نوال السعداوي… مأزق الخروج من الذاتية..!!..

لا شك ان كتابات نوال السعداوي قد الهمت الكثيرين من المثقفين و حتى الشباب الحائر الباحث عن رؤية حول واحدة من اهم اشكالياتالعلاقة بين المرأة و الرجل .. ليس على المستوى التنظيمي و المجتمعي فحسب..انما ايضا بشكلٍ اهم.. على مستوى الاشكالية الوجودية”الانطولوجية”..للمرأة و ذاتيتها…

نوال السعداوي قادت قرائها الى اهم محور في جسد المرأة و في مسألة الخلق …حيث تتشكل التصورات الاولى عن الذات و كينونتها..وتتحدد معالم التواصل مع الاخر و تتكون البنى الفكرية و الحسية للتقاطعات مع المحيط و العالم ..

في هذا المحور الذي يختزل وجود الانسان مثل اي اي كائن حي اخر… اكتشفت نوال السعداوي ايضا القوة الدافعة الاولى التي اخرجتالانسان من الركود الكامن الى حالة الفعالية… اي ميكانيزما التمرد و الثورة على الواقع منهجا لخلق “وجود” جديد قادر على اعادة انتاجالذات و التاثير على سيرورة البناءات المحيطة..

و مع توسيع دراساتها الطبية و المنهجية الفكرية قدمت نوال السعداوي رؤى فاعلة حول اخراج المرأة من دائرة “الانتظار المقيد” الى طريقالاختيار و التفاعل… كما حلمت باخراج الفقراء و الشعوب المغلوبة على امرها من هيمنة المستعمرين و بناء عالم مختلف …

لا اريد ان اكرر ما تناولته في مقالة سنة 2014 بعنوان “المرأة و اشكالية الأنا السياسية“.. و ذكرت فيها دور المرأة الرائدة و الفشل في تقديممشروع نسوي قابل للتفاعل مع الواقع

الا ان الملاحظة لابد منها هنا هي ان المنهجية “الاختزالية النمطية” اي التمرد و الثورة على كل القيم و المنظومات و الهياكل المجتمعية التيعملت من خلالها نوال السعداوي و كثير من الرائدات خلقت كوابح للاعاقة اكثر من جسور للتواصل و خلقت اعداء اكثر من اصدقاء حتىبين اولئك النساء و الفقراء وووو من الذين كانت تدافع عنهم .. او اولئك الذين كان من المؤمل ان تصنع معهم
الكتلة التاريخية Historic Block
وفق رؤية
گرامچي Gramci
من مثقفين و قوى سياسية و نقابية و غيرها..

بكلام اخر… مثل كل الحالمين الكلاسيكيين بعالم اخر لا يعرفون حدوده و ميكانيزمات وجوده التفاعلي… و مثل كل المتمردين و الثائرين علىواقع هم انفسهم ادوات من قواه الفاعلة … ظلت نوال السعداوي ترى العالم و مفهوم التغيير من زاوية كانت تضيق يوما بعد يوم كلما كانتتكتشف آلية جديدة من آليات السلطة و الهيمنة …

و بفعل الحصار النفسي المتراكم تمردت الكاتبة و الطبيبة حتى على ذاتها… لكنها لم تستطع … كما فشل كل الثائرين في تاريخ البشريةفي تحقيق شيء غير الصراخ في وجه واقع مجنون… كما يصرخ الاطفال في وجه العالم المجهول عند الولادة..

بلا شك ان المضطهدين في العالم فقدوا مدافعا شرساً عن حقوقهم … و ان التاريخ سينتج الكثيرين من امثال نوال السعداوي … لكن هلسيظل الصراخ يذهب سدى ..؟؟.. “إني معكم من المنتظرين”…حبي للجميع

About اكرم هواس

د.اكرم هواس باحث متفرغ و كاتب من مدينة مندلي في العراق... درس هندسة المساحة و عمل في المؤسسة العامة للطرق و الجسور في بغداد...قدم الى الدنمارك نهاية سنة 1985 و هنا اتجه للدراسات السياسية التي لم يستطع دخولها في العراق لاسباب سياسية....حصل على شهادة الدكتوراه في سوسيولوجيا التنمية و العلاقات الدولية من جامعة البورغ . Aalborg University . في الدنمارك سنة 2000 و عمل فيها أستاذا ثم انتقل الى جامعة كوبنهاغن Copenhagen University و بعدها عمل باحثا في العديد من الجامعات و مراكز الدراسات و البحوث في دول مختلفة منها بعض دول الشرق الأوسط ..له مؤلفات عديدة باللغات الدنماركية و الإنكليزية و العربية ... من اهم مؤلفاته - الإسلام: نهاية الثنائيات و العودة الى الفرد المطلق', 2010 - The New Alliance: Turkey and Israel, in Uluslararasi Iliskiler Dergisi, Bind 2,Oplag 5–8, STRADIGMA Yayincilik, 2005 - Pan-Africnism and Pan-Arabism: Back to The Future?, in The making of the Africa-nation: Pan-Africanism and the African Renaissance, 2003 - The Modernization of Egypt: The Intellectuals' Role in Political Projects and Ideological Discourses, 2000 - The Kurds and the New World Order, 1993 - Grøn overlevelse?: en analyse af den anden udviklings implementerings muligheder i det eksisterende system, (et.al.), 1991
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.