البالية.

تخيلوا معي!!!!: كُتاب كبار…وحملة شهادات عُليا في الطب والهندسة سمعتهم يقولون بأن أوروبا الشرقية والغربية سرقت من المسلمين أخلاقهم وأعطتهم أخلاقهم المتخلفة, يا أسيادي يا زعماء العرب ما علينا, مبروك عليكم كل ما تملكون من نفط وتقدم حضاري إسلامي, والآن أسمحوا لي بمغادرة الدول العربية الإسلامية إلى بلدان كافرة مثلها مثلي, أفلم تقولوا عني على منابركم في المساجد أنني كافر وملحد ومرتد ومجنون؟ حسنا, فهمت الوضع, ليكن جنوني جواز عبوري ودخولي وخروجي للدول الأوروبية

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.