هل يسوع المسيح شخصية تاريخية حقيقية ؟

الجزء

شيخ مسلم يعترف ان المسيح هو الله

1
يسوع المسيح من أهم الشخصيات التاريخية أهمية في تاريخ البشرية . وهو الشخصية المحورية في واحدة من أكبر الديانات في العالم وهي المسيحية . كما يحضى بأحترام وتوقير في الديانة الإسلامية .
من هو يسوع الناصري، هل هو شخصية حقيقة ام اسطورية ؟
هل اعطت الأناجيل صورة صادقة وحقيقية عن حياة يسوع و تعاليمه ؟
ما جاء بالأناجيل يؤمن به كل المسيحيين ويتبعون تعاليم يسوع المسيح . لكن مع هذا هناك جدل كبير بين المفكرين والمؤرخين و الكتاب حول حقيقة وجود المسيح كشخصية حقيقية ، فكل فريق منهم له أفكار و تصورات حول شخصية المسيح . حيث وجد عدد من المشككين بحقيقة يسوع التاريخية .
في العقيدة المسيحية، يسوع هو كلمة الله المتجسد، حل فيه روح الله القدوس وصار إنسانا ليظهر مجد الله ويُري معجزاته وينقل كلامه الى الناس. و هو ابن الله بالروح والإنتساب الإلهي الى الله كإقنوم ثاني من الثالوث . ويسوع المسيح متساو مع الله في الجوهر .
لكن الإسلام والبهائية والأحمدية لا ينظرون له سوى أنه رسول الله بعث لليهود وبقية البشر كما كلف محمد وموسى بتبليغ رسالة سماوية للناس . بينما يعتقد آخرون أن المسيح مجرد خيال وهمي وإسطورة ، ويعتقد البعض أنه إنسان حكيم يحمل تعاليم سامية لبني البشر مثل بوذا، ويتناسون المعجزات الخارقة التي عملها في حياته امام جموع كبيرة من الناس في وضح النهار .
ما هي الحقيقة ؟
لمعرفة حقيقة يسوع المسيح التاريخية، علينا رصد المراجع التاريخية المهمة ونستخلص منها حقيقة يسوع المسيح وأكثرها تأثيرا .

هل المسيح شخصية تاريخية ، وكيف يمكن لنا معرفة ذلك ؟
اذا كان المسيح قد عاش بالفعل في زمن ما، فمن كان وماذا كان يعلّم، وما هي رسالته وتعاليمه؟
ما هي المصادر الموثوقة والدلائل المهمة لدراسة الشخصية الحقيقة ليسوع المسيح ؟
وما هي الآثار المحسوسة التي تركها الشخص المقصود، او المنزل الذي الذي سكن فيه، او نصوص كتبها بنفسه او ما شابه ذلك ؟
في حالة عدم وجود تلك الأدلة المباشرة المحسوسة، علينا الإعتماد على مصادر ثانوية معاصرة له أتت مباشرة من حياته الشخصية كشهود عيان كتبوا او تحدثوا عنه، او القصص والحكايات التي رواها اشخاص مقربون منه او معاصرون له . كلما زاد عدد هذه المصادر وتوفرت مصادر هذه الأحداث، كلما ارتفع مستوى مصداقيتها. لكن في حالة تعذر الحصول على هذا النوع من المصادر، يجب الإعتماد على المصادر المكتوبة قدر المستطاع من الفترة الأقرب زمنيا من الأحداث مثل القرآن الذي ذكر بعض الأمور عن المسيح الذي ابدل اسمه الى عيسى لأنه الأقرب زمنيا لفترة وجود المسيح في الحياة الأرضية بعد ستمائة عام من ولادة المسيح. ويجب ان تكون تلك المصادر محايدة وغير منحازة قدر المستطاع (غير مسيحية)، إذا عثرنا على تلك المصادر الغير مسيحية تتحدث عن المسيح بصدق وبغير تحريف لغاية ما، ستعتبر أكثر موثوقية من المصادر المسيحية التي يمكن ان تكون منحازة.
ماذا لدينا من مصادر عن حياة يسوع المسيح ؟
يدعي البعض انه لم يتم العثور على آثار اركيولوجية (آثارية) تدل على حياة المسيح، لكن في الحقيقة توجد آثار كثيرة في مدن فلسطين تشير الى مراحل من حياة المسيح، ففي مدينة بيت لحم بنيت كنيسة المهد في المكان الذي ولد فيه المسيح . كما توجد في القدس كنيسة القيامة التي بنيت فوق القبر الذي دفن فيه السيد المسيح ثلاثة أيام وقام بعدها من الموت . وهناك الى اليوم بستان الزيتون الذي كان يجتمع فيه يسوع مع تلاميذه وخاصة في ليلة القيض عليه من قبل الرومان . وهناك في مدن فلسطين المئات من الأماكن المعروفة التي مر بها المسيح مثل طريق الآلام الذي سار به المسيح حاملا صليبه في طريقه الى الصلب خارج المدينة وقرب جبل الجلجثة .
كما عثرت القديسة هيلانة والدة الأمبراطور قسطنطين التي آمنت بالمسيح بعد شفائها باسم المسيح من مرضها في رحلة زيارتها لفلسطين. عثرت على خشبة الصليب الحقيقية التي صلب عليها المسيح بعد ان وضع عليها جثة رجل ميت ، فتحرك جسده . فكان دليلا على حقيقة صليب المسيح من بين الصلبان الثلاث التي كانت في موضع الصلب.
هل هناك الحاجة الى المزيد من هذه الأدلة لتثبت حقيقة وجود المسيح تاريخيا وآثاريا في المدن التي عاش فيها؟
ومع ذلك لا يزال بعض المشككين بشخصية المسيح يدّعون ان المسيح هو شخصية من اختلاق الكتاب المسيحيين لغرض الطعن في المسيحية .
لكن اكثر الكتاب والمفكرين يعتقدون أن المسيح كان شخصية حقيقية لا غبار عليها لكثرة الأدلة المتوفرة التي تثبت وجوده وحياته وتعاليمه السامية التي يؤمن بها ملايين الناس حول العالم . يؤمنون انه عاش في فلسطين في القرن الأول ومن تأثيره القوي في التاريخ ان ولادته قسمت التاريخ الى نصفين، فقد صنفت كل الأحداث في العالم تاريخيا الى ما قبل الميلاد وما بعد ميلاد المسيح . وهذا اقوى الأدلة على وجود شخصية المسيح حقيقة.
العالم اليوم يعيش في القرن الواحد والعشرين بعد ميلاد المسيح . و الآن يعتمد البشر جميعهم التاريخ الميلادي في كافة مراسلاتهم اليومية. فإن كان المسيح شخصية اسطورية فكيف يعتمد العالم على تاريخ اسطوري لا وجود له و بداية لتاريخ وهمي يسيرون عليه الى اليوم منذ ما يزيد عن الفي عام ؟
من الأدلة التاريخية على وجود شخصية السيد المسيح، العثور في سجلات روما القديمة على الوثيقة التاريخية للأمر الرسمي الذي اصدره حاكم القدس بيلاطس البنطي بإلحكم على يسوع المسيح بالإعدام صلبا، ضمن الأوامر التي يرسلها حكام الولايات الى عاصمة الإمبراطورية للتوثيق الرسمي . وهذه الوثيقة محفوظة في متحف الفاتيكان في روما .
تعتبر الأناجيل الأربعة التي كتبها تلاميذ يسوع المسيح الذين عاشوا معه حتى صلبه وموته وصعوده للسماء وسمعوا تعاليمه وشاهدوا بعيونهم معجزاته الخارقة في شفاء المرضى واحياء الموتى، وثائق تاريخية وكتب مقدسة، كتبت بعضها في اواخر القرن الأول الميلادي، وبعضها في بداية القرن الثاني . وثق التلاميذ وتلاميذ التلاميذ والمؤمنون بالمسيح مثل بولس الرسول ويعقوب وغيرهم مشاهداتهم في هذه الأناجيل بالتواريخ واسماء الأماكن والشخصيات والأزمنة التي وقعت فيها الأحداث بكل دقة . وتسمى اخبار العهد الجديد او البشرى السارة .
من أقدم تلك الوثائق رسائل بولس كتبها حوالي عام 50 ميلادي وارسلها الى المسيحيين في مدن اسيا الوسطى واليونان وروما لتثبيت ايمانهم بالمسيح ونشر المسيحية . وهذه الرسائل كتبت في زمن قريب من حياة يسوع المسيح .وقد دفع بولس حياته في روما الوثنية ثمنا للأيمان بالمسيح ونشر تعاليمه . فهل كان هذا من الخيال الإسطوري ايضا ؟
يعتبر إنجيل مرقس أقدم الأناجيل حيث كتب عام 70 ميلادي، ومرقس هو ابن اخت اكبر تلاميذ المسيح وهو بطرس الذي اوكله يسوع بتأسيس الكنيسة الأولى التي تضم جماعة المؤمنين بالمسيح والتبشير به ونشر تعاليمه في أنحاء العالم بين اليهود والأمم الأخرى الغير يهودية . وقد انتقل بطرس الى مدن تركيا واليونان وروما للتبشير بالمسيح ونشر تعاليم المسيحية حتى دفع حياته ثمنا لجهاده المقدس على ايدي السلطات الرومانية الوثنية. كما استشهد مئات الالاف من المؤمنين المسيحيين بطرق بشعة حرقا وصلبا و تقديمهم طعاما للوحوش المفترسة لكنهم كانوا يقدموا للموت فرحين لقوة إيمانهم بالمسيح وانتظارهم للفوز بملكوت الله في الحياة الأبدية . فهل كل هذه الأحداث الموثقة تاريخيا ولها شواهد هي من ضمن الأساطير والأوهام بسبب الإيمان بشخص شخص المسيح الوهمي كما يدعي المرجفون والمشككون ؟
وهل كل اولئك المؤمنين بالمسيح كانوا متفقين على تأليف قصص موحدة متفق على احداثها تماما وفي ارجاء دول مختلفة متفرقة لشخصية اسطورية لا وجود حقيقي لها ؟
البقية في الجزء 2

هل يسوع المسيح شخصية تاريخية حقيقية ؟
الجزء 2
كتب آخر الأناجيل وهو إنجيل يوحنا عام 95 للميلاد في جزيرة بطمس حيث كان يوحنا منفيا فيها . وكان هو شاهد عيان اثناء صلب يسوع وقد اوصاه يسوع اثناء صلبه ان يرعى ويهتم بإمه مريم ويكون كإبنها. وكان مصاحبا ليسوع في كل مراحل حياته الرسولية . وهو التلميذ الوحيد من بين التلاميذ الذي توفي طبيعيا ولم يستشهد .
وقد كتب إنجيلا شرح فيه حياة المسيح بشكل لاهوتي اي كيف كان يسوع يمثل الله بالروح باقواله اللاهوتية ومعجزاته الكثيرة . كما كتب سفر الرؤيا في الإنجيل .
ولما كانت الأناجيل قد كتبت بفترة ليست بعيدة زمنيا عن حياة المسيح ، لذا ذكرت فيها تفاصيل دقيقة عن الأماكن التي زارها يسوع واسماء الأشخاص الذين تعامل معهم والأحداث التي وقعت واهم المعجزات التي عملها امام الناس معززة بالتواريخ والشواهد .
من المصادر التاريخية التي تشهد لحقيقة شخصية يسوع المسيح، ما كتبه المؤرخ اليهودي (المحايد) يوسيفوس (37 – 100) م . وقد عاش بأقرب فترة لحياة المسيح وسجل بعض احداثها ومنها هذا الحدث :
“أمر رئيس كهنة اليهود حنانيا بقتل عدد من الناس فقال بمذكراته : ( جمع حنانيا مجمعا من القضاة وأحضر امامهم يعقوب اخا يسوع المدعو المسيح، وآخرين معه [ بعض التلاميذ والرسل] واتهمهم بخرق الناموس اليهودي (الشريعة) ثم سلّمهم ليرجموا بالحجارة ) . “
كانت هذه شهادة تاريخية محايدة من مؤرخ يهودي مشهور تثبت وجود يسوع وتلاميذه المقربين له، وما حدث لهم على ايدي اليهود المضادين للمسيح . فهل هذا المؤرخ يسجل قصصا وهمية و يخترع اساطير غير حقيقية وهي معززة باسماء شخصيات مهمة مؤثرة في زمن المسيح ويسجلها في كتابه ؟
اعطى المؤرخ يوسيفوس دليلا آخر أكثر قوة وإثباتا لصحة تاريخية يسوع المسيح حين كتب قائلا :
” في ذلك الوقت ظهر رجل حكيم أسمه يسوع إذا جاز ان نقول عنه رجلا، لأنه كان يصنع العجائب وكان معلما لمن كانوا يتقبلون الحق بإبتهاج . وقد اتبعه كثيرون من اليهود ومن اليونان، و كان هو المسيح. وعندما أصدر عليه الحاكم بيلاطس الحكم بالصلب بإيعاز من رؤوسائنا (كهنة اليهود) لم يتركه أتباعه الذين أحبّوه من البداية. إذ أنه ظهر لهم حيّا مرة اخرى في اليوم الثالث من صلبه . كما تنبأ أنبياء الله عن هذه الأشياء وعن آلاف الأشياء العجيبة المختصة به . وجماعة المسيحيين المدعويين على إسمه ما زالوا موجودين حتى هذا اليوم .”
كما ظهرت شهادة تاريخية أخرى من قبل المؤرخ والسياسي الروماني كورنيليوس تسيتوس (55- 120) م . عاصر ستة أباطرة . كتب عن الحريق الأكبر الذي التهم روما عام 64 م . كتب بمذكراته ما يلي :
” لكي يتخلص الإمبراطور نيرون من تهمة حرق روما ، الصق هذه الجريمة باطلا بطبقة مكروهة من الناس بسبب أعمالهم البغيضة معروفة بإسم المسيحيين . ونكّل نيرون بهم اشد تنكيل . فالمسيح الذي اشتق المسيحيون منه إسمهم ، كان قد قتل على يد الوالي المدعو بيلاطس البنطي في عهد الأمبراطور طيباريوس قيصر روما. لكن البدعة الشريرة (يقصد المسيحية) وإن كانت قد شُكمت لفترة قصيرة ، عادت فشاعت ليس فقط في بلاد اليهودية (اسرائيل) المصدر الأول لها لهذا الشر، بل انتشرت ايضا في روما التي اصبحت مركزا لكل الأشياء الخبيثة والمخزية التي ترد اليها من جميع انحاء العالم .”
للعلم ان المؤرخ تسيتوس لم يكن مؤيدا للمسيحية ولم يشعر بالود تجاههم كما يتضح من وصفه لديانتهم بالشئ الخبيث المخزي والبدعة الشريرة والبغيضة . ويستدل من كتابته أن عدد المسيحيين في روما في وقته كان كبيرا . واغلب المؤرخون والباحثون يعتبرون ما قاله تسيتوس في أعلى درجات المصداقية لكونه مؤرخا محايدا وحتى مضادا للمسيحية وتعتبر شهادته مصدرا رومانيا موثقا ومستقلا من خارج الإطار المسيحي . وهي شهادة محايدة.
ومن المصادر المهمة التي تشهد لتاريخية شخصية المسيح وحقيقة وجوده ما كتبه أشهر إداري مدني روماني بليني الأصغر(61 – 113) عندما كان حاكما رومانيا على ولاية بيفينيا في آسيا الصغرى سنة 111 م .
كتب هذا الحاكم رسالة الى الإمبراطورتراجان يستشيره في كيفية معاملة المسيحيين حيث كان الكثير منهم يقتلون رجالا ونساء و صبية . فكان عليه أن يتسائل فيما إذا كان عليه الإستمرار بالحكم بالقتل لكل من يكتشف أنه مسيحي . اخبر الإمبراطور انه جعل المسيحيين يسجدون لتماثيل الإمبراطور ويلعنون المسيح . وهو الأمر الذي لا يقبله المسيحي الحقيقي مفضلا الموت على السجود لغير الله .
ويفهم من رسالة هذا الحاكم ان المسيحيين كانوا يجلبون للمحاكمة لذنب وحيد وهو أنهم كانوا يجتمعون في يوم معين ينشدون ترنيمات للمسيح كما لو كان الها . ويتعهدون عهد الشرف ان لا يرتكبوا شرّا او كذبة او سرقة او زنى .
أجاب الإمبراطور ردا على رسالة الحاكم برسالة مختصرة، أقرّ فيها توجه الحاكم الإداري بيليني الأصغر وأثنى عليه لأنه يوقف المسيحيين عند حدهم، إلا أنه امره ان لا يبحث عنهم، لكن عند إجضارهم اليه وإدانته لهم بعد محاكمتهم، فلابد من معاقبتهم إذا لم يرتدّوا عن إيمانهم . وفي حالة ارتدادهم عن دينهم وقدموا الصلوات لألهة الرومان (الوثنية) فيجب إطلاق سراحهم مهما كان سلوكهم السابق مثيرا للريبة .”
يوجد إجماع تام على حقيقة شهادة الحاكم بليني الأصغر، خاصة ان الرسالة الجوابية من الإمبراطور تراجان المرسلة له متوفرة كوثيقة تاريخية حقيقة للباحثين، مما تؤكد مصداقية وجود يسوع ومن يؤمن به إيمانا راسخا بحيث يتقبل الشهادة والموت على اسمه . حيث تقول الأناجيل ان المسيحيين كانوا يتقبلون الموت بفرح للإستشهاد على اسم المسيح ليربحوا ملكوت الله الابدي كما وعد به المسيح .
هذه الوثائق الرسمية للسلطات الرومانية كتبت بعد مئة عام من حياة يسوع المسيح. وهذه تدحض راي المشككين بعدم توفر وثائق رومانية حول اثبات شخصية يسوع المسيح وأتباعه .المؤمنين به . ما عثر عليه من ثائق بليني الأصغر وتسيتوس و رسالة الإمبراطور تراجان الجوابية تشير الى اسماء حكام روما المهمين الذين وثّقوا الأحداث رسميا لما تعرض له المسيحيّون الأوائل من اضطهادات وقتل وتنكيل و تعذيب وحشي تؤكد على حقيقة وجود شخصية يسوع المسيح تاريخيا.
لم تكن السلطات الرومانية تهتم بأديان وعبادات شعوب المستعمرات التي تحتل اراضيها وإيمان الناس الخاضعين تحت سلطاتها ما لم يكن ذلك سببا لإثارة الفوضى ويؤثرعلى الأمن العام ونظام الحكم الروماني ويهدده . لكن لما زاد عدد اتباع يسوع المؤمنين به وانتشارهم في روما و المدن اليونانية والمستعمرات الرومانية وآسيا الصغرى (تركيا) . أنتبهت السلطات لهم وخاف الحكام من رد فعلهم وتجمعهم ضد السلطة، فبدؤا بإضطهادهم و قتلهم وتعذيبهم للحد من إنتشار المسيحية بين صفوف الشعب . لم يهتم الحكام الرومان إن شفى يسوع أعمى او أقام ميتا، بل كانوا سيخافون منه إن أنزل جيشا مسلحا من السماء لمحاربتهم او حرّض الشعب ضدهم، او أكثر من الاسلحة والخيول لمقاومة الرومان . ولكن هذه لم تكن من أعمال يسوع الناصري ابدا . لأنه كان رجل سلام يدعو للمحبة والغفران والتسامح، لم يحمل سيفا او يحرض على كراهية احد، ولم يشكل تهديدا للسلطات الحاكمة، بل كان يوصي الناس ان يحرصوا على دفع الجزية والضريبة المقررة لحكومة القيصر الروماني . ويوصي جباة الضرائب ان لا يفرضوا على الناس أكثر من الضريبة المقررة رسميا، ويوصي الجنود الرومان ان لا يؤذوا المواطنين بلا سبب .
من هذا كله نؤكد أن كتب المؤرخين وشهادات الحكام و وثائق سلطات روما المحفوظة في المتاحف وأناجيل العهد الجديد هي أدلة قوية على إثبات حقيقة تاريخية يسوع المسيح الناصري .
فمن هو يسوع المسيح التاريخي ؟
كان يسوع الناصري رجلا يهوديا ، ولد سنة 1 ميلادية، رغم ان البعض يقترح ولادته عام 4 ق.م . تربى وعاش في بلاد اسرائيل، سكن مدينة الناصرة في منطقة الجليل الشمالية، واستطاع في شبابه بعد سن الثلاثين تكوين جماعة من التلاميذ والأنصار من اليهود . واهم ملامح دعوته هو أن ملكوت الله على وشك الإتيان .
في السنة الثلاثين بعد الميلاد، أثار يسوع ارتياب السلطات الرومانية، بعد أن اثار واتباعه البلبلة في بلاد اسرائيل والعاصمة اورشليم بالذات بسبب اقواله واعماله العجائبية التي اثارت رجال الدين اليهود واعتبرته رجلا مجدفا يكسر شريعة موسى بعدم احترام يوم السبت المقدس عند اليهود حسب شريعتهم، لأنه يعمل معجزات و يشفي المرضى في هذا اليوم الذي يحرم فيه العمل، ولهذا قرر كهنة اليهود وقادة رجال الدين و رجال الأحزاب الدينية اليهودية ان يشوا به عند بيلاطس البنطي حاكم اورشليم بتهمة اثارة البلبلة والفوضى وكسر الشريعة . وطالبوا بصلبه لأنه ساوى نفسه بالله . ولهذا السبب رأى الحاكم الروماني ان يتخلص من هذه الفتنة بموت يسوع و يهدئ الوضع . فأمر بإعدام يسوع صلبا رغم انه يعلم انه رجل برئ .
بعد صلب وموت يسوع بثلاثة أيام انتشر في المدينة خبر قيام يسوع من الموت وظهوره مع اتباعه وتلاميذه المقربين حيّا لعشر مرات، يجتمع بهم ويأكل الطعام معهم، وعلمهم كل اسرار الملكوت و وعدهم انه سيصعد الى ابيه في السماء ويعود ثانية الى الأرض في يوم لم يحدد موعده ليدين البشر. وأنه سيرسل اليهم الروح لقدس المنبثق من الله ليقويهم ويرشدهم ويساعدهم على نشر الإنجيل واخبار المسيح في كل ارجاءالعالم انطلاقا من اورشليم ثم السامرة . وحدث كل هذا تماما ، ثم امام جمع غفير من اتباعه والمؤمنين به ودّعهم في جبل الزيتون وارتفع الى السماء في وضح النهار امام انظار الجميع .
بدء تلاميذ المسيح نشر الأخبار السارة اي الإنجيل في كل مكان وانتشروا في بلدان العالم كافة شرقا وغربا يبشرون بالمسيح واخباره و تعاليمه ومعجزاته ، فكسبوا الى الإيمان ملايين البشر بالكلام الطيب فقط . وتأسست الكنائس في اسيا الصغرى (تركيا) واليونان ومدن روما و شمال افريقيا وغيرها .
بعد ستة قرون من ظهور وانتشار المسيحية وثباتها بين شعوب العالم، ظهرت ديانة في جزيرة العرب بقيادة رجل من قريش يدعى محمد . تأثر بالهرطقات الأبيونية والغنوسية واليهودية، وقال ان المسيح كلمة الله وروح منه لكنه ليس بإله وليس ابن الله بل انه عبد مرسل من الله مخلوق من تراب كمثل آدم، ولد بمعجزة من عذراء ببشارة ملائكية، وانه لم يصلب ولم يقتل بل شبه الله به رجلا آخر لم يقل من هو، ليخدع اليهود ويمكر الله عليهم، فهو خير الماكرين ‼ ثم رفعه الله الى السماء حيّا بجسده ‼
وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيأ .
ديانة تمجد المسيح وتعتبره كلمة الله وروحه والنبي الزكي المبارك و جيها في الدنيا وفي الآخرة من المقربين ثم تنكر الوهيته ‼
من هو يسوع المسيح ؟​
جوابه كما يلي :

في الكيمياء ؛ حوّل الماء إلى خمر .
​في علم الأحياء ​؛ وُلد من عذراء .
​في الفيزياء ​؛ رفض قانون الجاذبية عندما صعد إلى السماء .
​في الاقتصاد ؛ رفض قانون نقص العائد عن طريق إشباع 5000 رجل ، بسمكتين و 5 أرغفة خبز .
​في الطب ؛ شفى المرضى والمكفوفين دون تخدير .
​في التاريخ ؛ هو البداية والنهاية.
​في الحكم ؛ رئاسته على عاتقه و يدعى مشيراً عجيباً ، رئيس السلام .
​في الدين ؛ لا أحد يأتي إلى الآب إلا من خلاله .
​إذنً ، من هو ؟ هو يسوع المسيح !​
هو أعظم رجل في التاريخ. ليس لديه عبيد ، ولكنهم دعوه سيدا .
لم يحصل على شهادات علمية، ولكنهم قالوا له : يا معلم .
لم يستخدم أدوية ولم يدرس الطب ، لكنه شفى الكثير من المرضى وفتح اعين العمي وحرك ارجل المشلولين. .
لم يكن لديه جيش ، لكن الملوك خافوا منه .
لم يخض معارك عسكرية ولم تنتشر تعليمه بالقتال ، لكنه غزا العالم بمحبته وتعاليمه السامية دون ان يقتل إنسانا واحدا .
لم يرتكب جريمة ولم يؤذي بشرا، لكنهم صلبوه بحكم جائر . .
دفن في مقبرة ، لكنه قام من الموت بعد ثلاثة ايام ، وهو حي الى اليوم.
أشعر بالفخر لخدمة هذا الملك الذي فدانا بحبه . آمين

صباح ابراهيم
6 / 2 / 2023

About صباح ابراهيم

صباح ابراهيم كاتب متمرس في مقارنة الاديان ومواضيع متنوعة اخرى ، يكتب في مفكر حر والحوار المتمدن و مواقع اخرى .
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.