آه ياعراق ستكون في متحف التاريخ الطبيعي قريبا

محمد الرديني

في هذا العالم تجد بين الحين والآخر شرفاء يفضحون اللصوص وتجّار الحروب وممارسي القتل بابشع الاسلحة.. وتجد بالمقابل ان هناك حكومات وقادة يتمشدقون بشتى انواع الشعارات الوطنية التي لايبللها المطر ومادروا ان الشرفاء هم الذين يبقون في ذاكرة الناس وقلوبهم.
الذي يشاهد هذا الفلم سيصاب بالرعب من الوضع الصحي والبيئي بالعراق.
انه فلم الماني مترجم للعربية يستعرض عبر مجموعة من العلماء الالمان الغبار القاتل الذي استعملته اميركا في العراق.. كما يستعرض اطباء المان المؤامرة امريكية لأبادة العراقيين.
الرابط هو :
http://www.youtube.com/watch?v=NbcxaLcHpyo
انها جرائم مفضوحة ضد هذا الشعب المذبوح من الوريد الى الوريد والذي كذبوا عليه واقنعوه انه السبب في قتل آل البيت وهو منه براء فاخذ يلطم ويصرخ ويشج الرأس ويركض من طويريج ويعفر رأسه بالتراب ويبكي طول الليل واناء النهار.
هناك جريمة افظع من جرائم الغزو الامريكي للعراق، بالتأكيد هي ليست البحث عن اسلحة الدمار الشامل ولا جلب الاسلحة اياها لتدمير العراق بل هناك ماهو افظع.. هذا الصمت المطبق لهذه الحكومة المهترئة عن كل الذي حدث ويحدث لهذا الشعب المغلوب الذي غلّفوا اجواؤه وغذاؤه وملابسه وكل شيء يستعمله في حياته اليومية باليورانيوم المخصب.
كلهم جبناء ولا استثني احدا،فهم مشغولون باصدار قوانين تخصهم وحدهم ويجنون منها ما يريدون حاسبين كم عدد الدولارات التي تتسلل الى جيوبهم وبعضهم الآخر لاه بالتسكع بين القنوات الفضائية ليحدثهم عن التجربة الفذة للديمقراطية بالعراق وعلى دول الجوار ان تحذو حذوه.
اقسم لكم اني لست متشائما ولا اميل الى السوداوية فيما اقول ولكن الذي يرى هذا الفيلم، والذي لايشك احد في مصداقيته، سيصل الى قناعة بان العراق بات قريبا من حفرة الابادة التي تعتبر المقابر الجماعية في ارضه نقطة في بحر.
لا اريد ان الصق قناعاتي في اذهانكم ولكني ،اذا سمحتم، سأسجل مادار بذهني بعد مشاهدة هذا الفيل المرعب بمعلوماته.
بدءا اتمنى من السيد الوقور يوسف القرضاوي الذي بارك ومايزال خطوات الناتو في ليبيا وتونس والبوسنة والهرسك وافغانستان واخيرا العراق ان يشاهد هذا الفيلم ولو بقيت له ذرة من ضمير اسلامي لأعلن على الملأ صرخة احتجاجية ضد الحلف وفي مقدمته امريكا.
وطننا ايها السادة ،اذا لم نسارع ونلم انفسنا، سيكون مهيأ الان للتفتيت والتقسيم والخراب اكثر من أي وقت مضى.. البعض يستعد الان لفحص صلاحية جواز سفره التابع لدولة الكفار والبعض الآخر ملّ من هذه الحياة وابدى استعداده للقيام بأي عمل من اجل ان يحس انه يعيش على هذه الارض ( الانتحار او الاعتزال من هذه الحياة)، والبعض تفنن في القتل واستعمال كاتم الصوت وهذا البعض تهيأ منذ زمن بعيد للحظة الحاسمة.. لحظة العبث بارواح الناس، ولا ننسى هناك 7 ملايين عراقي تحت خط الفقر ،عدا اكثر من 3 ملايين مراهق لايجدون ومضة امل في مستقبلهم يندرج معهم الآف الخريجين الذين يعرفون الان كيف يحصلوا على الاسترخاء من حبوب بيضاء وصفراء تصلهم باسعار رخيصة من دول الجوار.
شرارة الارهاب بدأت تشتعل بقوة هذه الايام في المدن العراقية (النجف نموذجا ويروح ضحيتها شخص واحد على الاقل كل يوم).
ان دول الدولار تنتظر بيان رقم 1 لتقضي على البقية الباقية من شعبنا بعد ان انتهوا تماما من اغتيال وتشريد العلماء والاكاديميين والشرفاء من القضاة والعسكريين.
حلف الناتو وبالتعاون مع قوى داخلية وخارجية نفّذ برنامجه الخاص في التفتيت وقدمّه على طبق من ذهب الى امراء الحرب وهو بانتظار الاوامر العليا لتنفيذ الضربة القاضية.
عراقنا سيضيع ايها السادة اذا لم ندرك مانحن فيه.. حكومتنا صارت مثل “بلاّع الموس” همها تشتري الاسلحة من العدو الذي دمر شعبها مع سبق الاصرار.. حكومتنا لاتستحي من شعبها ولكنها تقف خجولة مثل العروس في ليلة الدخلة امام اعضاء حلف الناتو.. حكوماتنا التي لاتستطيع ان تمد الناس بالكهرباء والماء الصالح للشرب لايمكن لها ان تقفز فوق التاريخ وتكون استثناءا .. حكومتنا قرأت بالتأكيد خبر قرار الحكومة البريطانية التي وضعت الشركة التي ورّدت السونار لوزارة الداخلية العراقية في اللائحة السوداء لاكتشافها عدم صلاحية هذه الاجهزة بينما حكومتنا لم تبد اي اهتمام وكأن هذا السونار يستعمل في هضبة التبت.
هناك قوى تريد ان تضع شعب العراق في متحف التاريخ الطبيعي والشروط كلها مهيأة لذلك.
فاصل مسباري: حقق العلماء في بلدان الكفار طفرة علمية هامة حين استطاعوا ان يضعوا مسبار كيوريوسيتي على المريخ حيث استطاع ان يتحرك فوقه بسهولة.. انهم فقط يريدون ان يعرفوا اذا كانت علامات للحياة فيه.. وحين سمع احبابنا رجال الدين بالخبر ضحكوا كثيرا ومسدّوا لحاهم وفركوا اسنانهم بالمسواك وقال كبيرهم: شنو يعني .. نحن ايضا لدينا مسبار ولكن بنقطة اضافية على الباء.
وهذا هو الرابط:
http://www.bbc.co.uk/arabic/multimedia/2012/08/120823_curiosity_mars_movement_.shtml

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.