أسابيع حاسمة في سوريا

النهار اللبنانية

فيما ينكشف يوما بعد يوم ضعف النظام في سوريا في المواجهة مع الثورة، من خلال الوقائع الميدانية، ومحدودية تقدمه السابق في بعض المناطق، يجد “حزب الله” المتورط في دماء السوريين حتى الرأس نفسه يخسر في السياسة لبنانيا، الى درجة ان تورطه في سوريا دفع بالاطراف الذين كانوا يمنحونه شيئا من التغطية اللبنانية الى الحياد عنه بشكل متزايد، لا بل ان البعض مثل الرئيس ميشال سليمان ذهب بعيدا في سحب تغطية اعلى مرجعية في الدولة من “حزب الله” بالمواقف التي عبر عنها خلال خطابه في عيد الجيش، ومضمونها الفعلي ان سلاح “حزب الله” بالنسبة الى الرئاسة الاولى هو خارج الشرعية، وان ثلاثية “الجيش الشعب والمقاومة” انتهت، التوجه هو لتشكيل حكومة حيادية لا يكون “حزب الله” فيها. لنعد اولا الى سوريا: تُظهر التطورات الميدانية الاخيرة في الشمال السوري، وفي ريف اللاذقية ان النظام فقد المبادرة نهائيا في منطقة حلب ومحيطها، وان ما تبقى من احياء في قبضة جيش النظام سرعان ما سيسقط، في حين ان القرى الشيعية المحاذية لحلب والتي يتمركز فيها “حزب الله” آيلة الى السقوط ايضا، واستتباعا فإن ما تبقى من مناطق في محافظة ادلب سيواجه المصير نفسه. ولعل “الطحشة” العسكرية في اتجاه معقل آل الاسد في جبال العلويين وسقوط احدى عشرة قرية علوية بيد الثوار، ما يشي بأنها، وان لم تكن حاسمة اليوم، فإن مفاعيلها المعنوية على بيئة بشار الاسد وبطانته دراماتيكية. فضلا عن أن آخر الارقام المتداولة في الاوساط المقربة من النظام تشير الى ان الطائفة العلوية فقدت نحو اربعين الفا من ابنائها منذ انطلاق الثورة في آذار ٢٠١١. وهذا رقم كبير اذا ما قورن بحجم الطائفة العددي، وباللاوعي الاقلوي الذي يتحكم بها في هذه المرحلة.

في درعا تحضيرات لهجوم في المرحلة القريبة، وفي دمشق ثبات للثوار في جميع المواقع التي بلغوها. ومن هنا تقاطع التقديرات حول محدودية أي تقدم أحرزه النظام أو يمكن أن يحرزه مع معونة “حزب الله” أو بدونها. فهل ثمة تطورات دراماتيكية مرتقبة في الاسابيع القليلة المقبلة؟ هذا متوقع أكثر من أي وقت مضى.

ماذا عن “حزب الله”؟ شخصية سياسية عربية رفيعة المستوى التقيتها في باريس أخيرا قالت لي: “حزب الله ضخم قياسا على الواقع اللبناني، اما في سوريا فهو قزم. مهما حقق من نتائج في بعض المناطق فهي محدودة لا تؤثر في المآل النهائي للمعركة الذي حسمته قوانين الديموغرافيا السورية. من هنا اقول لك “حزب الله” لا يملك ان يحمل الواقع السوري برمته على كتفيه”.

بالامس نصح النائب وليد جنبلاط الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بالانسحاب من سوريا لان العد العكسي لسقوط النظام قد بدأ، ولوّح بالانضمام الى المطالبين بحكومة امر واقع حيادية. ألا يعكس موقف جنبلاط قراءة لتبدل في المعطى اللبناني: “حزب الله” بعد التورط في سوريا غير “حزب الله” قبله؟ لننتظر ونرَ…

About علي حماده

كاتب صحفي ومحلل سياسي لبناني النهار اللبنانية
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.