أحتاج إلى صورتي فيك

MAlaaeddin Abdolmoulafrancic2
ما حاجتي لصورتك الآن؟ أحتاج إلى صورتي فيك. ما حاجتي لأضيف ما لا يفيد ولا يجدي، أنا الذي ينقصني رثائي لا أنت. ولن أعتني بكلماتي ترفاً وإنما لأخفي تصدعي وراء بنائها كما أفعل في العادة. أنا الآن الذي خسرت جزءا من الإنسانية في داخلي. شيئا من الأخلاق. وقعت أكثر في طين الحيرة البشري. أحتاج أن أختفي وأضمر وأتلاشى بينما جدران مدينتي الآن تنتحب عليك وفقراء الله يغصّون وهم يتابعون خفة روحك ترقى السماء.
أحتاج أن أمحو اسمي من خريطة حمص، أحتاج أن أصاب بزلزال ينقذني من الفساد الروحي العامر. أحتاج أن أنسى القصائد التي قرأتُها وأنت تصغي بابتسامتك الرحمانية الرحيمة. تركتنا نتغنى في فضاء الدير بجسد المرأة وشهواتنا كما لو أننا في ملكوت الحرية بألوان رغباتنا. أحتاج أن أزيل آثار أصابعك الطرية من أصابعي حتى لا تذكرني بجبني وضعفي، ولا تذكرني بقوة الله فيك. أحتاج أن أرمي نفسي في نهرِ عاصٍ غريب تنتحرُ فيه الأجراسُ وتتّشح الظلال بالأسود اليتيم. كم مرة دخلنا ديرك فدخلنا في رحمة قلبك وبهاء تواضعك الذي تكاد من ورائه لا تُعرف؟
منّا من نسي أن يشكرك بعد الأمسية أو المسرحية أو المعرض… منّا من نسي أن يسلم عليك في نهاية اللقاء. ولكننا حين نعود إلى بيوتنا نراك هناك تفتح لنا الباب وتسلم علينا معتذرا.
ما جدوى الكلام وأنت لا تعرف ما نقول عنك؟ أم تراها الروح فعلا باقية وتزورنا وتحمل لك سلامنا وخجلنا ورثاءنا التافه؟
بعد أيام سيأتي عيد الفصح يا أبت… فهل لك يوم ثالثٌ تقوم فيه؟ بعد أيام سيشعر أيتام الملكوت باليتم أكثر في غياب صباحكَ المبخّر بالإنسان. بعد أيام ستنزف عناقيد (الأرض) دماً كونيّا سورياً إلهيّا بينما جسدكَ يلتصق بكرمة المعلم وقمحه. بعد أيام سينسى الجميع القاتلَ، والمستقبلَ، وترجع دورة الحياة إلى بلادتها الدموية وخرائبها السريعة. ماذا كنت تريد يا أبت؟ لماذا لم تغادر أرض الدم والقتل والطغيان؟ هل لتحمّلنا أكثرَ حقيقة سقوطنا ونفاقنا؟ بإشارة من عينك كان يمكن أن تنجو… ولكنك ابتسمت لنا وعتبت علينا: لمن أتركُ الله يا أبنائي؟… لقد تركوه وباعوه واشتروه بثمن بخسٍ يا أبت. فخذ الإله في تابوتكَ وأنقذنا منه لأننا لا يليق بنا غير الشيطان…
خذ الأمل معك يا أبت فلا يليق بنا إلا الاجترار. لا نعتذر منك ولا لكَ، لن نفعل شيئا مجدياً. فنحن أقلّ شأنا من الحقّ… خذ الحقّ والخير والجمال يا أبت… لقد اكتملت كارثة وطننا منذ زمن. لم نكن نتتظر استشهادك لنعرف أننا فقدنا الغد. ولكنك الآن أكملت علينا نعمتكَ… ورضيتَ لنا الألمَ والصلبَ… وسوريا.

علاء الدين عبد المولى

About الأرقش

كاتب وطيبيب سوري يعيش بأميركا
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.