أوثانستان: عاصفة المناهج التربوية

مرّت، والحمد لله، وكغيرها من عواصف الفساد والتجاوزات والتشبيح وانتهاك القانون، عاصفة المناهج التربوية التي أطلقها نشطاء “فيسبوكيون” بهدوء، وبما “يُحمد” عقباه، وكانت برداً وسلاماً على الطاقم واللجنة الوزارية التي أشرفت على إعداد تلك المناهج الكاراكوزية الإشكالية وطباعتها وتسويقها مدرسياً.
فقد أثارت بعض محتويات، وما رشح من هذه المناهج عاصفة هوجاء من الاحتجاجات والانتقادات نظراً، أولاً، لمحتواها الإيديولوجي المحافظ أو “الداعشي” كما أطلقوا عليه، أو لجهة استمرار عملية برمجة العقول والسطول عليها وغسل مخاخ أولئك الأطفال الأبرياء ووضعها في النهاية في خدمة فكر وإيديولوجية أوثانستان الكبرى، أو نظراً لإقحام أسماء بعض الشعراء “الثوار” (الدواعش)، والكتاب ممن كان لهم باع طولى في دمار سوريا وصل حد التورط بالدم السوري والدعوة لقتل الشعب وإطاحة نظام الحكم وكل تلك السلة العريضة التي كنا نسمعها من مطالب تعجيزية ومواقف طوباوية و”أمور” لا تصدق كان “الثوار” يرفعونها في بداية الحرب العدوانية الأطلسية –التركية- العربية (الخليجية إلى حد كبير على سوريا) وما تركه ذاك من إحباط وأسى وخيبة أمل في صفوف تيار وطني عريض وعظيم وقف بكل جوارحه وعقله وقلبه مع جيشنا البطل ورموزه الشرعية ولاقى ما لاقاه من نكران وتجاهل واستخفاف من قبل دواعش الدولة البعثية الإخوانية العميقة الذين يقبضون على كل مفصل فيها ويتحكمون بلقمة عيش وخبز ودواء هؤلاء الشرفاء.
وقد حملت الصفحات “الوطنية”، الموالية منها على الأخص، عتباً شديداً ولوماً قاسياً وتجريحياً بحق الطاقم الوزاري، والقائمين على إعداد المناهج، فاضحين ما وصفوه “دعوشة” للمناهج، واعتبروه نصراً ثقافياً وتربوياً لـ”الثورة” وأهدافها، ما أفقد الانتصارات العسكرية للجيش السوري الوطني الباسل البطل، كل وهج وبريق وأهمية على الصعيد الوطني الداخلي. وكان إقحام مادة التربية الدينية لطلاب الصف الأول الابتدائي انتصاراً كبيرا لـ”دواعش الداخل”، كما كتب احدهم على حسابه الشخصي ونـُقل عن كثيرين، غير أن ذروة العاصفة وصلت حد الاتهام بـ”الخيانة العظمي” للطاقم الوزاري ولجنة الإعداد، عندما أظهرت بعض الصور المأخوذة من المناهج صوراً لسوريا من دون الجولان السوري المحتل و العزيز على قلب كل وطني سوري، وشطب اللواء السليب من الخارطة، وهذه حقيقة، سابقة لا يمكن تبريرها أو القفز فوقها، من لجنة وطاقم وزاري ينبغي أن تتوفر فيه أبسط أبجديات المعرفة والثقافة الوطنية والانتماء وحب الوطن والغيرة عليه وعلى كل ذرة تراب فيه، ومراعاة كل الحساسيات الوطنية والأخلاقية التي ضربت بالصميم.
لم ينفع تبرير الوزير في مقابلاته الإعلامية، ولا في إجلاسه تحت قبة مجلس الشعب من تهدئة روع ومخاوف وغضب النشطاء، الذين لم يقبلوا بأقل من محاكمته بتهمة الخيانة العظمى، غير أن هذا كله لم يجد آذانا صاغية لا في دوائر الحكومة التي بدت غائبة عن هذه المعمعة، ولا في مجلس الشعب الذي بدا شبه عاجز وضعيف في اتخاذ أي قرار قوي وجريء يمكن أن يعيد السكون لجحافل الغاضبين.
وبغض النظر عن العاصفة وتداعياتها وآثارها النفسية القاتلة على جموع “الموالاة” وما أصيبوا به من خيبة أمل وانتكاسة بعد نضالهم العنيد والمرير ووقوفهم بشغف وحماس في صف الوطن والجيش ليواجهوا بتلك المخرجات التربوية الفظيعة والمروعة والتي لا يمكن وصفها أو تقبلها أن تخرج من كادر حكومي، فقد أظهرت حقائق مرعبة من أهمها استمرار نهج الفساد المدمر حيث تمت طباعة المناهج خارج سوريا وبكل ما في ذلك من تلاعب وسمسرة وتزوير وعمولات ووو باتت معروفاً للسوري البسيط، مع استهتار الإدارة الحكومية وتوابعها وأجهزتها بإرادة ومزاج الجمهور، واستكمال استخفافها التاريخي المعهود والمعروف بالرأي العام وكأن شيئاً لم يكن وكأنك يا “بو زيد ما غزيت”، كما يقال. الأهم غياب الآليات الرقابية الصارمة والرادعة عن الجهاز الإداري الحكومي الذي يبدو وأنه يتصرف على الدوام كسلطة مطلقة لا تسأل ومن دون إيلاء أية أهمية لأدنى الاعتبارات الوطنية والمجتمعية وحتى الأخلاقية، أحياناً، ويضرب بها عرض الحائط كلها، مع أصحابها وأصواتها النقدية وشخوصها النخبوية الوطنية، بنزق واستعلاء وعنجهية وغرور غريب، وتعمد تجاهلها وعدم الأخذ بملاحظاتها أو النظر لها بأدنى اعتبار واحترام واهتمام وهي “سنة” حكومية قديمة لم تغير ضراوة ومأساوية الحدث السوري في فطرتها وطبيعتها من شيء. غير أن استشراء الجهل المعرفي واستفحال الأمية السياسية في أوساط الكوادر الحكومية، ولجنة تربوية معتمدة على أعلى المستويات، الذي أظهر فقرها وبؤسها وضحالة وتواضع أدائها وخبراتها ومعارفها وانعدام التكنوقراط المؤهلين ذوي السمعة الوطنية والعالمية في صفوفها، ونزوع النخب السلطوية التي تقبض على القرار واصطفافها التاريخي جانب التيارات اليمينية السلفية المحافظة، التي أنتجت جانباً من الكارثة السورية، واستمرار خطابها الخشبي والنوستالجي المتواضع والمضحك أحيانا تحالفها العضوي معها وهو أهم ما يمكن استخلاصه من هذه العاصفة التي ما إن تهدأ حتى تأتي عاصفة أخرى، بغير وجه ولون وشكل، ستقابل، كما العهد دائماً، بذات القدر من اللامبالاة والاستخفاف والاستهتار.

About نضال نعيسة

السيرة الذاتية الاسم عايش بلا أمان تاريخ ومكان الولادة: في غرة حقب الظلام العربي الطويل، في الأراضي الواقعة بين المحيط والخليج. المهنة بلا عمل ولا أمل ولا آفاق الجنسية مجرد من الجنسية ومحروم من الحقوق المدنية الهوايات: المشاغبة واللعب بأعصاب الأنظمة والجري وراء اللقمة المخزية من مكان لمكان الحالة الاجتماعية عاشق متيم ومرتبط بهذه الأرض الطيبة منذ الأزل وله 300 مليون من الأبناء والأحفاد موزعين على 22 سجناً. السكن الحالي : زنزانة منفردة- سجن الشعب العربي الكبير اللغات التي يتقنها: الفولتيرية والتنويرية والخطاب الإنساني النبيل. الشهادات والمؤهلات: خريج إصلاحيات الأمن العربية حيث أوفد إلى هناك عدة مرات. لديه "شهادات" كثيرة على العهر العربي، ويتمتع بدماغ "تنح"، ولسان طويل وسليط والعياذ بالله. ويحمل أيضاً شهادات سوء سلوك ضد الأنظمة بدرجة شرف، موقعة من جميع أجهزة المخابرات العربية ومصدّقة من الجامعة العربية. شهادات فقر حال وتعتير وتطعيم ولقاح ناجح ضد الفساد. وعدة شهادات طرد من الخدمة من مؤسسات الفساد والبغي والدعارة الثقافية العربية. خبرة واسعة بالمعتقلات العربية، ومعرفة تامة بأماكنها. من أصحاب "السوابق" الفكرية والجنح الثقافية، وارتكب عدة جرائم طعن بشرف الأنظمة، وممنوع من دخول جميع إمارات الظلام في المنظومة البدوية، حتى جيبوتي، وجمهورية أرض الصومال، لارتكابه جناية التشهير المتعمد بمنظومة الدمار والإذلال والإفقار الشامل. يعاني منذ ولادته من فقر مزمن، وعسر هضم لأي كلام، وداء عضال ومشكلة دماغية مستفحلة في رفض تقبل الأساطير والخرافات والترهات وخزعبلات وزعبرات العربان. سيء الظن بالأنظمة البدوية ومتوجس من برامجها اللا إنسانية وطموحاتها الإمبريالية البدوية الخالدة. مسجل خطر في معظم سجلات "الأجهزة" إياها، ومعروف من قبل معظم جنرالات الأمن العرب، ووزراء داخلية الجامعة العربية الأبرار. شارك سابقاً بعدة محاولات انقلابية فاشلة ضد الأفكار البالية- وعضو في منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان. خضع لعدة دورات تدريبية فاشلة لغسل الدماغ والتطهير الثقافي في وزارات التربية والثقافة العربية، وتخرج منها بدرجة سيء جدا و"مغضوب عليه" ومن الضالين. حاز على وسام البرغل، بعد أن فشل في الحصول على وسام "الأرز" تبع 14 آذار. ونال ميدالية الاعتقال التعسفي تقديراً لمؤلفاته وآرائه، وأوقف عدة مرات على ذمة قضايا فكرية "فاضحة" للأنظمة. مرشح حالياً للاعتقال والسجن والنفي والإبعاد ولعن "السنسفيل" والمسح بالوحل والتراب في أي لحظة. وجهت له عدة مرات تهم مفارقة الجماعة، والخروج على الطاعة وفكر القطيع. حائز، وبعد كد وجد، وكل الحمد والشكر لله، على عدة فتاوي تكفيرية ونال عشرات التهديدات بالقتل والموت من أرقى وأكبر المؤسسات التكفيرية البدوية في الشرق الأوسط السفيه، واستلم جائزة الدولة "التهديدية" أكثر من مرة.. محكوم بالنفي والإبعاد المؤبد من إعلام التجهيل الشامل والتطهير الثقافي الذي يملكه أصحاب الجلالة والسمو والمعالي والفخامة والقداسة والنيافة والعظمة والأبهة والمهابة والخواجات واللوردات وبياعي الكلام. عديم الخبرة في اختصاصات اللف والتزلف والدوران و"الكولكة" والنصب والاحتيال، ولا يملك أية خبرات أو شهادات في هذا المجال. المهام والمسؤوليات والأعمال التي قام بها: واعظ لهذه الشعوب المنكوبة، وناقد لحياتها، وعامل مياوم على تنقية شوائبها الفكرية، وفرّاش للأمنيات والأحلام. جراح اختصاصي من جامعة فولتير للتشريح الدماغي وتنظير وتشخيص الخلايا التالفة والمعطوبة والمسرطنة بالفيروسات البدوية الفتاكة، وزرع خلايا جديدة بدلاً عنها. مصاب بشذوذ فكري واضح، وعلى عكس منظومته البدوية، ألا وهو التطلع الدائم للأمام والعيش في المستقل وعدم النظر والتطلع "للخلف والوراء". البلدان التي زارها واطلع عليها: جهنم الحمراء، وراح أكثر من مرة ستين ألف داهية، وشاهد بأم عينيه نجوم الظهر آلاف المرات، ويلف ويدور بشكل منتظم بهذه المتاهة العربية الواسعة. مثل أمته الخالدة بلا تاريخ "مشرف"، وبلا حاضر، ولا مستقبل، وكل الحمد والشكر لله. العنوان الدائم للاتصال: إمارات القهر والعهر والفقر المسماة دولاً العربية، شارع السيرك العربي الكبير، نفق الظلام الطويل، أول عصفورية على اليد اليمين.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.