ازمه المياه في العراق … هل لها حلول

د مهند محمد البياتي
اثارت تركيا لغطا كبيرا في الاعلام والشارع العراقيين، عندما بدأت بملأ سد اليسو المقام على نهر دجلة، ودق ناقوس الخطر حول المستقبل المائي لمنطقة وادي الرافدين، كما حصل لمنطقة في وادي النيل عندما بدأت اثيوبيا ببناء سد النهضة، متناسين ان الزيادة الكبيرة في تعداد سكان هذ المناطق، والحاجة الماسة لتوفير االغذاء لهم وكذلك لتوليد الطاقة الكهربائية، كلها عوامل شجعت تركيا واثيوبيا على بناء هذه السدود، وتزامن الامر مع الاستخدام الجائر للمياه في الزراعة اضافة الى التغيرات الكونية للمناخ والتي قللت الامطار بشكل كبير وهي المورد الاساسي لمياه الرافدين والنيل، وكلها عوامل تتطلب التخطيط والادارة السليمة والجيدة للموارد المائية، وتزامن هذا مع المعاناة الكبيرة لاهالي الجنوب وخاصة اهالي البصرة بالحصول على مياه عذبة للاستخدام اليومي او للزراعة، والاصابات المرضية لكثير من الاهالي مما سببت في ادخال الالاف منهم الى المستشفيات بسبب رداءة المياه المجهزة لهم.
وكان الانسان سابقا يخشى من غضب الطبيعة وفيضان الانهر مما دفعه الى تخليد ذلك في ملحمة كلكامش، اول ملحمة كتبت في التاريخ، واعيد ذكرها لاحقا في قصة النبي نوح في التوراة وفي القران الكريم، ولا يزال قسم كبيرمن اهالي بغداد يتذكرون فيضان دجلة عام 1954، وما تسبب في تهجير بعض احياء بغداد والخسائر الفادحة التي تكبدتها العاصمة والمساعدات الدولية التي انهالت على العراق وقتها، مما ادى الى بناء اول سد على نهر دجله في سامراء وافتتح عام 1957 لتلافي اثار الفيضانات اللاحقة ولتحويل قسم من مياه دجلة الى منخفض الثرثار، وتلاه بناء سدي دوكان ودربندخان على نهري الزاب الصغير وديالى والذي استكمل بناؤهما في نهاية الخمسينات من القرن الماضي، لتوليد الكهرباء وخزن المياه للمواسم الشحيحة وكذلك لتقليل مخاطر الفيضانات القادمة، وكانت هذه اول سدود تبنى على نهر دجلة وروافدها في منطقه الشرق الاوسط.


اما عن نهر الفرات والذي ينبع من تركيا وتتقاسم موارده تركيا وسوريا والعراق، فلقد كانت هنالك محاولات عديده لايجاد ارضية مشتركة للتفاهم و الاتفاق بين هذه الدول الثلاثة ومنذ عام 1920 لكن لم توقع اية اتفاقات شاملة لغاية الان بين هذه الدول لتقاسم مياهه، ففي بداية الستينات حاولت كل دولة منها التخطيط لوحدها لبناء سد على نهر الفرات، وقام العراق في عام 1962 بالتعاقد مع شركة سوفيتية لتقوم بدراسة مجرى نهر الفرات وتحديد المكان المناسب لانشاء سد عليه، ولم تقرر الحكومات العراقية المتعاقبة ولاسباب سياسية بالدرجة الاولى ولغاية بداية السبعينات تحديد مكان السد والبدء بانشائه، في حين قررت الحكومتان التركية والسورية البدء بانشاء سد لكل واحدة منها على نهر الفرات، وبدأت تركيا بانشاء سد كيبان عام 1966 وافتتحتها عام 1974، في حين بدأت سوريا بانشاء سد طبقة عام 1968 وافتتحتها في تموز عام 1973، اما النظام العراقي فكان مشغولا بتثبيت حكمه، مما سبب في حدوث شح كبير في واردات العراق المائيه عام 1974 عندما بدأت تركيا وسوريا بملأ سديهما، وتسبب ذلك بخراب الموسم الزراعي العراقي في تلك السنة والسنة اللاحقة، ولم تقرر الحكومة العراقية ولغاية منتصف السبعينات مكان بناء السد على نهر الفرات، بل اكتفت بشق قناة من منخفض الثرثار الى نهر الفرات وبدأت العمل به منذ العام 1972 لتلافي النقصان الذي قد يحصل في نهر الفرات، وقد حلت هذه القناة بعض النقص في مياه الفرات ولكنها تسببت في ايصال ماء مالح من منخفض الثرثار الى نهر الفرات. وبعدها بنت الحكومة العراقية سد حديثة على نهر الفرات واعقبتها ببناء سد الموصل والذي لم يتم اختيار مكانه بالشكل الصحيح، مما تطلب القيام باعمال صيانة مستمرة له، وقد لا تتوقف اعمال الصيانة هذه طوال عمر السد.
تعتمد كمية المياه المتدفقة في نهري دجلة والفرات على كمية الامطار والثلوج الساقطه في تركيا وشمال العراق وغرب ايران وشمال سوريا وعلى التغيرات المناخية العالمية، وتسمى مواسم الامطار الشديدة بالسنوات الرطبه وحدث ذلك في الاعوام 54 و65 و67 و68 و69 و88 و94 من القرن الماضي، وتم تسجيل اعلى وارد من مياه النهرين للعراق عام 1969 حيث كانت واردات دجلة بحدود 106 مليار متر مكعب ، وواردات الفرات بحدود 63 مليار متر مكعب ، اما اقل وارد للنهرين فكان عام 1930 وهي سنة الجفاف الكبيرة، حيث كان وارد دجلة حوالي 19 مليار متر مكعب ووارد الفرات بحدود 11 مليار متر مكعب، ولو انه تم تسجيل وارد منخفض جدا للفرات عام 1974 وهو بحدود 9 مليار متر مكعب، ولم يكن هذا بسبب قلة الامطار، ولكن بسبب قيام تركيا وسوريا بملأ سديهما. ونلاحظ هنا الفرق بين وارد بحدود 30 مليار متر مكعب لعام 1930، ووارد بحدود 169 متر مكعب عام 1969 اي اكثر من خمسة اضعاف، علما ان الوارد المائي في عام 2016 كان بحدود 55 مليار متر مكعب. وقد لا يعرف الكثيرون ان المشاكل المائية بين العراق ودور الجوار تركيا وايران وسوريا ليست حديثة، حيث ان ايران قطعت عن مدينة مندلي مياه نهر كنكير منذ العام 1932، واعقبتها بقطع مياه نهر كنجان جم عن مدينة زرباطيه ، واخيرا تم قطع مياه نهر الكارون عن شط العرب والكرخه عن هور الحويزة، وهنالك اخبار عن قيام ايران ببناء سدود على نهري ديالى والزاب الاسفل، وسوف يؤدي ذلك الى تقليل واردات دجلة بمقدار كبير.
ومن المهم ملاحظة ان ازمة المياه في العراق لاتتعلق بكمية المياه الواردة للعراق فقط ولكن بنوعية هذه المياه، والمقصود هنا بكمية الاملاح والمواد العضوية والمعادن والمركبات المختلفة الذائبة في الماء اضافة للجراثيم و الفطريات المختلفة والتي تجعلها غير صالحة للاستخدام البشري وكذلك للزراعة، ويطلق عادة على المواد الذائبة هذه تسمية اجمالي المواد الصلبة الذائبة، وفي بعض الاحيان تتم تسميتها بالاملاح الذائبة، ولأخذ فكرة عن اهمية هذا الموضوع، فلقد وضعت منظمة الصحة العالمية مؤشرا لهذه الكمية، واعتبرت ان مقدار 300 الى 600 ملليغرام من هذه المواد الذائبة في اللتر الواحد من الماء يعتبر جيدا، اما مقدار 600 والى900 ملليغرام فيعتبر مقبولا، والكمية من 900 والى 1200 فيعتبر سيئا، وإذا زاد عن 1200 ملليغرام فيعتبر غير مقبولا، اما في الزراعة فالكمية من 500 والى 2000 ملليغرام في اللتر الواحد فيعتبر مقبولا في بعض الاحيان وخاصة للمحاصيل الزراعية والنباتات المقاومة للجفاف والملوحة، واذا زادت عن 2000 ملليغرام فيعتبر شديدا الملوحة ولا يمكن استخدامه في الزراعة و يعتمد الامر على نوعية المحصول الزراعي ونوع التربة، علما ان ملوحة ماء البحر هي بحدود 35 الف ملليغرام، او 35 غرام باللتر الواحد، في حين ان متوسط الاملاح في مياه الانهار العذبة هي بحدود 110 ملليغرام في اللتر الواحد تقريبا. اما بالنسبة الى نهري دجلة والفرات فسنجد ان معدل كمية الاملاح المسجلة عام 2016 في نهر دجلة عند الحدود العراقية التركية في منطقة الخابور كانت بحدود 265 ملليغرام، وفي الموصل بحدود 300 ملليغرام وازدادت في بغداد الى حوالي 630 ملليغرام، ولكنها تزداد جنوبا بسبب مصب نهر ديالى ذو الملوحة العالية نوعما في نهر دجلة جنوب بغداد، اضافة لعوامل اخرى، وتصل الملوحة الى 720 ملليغرام في واسط، وتزداد الى 1420 في منطقة الكرمة قبل التقائها ببقايا نهر الفرات، اما بالنسبه لنهر الفرات فهي بحدود 600 ملليغرام عند نقطة دخولها للاراضي العراقية، وفي الحلة تزداد الى 720 ملليغرام وتزيد في الديوانية الى 1760 ملليغرام وتصبح في الناصرية بحدود 2350 ملليغرام، اما في البصرة فان الملوحة تتراوح ما بين 540 و 7700 ملليغرام وحسب المواسم وبمعدل عام بحدود 2200 ملليغرام، ومعظم هذه الارقام مأخوذ من الاحصاءات البيئية للعراق والصادرة عن وزارة التخطيط لعام 2016، ويمكن ملاحظة ان الزيادة في الاملاح تكون شديدة جنوب بغداد ومعظم المياه تكون غير صالحة للشرب ولكن بنسب متفاوتة، علما ان هنالك قراءتان لكمية الاملاح وبقية المواد الكيمياوية المتواجدة في المياه، تتولى احداهما حاليا دائرة البيئه في وزارة الصحة وفي اماكن محددة على طول نهري دجلة والفرات ، والاخرى تقوم بها وزارة الاعمار والاسكان والبلديات وهي تقيس المواد الكيماوية والاملاح في الماء الخام الداخل لمحطات التصفية اضافة لقياسها للماء الخارج من محطات التصفية والتعقيم، ومن المفارقة انه تم ذكر الملحوظة التالية والمأخوذة من الاحصاءات البيئية للعراق والصادرة عن وزارة التخطيط لعام 2016 صفحة 30 ( لم تصل نتائج الفحوصات الكيمياوية لمحطات الرصد الموجودة في محافظة ميسان طيلة اشهر سنة 2016، بسبب تعذر مديرية البيئة في وزارة الصحة من القيام بعملية سحب النماذج المائية لعدم توفر مخصصات الوقود) ونتساءل ما هي جدية دوائر الدولة في العراق بحل ازمة المياه وهي تتعاجز عن توفير الوقود اللازم لقراءة وتشغيل اجهزة القياس، ويجب الانتباه الى ان محطات تصفية المياه لا تستطيع تقليل المواد الذائبة في المياه، لكنها تتخلص من جميع المواد العالقة في الماء اضافة الى تعقيمها.
ويتبين ان المشكلة الرئيسية للمياه في الوقت الحاضر هي نوعية المياه اكثر من كميتها وخاصة جنوب بغداد اذ لا تصلح المياه المتوفرة للشرب او للزراعة، ومعضم مسبباتها هي من داخل العراق. وإذا علمنا بان مترا مكعبا واحدا من الماء في السنة يكفي لمتطلبات الشرب فقط للشخص الواحد، اي ان الانسان بحاجة كمعدل عام الى 3 لتر من الماء للشرب في اليوم الواحد، في حين ان هذا المتر المكعب من الماء هو مايستهلكه المزارع لانتاج نصف كيلوغرام فقط من الحنطة في البلدان الغير متطورة زراعيا، في حين ان المزارع في الدول المتقدمة زراعيا يمكنه من انتاج كيلوغرامين من الحنطة باستخدام متر مكعب واحد من المياه، وهذا يوضح الكمية الكبيرة اللازمة للمياه في الانتاج الزراعي، فعالميا يتم استهلاك ما معدله 10 بالمائة من المياه للاستهلاك المنزلي، و 20 بالمائة في الصناعة و70 بالمائة للزراعة تقريبا، اما في العراق حاليا فإن 86 بالمائة من المياه تستهلك للزراعة، و 6 بالمائة للبيئة اي لادامة الاهوار، و 5 بالمائة للصناعة و 3 بالمائة للاستهلاك المنزلي فقط، ويمكن ان تتغير هذه الارقام عند ازدياد المنشأت الصناعية. ونلاحظ هنا ان استهلاك المياه للزراعة في العراق هو اعلى من المعدل العالمي، علما ان غلة الانتاج الزراعي في العراق للدونم الواحد من الحنطة مثلا هو ادنى من مثيلتها في الدول المجاورة كتركيا وايران وسوريا، ونحتاج لكمية اكبر من المياه لانتاج كيلوغرام من الحنطة، وسبب ذلك بالدرجة الاولى هو نوعية المياه المستخدمة في الزراعة وطريقة الري والزراعة، اضافة لملوحة التربة في جنوب ووسط العراق. ويتبين من الارقام اعلاه امكانية معالجة المياه المستخدمة للاستهلاك المنزلي بتخليصه من الاملاح الزائدة، عن طريق معالجة المياه الخارجة من محطات التصفية القائمة حاليا للتخلص من هذه الاملاح الذائبة، وتعتبر طريقة التناضح العكسي او RO هي الطريقة الامثل والارخص حاليا وتستخدم لتحلية اكثر من 60 بالمائه من المياه العذبة المنتجة عالميا، وتتناسب كلفة انتاج الماء العذب مع كمية الاملاح المذابة في الماء، وكلما قلت الملوحة في الماء المراد تحليته نحتاج لضغط اقل لاجبار الماء على النفوذ من خلال الاغشية الخاصة والمستخدمة لتحلية المياه، اي نحتاج الى طاقة كهربائية اقل لتحلية نفس الكمية من الماء، ويكون العمر التشغيلي للاغشية المستخدمة اطول اي لا يتم استبدال الاغشية بنفس السرعة، اي ان كلفة استبدال الاغشية ستكون اقل، لذلك فالكلفة التشغيلية لتحلية المياه في محافظات الوسط مثل بابل والديوانية وكربلاء وواسط تكون اقل من كلفتها في ذي قار او المثنى اوالبصرة، ولكن تبقى الكلفة الاولية لانشاء محطة التحلية نفسها تقريبا، وتتراوح كلفة انتاج المتر المكعب من الماء العذب في محطات التحلية للمياه شبه المالحة ما بين ربع دولار الى نصف دولار امريكي، حسب حجم المحطة ودرجة ملوحة الماء الداخل للمحطة ومقدار ملوحة الماء المنتج، اما كلفة التحلية لانتاج متر مكعب من الماء العذب باستخدام ماء البحر فهو بحدود دولار واحد تقريبا، و يمكن للاسعار هذه ان تنخفض مع تطور تقنيات صناعة الانسجة المستخدمة في التحلية وانخفاض اسعارها، لذلك فمحاولات تقليل ملوحة مياه دجلة والفرات سيقلل من كلفة تحلية المياه للاستخدامات المنزلية وسيحسن ويزيد من انتاج المحاصيل الزراعية، وهنالك فعليا في العراق محطات تحلية حكومية عديدة تستخدم طريقة التناضح العكسي ويصل عددها الى 449 محطة في جميع محافظات العراق عدا كردستان ونينوى والانبار، وطاقتها التصميمية بحدود 94 ألف متر مكعب في اليوم، ولكنها لا تنتج سوى 20 ألف متر مكعب في اليوم من الماء العذب، والغريب في الامر ان محافظة البصرة لديها 43 محطة تحلية طاقتها التصميمة بحدود 51 ألف متر مكعب في اليوم ولكنها لا تنتج سوى 2104 متر مكعب من الماء العذب في اليوم اي تعمل بكفاءة 4 بالمائة فقط، ولو كانت هذه المحطات تعمل بكامل طاقتها التصميمة في البصرة، وتم توزيع مياهها مباشرة على مواطني البصرة والبالغ عددهم بحدود 3 ملايين شخص، لكانت حصة الفرد الواحد 17 لتر من الماء العذب يوميا، وهي اضعاف ما يحتاجه الفرد من المياه لاغراض الشرب والطبخ اليومي فقط، اضافة لذلك فان هنالك 25 محطة صغيرة منصوبة في البصرة وتعمل بالطاقة الشمسية، طاقتها التصميمية هي بحدود 1608 متر مكعب في اليوم ولكنها انتاجها من المياه هو صفر، علما ان باقي المحافظات في العراق لديها محطات تحلية طاقتها التصميمة 43 الف متر مكعب في اليوم وتنتج بحدود 18 الف متر مكعب من الماء العذب يوميا اي ان كفائتها التشغيلية هي 42 بالمائة، اي عشر اضعاف كفاءة محطات البصرة.
ويعتبر الاستخدام الجائر للمياه في الزراعة المسبب الرئيسي لملوحة المياه، فبسبب طريقة الري المستخدمة بالزراعة في العراق والذي تعوّد عليه المزارع العراقي منذ الاف السنين عن طريق غمر التربة بالمياه لري البساتين او الحقول، ولكون معضم التربة في وسط وجنوب العراق هي طينية رسوبية والتي لاتسمح بنفاذية الماء وبسرعة الى الاعماق، ولأن الجو جاف وحار في معظم اشهر السنة، يتم تبخر كميات كبيرة من هذه المياه تاركة خلفها الاملاح المذابة فيها على سطح التربة، ومع مرور الوقت تزداد هذه الاملاح وقد تتحول الاراضي اذا لم تعالج الى اراضي صبخة اي مالحة ولا يمكن الزراعة فيها، لذلك بدأت ومنذ خمسينات القرن الماضي في العراق حملات كبيرة لاستصلاح الاراضي وعمل مبازل حقلية كثيرة لغسل التربة للتخلص من املاحها وكذلك لتسريب المياه الزائدة من التربة، وهنالك الان اكثر من 127 الف كيلومتر من القنوات و المبازل الرئيسية والثانوية والمجمعة والحقلية والتي تصب في النهاية في قناة المصب العام والمرتبط بشط البصرة والواصل لخور عبد الله في الخليج العربي، وهذه القنوات تحتاج الى صيانة مستمرة وحتى الى توسيعها لتشمل اراضي اضافية، لان المبازل تغطي حاليا فقط الاراضي الممتدة ما بين غرب نهر دجلة وشرق نهر الفرات وتبدأ من مشروع الاسحاقي شمال بغداد. ومن الضروري جدا منع رجوع مياه البزل المالحة الى الاراضي الزراعية، ولكن يحصل احيانا التجاوز على مياه البزل من قبل المزارعين لاستخدام هذه المياه المالحة لزراعة بعض المحاصيل او عمل احواض غير نظامية لتربية الاسماك، وهذه تعيد للتربة الاملاح التي سبق ان تم التخلص منها، اضافة الى التأكد من ان البطانة الكونكريتية لقنوات البزل لا تزال صالحة وعدم حدوث كسور فيها والتي ستعيد مياه البزل المالحة للتربة من جديد. ان تغيير اساليب الري من طريقة الغمر والمستخدمة منذ زمن السومرين ولحد الان، واستخدام التنقيط بدلا من ذلك سيوفر حوالي 55 بالمائة من المياه اللازمة للزراعة مقارنة بالسقي السطحي، او طريقة الرش والتي تخفض كمية مياه الري 25 بالمائة، علما بان المياه الزائدة عن حاجة المحاصيل والتي لا تسحبها المبازل، ستعود لقنوات الري وللانهر حاملة معها املاح التربة وكذلك الاسمدة الكيمياية والعضوية والمذابة في هذه المياه، وهي من احد الاسباب الرئيسية لازدياد ملوحة نهري دجلة والفرات وقنواتها العديدة.
ومن المهم ملاحظة اهمية استخدام بعض الطرق الحديثة للزراعة والتي لم يتعود عليها مزارعينا مثل الزراعة من دون حرث، وهي تبدو غريبة جدا وخاصة لمن تعود ان تكون اول خطوات الموسم الزراعي هي الحرث، وتعتمد هذه الطريقة على ابقاء سطح التربة من دون قلبها وبذلك تحافظ التربة على رطوبتها وتقلل كميه المياه المطلوبة للزراعة، والى منع ترسب الاملاح بسبب تبخر المياه من سطح التربة المقلوبة والاستفادة من بقايا النباتات المزروعة سابقا، وهذا الطريقة من الزراعة انتشرت بكثرة في العالم، وجرى تطبيقها في سوريا وايران وتركيا وكذلك في العراق ولكن على نطاق ضيق، وانتجت زيادة في الغلة او الحاصل وصل الى 25 بالمائة، اضافة الى تقليل كمية المياه اللازمه للزراعة.

ولمياه الخليج العربي المالحة دور اخر وكبير في تلوث مياه شط العرب وهو مستمر ولاكثر من اربعين عاما، فلقد كانت الاطلاقات المائية العذبة من نهر الكارون في جنوب شط العرب اضافة الى اطلاقات مياه شط العرب الكبيرة سابقا تعمل على منع مياه الخليج المالحة من الصعود شمالا في شط العرب اثناء المد البحري والذي يحصل مرتين في اليوم الواحد، بل تسمح بارجاع المياه العذبة الى الانهر والقنوات المتفرعة من شط العرب لتعمل على ري الاراضي والبساتين المحيطة بشط العرب مرتين كل يوم، ولكن اختلف االامر ومنذ فترة طويلة، فمع توقف نهر الكارون باطلاق المياه العذبة بسبب تغيير مساره الى داخل الاراضي الايرانية، واطلاق مياه البزل المالحة بدلا عنه، وقلة وضعف الاطلاقات المائية من نهري دجلة والفرات الى شط العرب ادى الى صعود مياه الخليج المالحة شمالا باتجاه البصرة وتكوينها وبمرور الزمن بتشكيل ما يسمى باللسان الملحي والذي يصعد مع كل موجة مد بحري، ولا يمكن ايقاف صعوده الا بزيادة الاطلاقات المائية وباستمرارالى شط العرب، وعندما تقل هذه الاطلاقات سيقوم اللسان اللحي بالتمدد شمالا ومن جديد، ولا يمكن الان توفير هذه الكمية من المياه لاطلاقها باستمرار في شط العرب مع شح المياه واستمرارها بالتناقص، ويكمن الحل الوحيد والمتاح حاليا هو ببناء سد مانع جنوب البصرة لمنع تمدد اللسان البحري المالح شمال شط العرب مع تقليل هدر مياه شط العرب والاستفادة منه لري الاراضي على جانبي شط العرب وحتى امكانية مده الى منطقة الفاو.
اما المسبب الاخر لتلوث وملوحة المياه فهو عائد لمياه الصرف الصحي والتي يتم صبها في الانهر والقنوات من دون معالجتها او لا تعالج بشكل جيد، وتزداد خطورتها كونها محملة بالجراثيم والبكتريا، واثبتت فحوصات مياه دجلة والفرات وجود نسبة عالية من بكتريا القولون البرازية والمعوية اضافة لبكتريا اخرى، ففي حين ان كمية المياه المجهزة من محطات ومجمعات المياه في العراق للمساكن والمشاريع التجارية والصناعية عدا محافظات كردستان ونينوى والانبار كان بحدود 12 مليون متر مكعب يوميا عام 2016، وتعود معضم هذه المياه الى المجاري العامه اضافة لمواد عضوية ومخلفات مختلفة، ولكن نجد ان معدل طاقة محطات معالجة المجاري القائمة حاليا هي 1.3 مليون متر مكعب يوميا فقط، اي انه فعليا تتم معالجة حوالي 11 بالمائة فقط من مخلفات الصرف الصحي، في حين يترك اكثر من 10 ملايين متر مكعب من مياه المجاري من دون معالجة ومعضمها تأخذ طريقها الى الانهر والقنوات وتشمل هذه مخلفات مجاري المساكن والمستشفيات اضافة الى كثير من مخلفات المياه المستخدمة في الصناعة والتي لا تراقب بشكل جدي، ومن الضروري استكمال بناء محطات معالجة مياه الصرف الصحي لتشمل جميع المياه الخارجة من المجاري، ثم الاستفادة من قسم من هذه المياه بعد معالجتها لري شبكة من الاحزمة الخضراء والواجب اقامتها حول كل مدينة عراقية لحمايتها بيئيا ولتطليف اجوائها وللتخفيف من تأثير موجات الغبار و الاتربة والتي اصبحت تتكرر كل عام، او اعادة هذه المياه للانهر والقنوات بعد جعلها صالحة للاستخدام البشري، وكذلك التأكد من صلاحية شبكات المجاري القائمة وصيانتها المستمرة والتأكد من عدم وجود كسور او نضح فيها وتسريبها لمياه الصرف الصحي، ونفس الشيئ بالنسبة لصلاحية شبكات المياه والتأكد من عدم تسريبها للمياه او تلوث مياهها بمياه المجاري، علما بانه لم يتم استبادل اقدم هذه الشبكات منذ العام 1990 اي لاكثر من 28 عام وهي اطول من العمر التشغيلي لهذه الشبكات وخاصة في البصرة والتي تتأكل بسرعة كبيرة بسبب ملوحة مياهها، ويقدر نسبة فقدان المياه من شبكة المياه بحدود 25 بالمائة.
ومن المهم ملاحظة ان كمية المياه المستهلكة للبيئة تشكل حوالي 6 بالمائة وهي ضعف الكمية المستخدمة للاستهلاكات المنزلية، وهي كمية المياه اللازمة لادامة وبقاء الاهوار، وبسبب كونها في جنوب العراق حيث ان الجو حار وجاف ولاغلب اشهر السنة، ولأن مياه الاهوار غير عميقة في كثير من الاماكن، لذلك فإن كمية المياه المتبخرة من الاهوار تكون عالية جدا مما يستوجب تعويض هذه المياه المتبخرة باستمرار، ولكن المشكلة لاتكمن بخسارة المياه فقط، ولكن بكمية الاملاح التي تتركها المياه المتبخرة في الاهوار، مما يزيد الملوحة في مياه الاهوار والتي يعود قسم منها للاختلاط مع مياه الانهار، ولابد من ايجاد حلول علمية وعملية لهذه المعضلة والتي تتفاقم مع مرور الوقت، ويصيب التبخر ايضا مياه البحيرات الناشئة خلف السدود مثل سد الموصل وسد حديثة وغيرها اضافة لبحيرات الثرثار والحبانية والرزازة، ولكن تأثيرها اقل من الاهوار كونها تقع في وسط وشمال العراق حيث درجات الحرارة اقل نسبيا من منطقة الاهوار وملوحة هذه المياه هي اقل من ملوحة مياه الاهوار، وهذ تتطلب وضع بعض الحلول لتقليل كميه التبخرهذه، مثل تسويرها بالاشجار وتغطية قسم منها بالكرات المطاطية وغيرها من الحلول الحديثة. اضافة لذلك فأن الكثير من الانهر والقنوات تفقد كميات لا بأس بها المياه عن طريق التسريب الاراضي وكذلك بالتبخر، لذلك فإن تبطين هذ القنوات وبعض الانهر اصبح لزاما لتخفيف هذا الفقدان، واصبح من المهم استخدام الانابيب المختلفة بدلا من القنوات الصغيرة لنقل المياه، ضمانا لمنع الهدر وكذلك للسيطرة على توزيع المياه للمناطق المختلفة وخاصة فيما تسمى ذنائب الانهر اي المناطق التي تقع في نهايات الانهر والتي تحرم من وصول المياه اليها بسبب استحواذ مزارعي هذه المناطق في اعالي الانهر لهذه المياه.
ومما نلاحظ اعلاه فأن اكثر من 80 بالمائة من المياه تذهب للزراعة، ولكن بسبب ملوحة هذه المياه وخاصة في وسط وجنوب العراق، فإن الانتاج الزراعي في هذه المناطق هو اقل بكثير من المعدل العالمي للانتاج الزراعي ولنفس المحاصيل، وهي حتى اقل من دول الجوار كسوريا وتركيا وايران، ويتأثر اكثر من 10 ملايين عراقي من مزارعين واسرهم في الريف ومن المرتبطين بالزراعة وخاصة في المدن الصغيرة من هذه الحالة، وخاصة إن دخلهم من الزراعة قليل عادة، لذلك فمن المهم قيام الوزارات ومجالس المحافظات والدوائر المختلفة بتقليل الملوحة والتلوث في المياه، عن طريق استكمال شبكة المبازل والقنوات الخاصة بها والتأكد من صلاحيتها وصيانتها طوال الوقت، وقيام وزارة الاعمار وشؤون البلديات ومجالس المحافظات باستكمال بناء محطات معالجة مياه المجاري بالكامل ومنع تسريب ايه مياه غير معالجة للانهر والقنوات المائية لمنع او لتقليل التلوث المائي، وكذلك لاعادة استخدام المياه المعالجة، اضافة الى تقليل هدر المياه عن طريق التبخر او تسرب المياه، و لكن تبقى مهمة كبيرة على عاتق المزارعين والذين يساهمون بشكل كبير في تحسين نوعية المياه والتقليل من هدرها، وهي ليست بالمهمة السهلة او اليسيرة ولا يستطيعون القيام بها لوحدهم وبجهودهم الذاتية فقط، فتغيير نمط الري و الزراعة والتي تعود عليها المزارعون طوال عمرهم ليس من السهولة القيام بها، فتوفير منظومات الري بالتنقيط والرش وباسعار مدعومة، اضافة الى توفر الطاقة الكهربائية او بدائلها لتشغيل هذه المنظومات، وكذلك تواجد التدريب اللازم لادارة وصيانه هذه المنظومات ضرورية جدا لانها تستهلك بسرعة، والخوف من خسارة الموسم الزراعي بسبب سوء استخدام هذه المنظومات له تأثير كبير على المزارع واسرته. ولا تنفع طريقة طبع بعض المنشورات او القيام بعمل ندوة او اثنتين لاقناع ملايين المزارعين بتغيير اسلوب زراعتهم ونمطها، وهذه المهمة تقع بالدرجة الاولى على وزارة الزراعة ودوائرها المختلفة، بسبب الامكانيات والخبرات الفنية والعلمية المتوفرة لديها، ولكن مع الاسف ان معظم دوائر الارشاد الزراعي في المحافظات والتي يفترض ان تكون حلقة الوصل بين المزارعين وبين وزارة الزراعة والتي من خلالها يتم رعاية وتنمية الزراعة في العراق، وتوصيل احدث طرق طرق الزراعة والري والتي تناسب الاجواء في العراق، ولكن ليس لها ذلك الدور المؤثر على المزارعين، ومن المهم المساهمة في استكمال البنية التحتية اللازمة لتطوير الزراعة، فاضافة لتحسين التربة والمياه، من الواجب توفير الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل منظومات الري الحديثة. وكذلك المساهمة في توفير المخازن المبردة والملائمة لحفظ المنتجات وخاصة في المواسم التي تكون قمة في انتاج المحاصيل حيث يصبح المنتوج الزراعي اكثر بكثير من حاجة السوق المحلية الزراعية وتنخفض اسعارها بشكل كبير ويضطر المزارعون ببيع منتجاتهم بارخص الاثمان او جعلها علف للحيوانات او اتلافها في بعض الاحيان بدلا من خزنها لاوقات تتحسن فيها الاسعار، والتشجيع على اقامة الصناعات المعتمدة على الانتاج الزراعي والحيواني، والتوجيه والتشجيع بزراعة المحاصيل المقاومة للجفاف والملوحة. وهنالك حاجة ملحة لحملة وطنية تعمل على ارشاد المزارعين ومساعدتهم وتوعيتهم باهمية استخدام الطرق الحديثة في الري والزراعة، تساهم فيها نقابات الفلاحين والمجتمعات المدنية ودوائر الارشاد الزراعي ومراكز البحوث الزراعية والكليات والمعاهد والمدراس الزراعية ووسائل الاعلام المختلفة، وهي مهمة ليست بالسهلة او اليسيرة وخاصة انها تستهدف ملايين المزارعين وعوائلهم وتسعى لتغيير اسلوب عملهم ومصدر رزقهم، وقد تأخذ سنين من العمل الجاد والمضني كي يتم قطف ثمارها، وقد تشمل بعض الحلول وضع تسعيرة مدروسة بشكل جيد لمياه الري والتي تزيد عن حاجة الارض المروية باحدى الطرق الحديثة، لدفع المزارعين بتغيير اسلوب الري وتقليل الهدر الكبير في استخدام المياه.
ان ماتم استعراضه اعلاه لا يغني عن الحوار والمفاوضات الجادة والمستمرة مع دول الجوار وخاصة تركيا وايران، كي تزيد اطلاقاتها المائية في نهري دجلة والفرات وروافدها الاخرى ولضمان حقوق العراق المائية ولتوقيع اتفاقيات مع دول الجوارحول التقاسم العادل للمياه ما بين الاطراف المختلفة. اضافة لذلك فمن المهم زيادة واردات العراق المائية عن طريق حصاد الامطار ببناء السدود المختلفة على الوديان لحصر مياه الامطار للاستفادة منها للزراعة وادامة المراعي وسقي الماشية، اضافة الى ايجاد طرق مناسبة لحقن المياه الى المكامن الجوفية عندما تتحول مياه الامطار الى سيول وخاصة في شرق العراق، بدلا من ضياع هذه المياه، ولقد سعت دول مختلفة مثل الصين والهند والامارات باستمطار الغيوم لزيادة الموارد المائية، ويمكن للعراق الاستفادة من هذه التجارب وخاصة انها حققت نجاحات في هذه الدول وهنالك غيوم كثيرة في سماء العراق يمكن الاستفادة منها.
ومن المهم ملاحظه ان بعض التصريحات والمقترحات من قبل بعض الساسة والمسؤلين وحتى من الوزارات المختصة، حول بعض الحلول لمشكلة المياه والتي تدل على عدم الالمام الكافي بموضوع ازمة المياه ووضعهم لحلول غير قابلة للتطبيق او غير اقتصادية مما يعطي انطباعا مشوشا وغير صحيح لدى غالبية الجمهورالعراقي، فمما لاشك فيه انه لا حل لمشكلة المياه المالحة والخارجة من شبكة المياه سوى بالتحلية، الا ان التحلية يجب ان تكون للمياه الخارجة من محطات المياه والمجمعات المائية القائمة اصلا، لانها ارخص بكثير من تحليه مياه البحر والتي ينادي بها الكثيرون، وهي بعيدة عن التجمعات السكانية وتحتاج لكلف اضافية لنقل المياه لشبكات المياه. واما اصرار البعض على زيادة الاطلاقات المائية الى شط العرب لدفع اللسان البحري، فهو حل مؤقت لا يمكن الركون اليه، لانه سيستهلك رصيد المياه القليلة و المخزونه بالسدود وقد لا تكفي هذه المياه لدفع اللسان لمدة عام قادم، ومتى ما توقفت الاطلاقات المائية سيعاود اللسان البحري الصعود من جديد، ولا بديل عن السد المانع على شط العرب لحل هذه الاشكالية ولقد تأخرت وزارة الموارد المائية ومجلس محافظة البصرة كثيرا لتقرير هذا الامر والاتفاق على موقع مناسب للسد. وكان اغرب اقتراح من وزارة الموارد المائية وفي هذا الوقت الذي ينادي فيه الجميع بحل لمشكلة ملوحة المياه، هو عمل قناة مائية لتوصيل مياه الخليج المالحة اما لمنخفض الرزازة في كربلاء او منخفض بحر النجف، متناسين ان عمق بحيرة الرزازة هو 18 متر فوق مستوى سطح البحر واعلى مستوى له هو 38 متر فوق مستوى سطح البحر، واذا اردنا جعل عمق المياه في القناة 3 امتار فقط، عندئذ نحتاج اولا حفر قعر بحيرة الرزازة بعمق 21 متر، ويكون عمق هذه القناة الطويلة في منطقة كربلاء بحدود 41 متر، فهل لنا ان نتصور شكل هذه القناة العميقة جدا، وكيف يمكن صيانتها وما هو حال مياه البحر الراكدة فيها بعد فترة قصيرة، وتخريبها للمياه الجوفية، وما الغرض منها سوى ايصال قوارب او سفن صغيرة لكربلاء، وحتى في بحيرة النجف، إذ ان قعر بحيرة النجف هو بحدود 20 متر فوق سطح البحر، اي نحتاج لحفر البحيرة بعمق 23 متر لكي يمكن ايصال مياه البحر اليها، ثم نمد قناة لا يقل عمقها عن 23 متر باتجاه الخليج لايصال مياه مالحة للنجف تخرب كل شيئ في طريقها، ان دغدغة عواطف اهالي النجف وكربلاء المقدستين في هذا الوقت بمشاريع تخرب البيئة ولا مردود اقتصادي او سياحي فيها ولا يمكن تنفيذها، تعطي رسالة خاطئة للجمهور العراقي من قبل جهات ذات اختصاص.
ان مشكلة المياه في العراق تتطلب تنسيقا وعملا مشتركا بين وزارات ومؤسسات عديدة اضافة الى تعاون المواطنين وخاصة المزارعين منهم، وتشكيل سلطة للمياه امر ضروري لوضع استراتيجيه شاملة للسنوات المقبلة، والتنسيق ما بين الوزارات والادارات المختلفة وهي ليست بالمهمة السهلة والقابلة للتنفيذ من دون عوائق كبيرة، وهي اصعب بكثير من مشكلة الكهرباء والتي لم يتم حلها لحد الان، وتاثيرها السلبي كبير وعلى شريحة واسعة من العراقيين، وعلى الرغم من الابحاث والدراسات الكثيرة المطروحة حول ازمة المياه والحلول المقترحة بشأنها ومن جهات مختلفة كثيرة، الا ان جمهورا واسعا من العراقيين لا يزال يحتاج الى معرفة مسبباتها والمساهمة في كيفية انجاح بعض الحلول المطروحة، ونعتقد ان الحكومات المتعاقبة لم تأخذ بنظر الاعتبار اهمية وزارة الزراعة وضرورة مساهمتها في حل مشكلة المياه، او حتى تطوير الزراعة في العراق، فالمحزن ان وزراء الزراعة في العراق للسنوات الثماني الماضية لم يكونوا اصحاب اختصاص في اي من مجالات الزراعة لكي يضعوا بصماتهم على خطط واستراتيجيات الوزارة، فلقد انتقلنا من وزير حقوقي لا علاقة له بالزراعة الى مهندس مدني تولى وزارة الزراعة ولم نشهد له باي نشاط او مساهمة لا في ازمة المياه ولا في تنشيط الزراعة.
اكاديمي مقيم في الامارات .

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.