إذا اردت ان تعيش سعيدا صاحب يهوديا

jewpalastinekiss1

اول مرة سمعت بها كلمة يهودي كانت قبل سنوات من الان عندما كان عمري 16 عاما , وقتئذ عملت في احدى مطاعم بغداد اوصل الطعام الى المنازل , وقتها كانت كردستان منقطعة عن العالم ثقافيا سياسيا و عليها حصار اقتصادي من قبل نظام صدام حسين ,هذه الظروف دفعتني ان اقصد بغداد وقت العطلة الصيفية باحثا عن عمل و في الشتاء ارجع الى كردستان لمتابعة الدراسة .
كان هناك رجل يرتاد المطعم يناودنه باليهودي , من ورائه ينبزونه بالفاظ قبيحة مع انه كان محترما و مؤدبا و بشوشا مع الجميع لم يصدر منه اي سوء تجاه الاخرين .
بعدها سمعت الكثير عن اليهود من الناس و الاصدقاء و الجيران لم اجد احد ينعتهم بصفة جيدة , حتى الكتب التي قرعت بطونها لم اجد فيها صفة جيدة لليهود , و هذا ما اثار فضولي انا ابحث عن كتابهم التوراة و ابدا بقراءته لكن مع الاسف لم اعثر عليه في اي مكتبة او عند احد من الاشخاص الذين اعرفهم .
مع بداية عصر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعية و بصدفة محضة حالفني الحظ ان اتعرف على يهودي يعيش في اسرائيل و من حسن حظي انه كان من اصل كردي عاش فترة من طفولته و صباه في كردستان .
كنت ارهقه يوميا بالاسئلة و الاستفسارات المكومة عندي منذ زمن و كان يرد عليها برحابة صدر و عن طريقه تعرفت بيهود اخرين و بدات الاحظ و اسمع منهم اشياء غير الذي كنت القن عليه و اسمعه من الذين كانوا حولي .
عندما اتيت الى البلد الاوربي الذي اسكن فيه حاليا سكنت و استقريت في مدينة تسكنها مجاميع يهودية كبيرة و بعد فترة شاء القدر الجميل ان اتعرف على عائلة يهودية و من خلالها توطدت علاقتي مع يهود اخرين كتاب و صحفيين .
2
شخصيا تعلمت من اليهود الذين تعرفت عليهم قديما و حديثا امور فادتني في حياتي العملية كثيرا , عليه ليس مبالغة ان قلت اذا اردت ان تعيش سعيدا صاحب يهوديا , كيف لا و انت سوف تتعلم منهم سلوكيات قمة في الروعة , من الناحية الاخلاقية سوف تتعلم كيف تسيطر على نفسك و شهواتك و غرائزك , تتعلم ان تحترم نفسك و تحترم الاخرين و ان لا تسيء الى ذاتك و ذوات الاخرين , ان تحب نفسك و تقدرها و تحب الاخرين و تقدرهم , سوف تتعلم التركيز في دراستك و عملك , تتعلم كيف ان تركز في هدفك و تجتتهد نحو تحقيقه ولاتشغل بالك في مراقبة الناس و انت تراوح مكانك تلعن حظك و ظروفك , عندما تصاحب يهوديا سوف تبتعد عن توافه الامور و صغائرها و تتقن السعي نحو ما يفيدك و يفيد الاخرين .
3
العائلة اليهودية عندما ترزق بطفل تربيه من صغره على اهداف و قيم و مبادئ , تزرع فيه الثقة و تسهل الطريق امامه و ترفده بحنان و عطف و تجعله يعرف كيف يسير في درب حياته, لذلك لاترى يهوديا فاشلا في حياته , و حيثما دخل يهودي مدينة او بلدا بات سيدا فيها يسيطر عليها ثقافيا و فكريا و سياسيا و اقتصاديا ليعم الخير على هذا المكان , و لا حاجة ان اضرب امثلة جمة يكفي فقط ان تعرف ان تقدم اميركا و اوربا كان بسبب اليهود الذي عاشوا و يعيشون فيه , و في البلدان الشرقية اذا ما رجعنا الى كتب التاريخ نجد البلدان العربية و الاسلامية كانت في بحبوحة عيش من كافة النواحي عندما كان اليهود يقطنونها و مع خروجهم بدات الويلات تنصب على هذه البلدان .
في الدول الاوربية لا ترى شابا او شابة يهودية مهتمين بتوافه الامور , في حين ان الشاب المسلم و المسيحي مهتم في متابعة كرة القدم يدافع عن ناديه او منتخبه او يلهث وراء كاس خمرة او بنت ليل في الخمارات و الملاهي الليلة او على الشوارع , تجد اليهودي مهتما بالدراسة او بالاقتصاد او في هدف معين يفيد به نفسه و الاخرين , طبعا هنالك ايضا مبدعين و افذاذ من المسلمين و المسيحيين لكن مقارنة مع اليهود لا يكاد يذكر لهم شأن .
عزيزي القارئ هل سالت نفسك يوما لماذا اليهود متقدمون و مسيطرون على اقتصاد و سياسة و وسائل اعلام العالم لكن في مجال الغناء و الرقص و كرة القدم لا تكاد ترى لهم نتيجة تذكر مع العلم لو ارادوا لتقدموا في هذه المجالات ايضا ؟
4
الذي يعيش في دولة اوربية و يكون شاهد فيها يهودا من المؤكد انه لاحظ عدم اختلاطهم مع الناس , وعدم تجمعهم في مقاهي او بارات و لا تكاد تجد مكان ترفيه خاص باليهود باستثناء بعض المراكز الثقافية و بعض دور عبادة خاصة بهم , يعتبر الناس ان هذه عنصرية من اليهود و فوقية منهم على الاخرين , هؤلاء الناس مخطئون في ذلك لان اليهودي كما اسلفت الذكر مهتم بهدف رئيسي في حياته و لديه تركيز و تنظيم في ايام حياته لا وقت لديه لاحاديث جانبية او جلسات مقاهي او مطاردة البنات و الصبايا او معاقرة كؤوس الخمرة و هلما جرا من الامور الترفيهية الجانيية التي لا تنفع بشيء يذكر سوى منح شعور زائف مؤقت بالمتعة .
5
اذا صاحبت يهوديا سوق تتعلم منه كيف تحترم و تعتز بقيمك و تراثك و اصلك الى جانب احترام الاخرين, سوق تتعلم ان تتمسك بدينك و اخلاقك و سلوكياتك و ان لا تتعدى على الاخرين مهما خالفوك فكريا و ثقافيا و حضاريا .

لا ترى يهوديا يناقشك في صحة دينك او عرفك و عاداتك و لا تسمع منه كلمة سوء تجاه اي معتقد او دين او اي قومية او اي حضارة و هم باحترامهم لذاتهم يحترمون ذوات الاخرين , لا تجد يهوديا يطالبك ان تعتقد دينه او مذهبه و لا يطالبك ايضا ان تتخلى عن دينك و مذهبك , انظر الى داخل اسرائيل تجد فيها عشرات لا بل مئات المراكز الثقافية و الدينية و التراثية المختلفة تدعمها الحكومة و ترعاها , مع العلم ان معظم هذه المراكز لا تأتي و الفكر الاسرائيلي , لكن لا احد يعترض عليهم و حريتهم الدينية و الثقافية و التعبيرية محفوظة لجميع روادها .

صديقي القارئ اليهود ليسوا منغلقين او معقدين او عنصريين صداقهم و رفقتهم سهلة ما عليك سوى المبادرة في ابداء الاحترام لانسانيتهم هذا هو مفتاح قفل مرافقتهم . الحديث ذو شجون و له بقية في مقالات اخرى ان شاء القدر .

المصدر ايلاف

About مهدي مجيد عبدالله

مهدي مجيد عبدالله كاتب عراقي
This entry was posted in ربيع سوريا, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.