
هل عيسى القرآن هو يسوع المسيح في الإنجيل؟
اعلن الله عن ذاته من قبل الأنبياء والكتب المقدسة سابقا . فقد اعلن الله للنبي ابراهيم عن ذاته بالوحي لأول مرة دون ان يظهر له ذاته بشكل محسوس او ملموس . بل بالخطاب والحلم عندما طلب منه ان يرحل عن بلاده ويبتعد عن شعبه الوثني وينتقل الى حيث يرشده هو .
ثم اعلن الله عن ذاته لأبراهيم عن طريق ملاكين قدما الى ابراهيم ليبشراه بأن سارة امرائه ستلد طفلا في شيخوختها وهي عقيم . وتحقق كلام الله تماما، و ولد لإبراهيم وسارة ابنهما اسحق .
ثم اعلن الله عن ذاته الى لوط بواسطة ملاكين ارسلهما الله ليخبرا لوط ان يغادر مع عائلته مدينته سادوم وعمورة الى مكان بعيد، لأن الله سيدمر هاتين المدينتين التين عمل ابنائهما الفواحش والذنوب . وهذا ما حصل تماما .
و اعلن الله عن ذاته لأبراهيم مرة اخرى عندما اراد اختبار إيمانه، بطلبه من ابراهيم ان يذبح ابنه وحيده اسحق ويقدمه محرقة للرب. فأطاع ابراهيم. لكن الرب قَبِلَ ذبيحة ابراهيم دون ان يسمح بذبح ابنه، وارسل له كبشا ليقدم ذبيحة بدلا عن اسحاق .
كما اعلن الله عن ذاته للنبي موسى بشكل غير مباشر، عندما ظهر له على شكل نار مشتعلة بشجرة العليقة فوق جبل حوريب بصحراء سيناء . وكلمه بصوت دون ان يراه واعطاه الوصايا وارشده ان ينطلق بشعبه عبر البحر الأحمر وسيناء الى بلد تدر ارضها لبنا وعسلا .
هكذا كلم الله الناس قديما بالأنبياء وبالكتب المقدسة بالايحاء والصوت او بالحلم والرؤيا على مر الأزمان.
في ملأ الزمان أظهر الله ذاته بتجسد كلمته بولادة يسوع المسيح المعجزية من فتاة عذراء لم يمسسها بشر قط . وكما قال بولس الرسول : “وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ.”
ببشرى ملائكية لمريم العذراء التي اصطفاها الله من بين نساء العالم، اتحد لاهوت الله بناسوت المسيح فكان المولود ابنا مباركا لله هو كلمة الله متجسدا، اسمى نفسه تواضعا ابن الإنسان، وهو الكلمة المقدسة الذي به خلق الكون وبكل ما فيه .
بهذا الحدث النادر في تاريخ البشرية اعلن الله ذاته و اثبت وجوده بإظهار شخصه المبارك بشخص يسوع المسيح المتحد ناسوته بلاهوت الله ، فكان هو الله الظاهر بالجسد امام الناس . اراد الله بشخص يسوع المسيح الإنسان اظهار مجده وأعماله، واسمعهم اقواله التي لا ينطقها اي إنسان على وجه الأرض . وعمل يسوع الاعمال والمعجزات التي يعجز اي نبي او إنسان ان يقوم بها لأنها من اختصاص الله وحده . شفى المرضى واحيا الموتى واعاد لهم الروح والحياة التي هي من امر الله وحده . عَلِمَ الغيب وما يفكر به الناس في عقولهم . اشبع الاف الجياع بكلمة منه فاكثر الخبز والسمك واطعمهم . امر الريح والعاصفة ان تهدأ وأمواج البحر ان تسكن فسكنت . خلق للاعمى المولود بلا عيون عيونا فابصر في الحال وسجد للمسيح شكرا لله . فمن يقدر ان يفعل مثل هذا إن لم يكن له سلطان الله ؟
بولادة يسوع المخلص وبمعجزاته اعلن الله ذاته للبشرية جمعاء، وانتقلت البشرى السارة من اورشليم والسامرة الى الخليقة كلها على سطح المعمورة بواسطة اثنا عشر تلميذا وبعض الرسل .
الموجود اثبت وجوده ولم يبق مختفيا في السماء، بل تواصل معنا بالجسد .
قَالَ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بي
لَوْ كُنْتُمْ قَدْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضًا. وَمِنَ الآنَ تَعْرِفُونَهُ وَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ».
قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: «يَا سَيِّدُ، أَرِنَا الآبَ وَكَفَانَا».
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: « أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا هذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: أَرِنَا الآبَ؟
أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟ الْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ. صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ، وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا » .إنجيل يوحنا 6:14 – 11
الله الاب هو من يتكلم بصوت الابن يسوع، لأنه هو والاب واحد . ف يسوع المسيح هو الطريق المؤدي الى ملكوت الله، وهو الحق اي هو الله بذاته بهيئة إنسان اسمه يسوع الناصري .]
قال يسوع المسيح “
[ اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَالأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا يَعْمَلُهَا هُوَ أَيْضًا،
وَمَهْمَا سَأَلْتُمْ بِاسْمِي فَذلِكَ أَفْعَلُهُ لِيَتَمَجَّدَ الآبُ بِالابْنِ. ] إنجيل يوحنا 14: 13-14
لم يكتف الله بإلإعلان العام عن ذاته سابقا، بل اعلن ذاته بإعلان خاص حين تجسد اللاهوت واتحد بالناسوت بشخص يسوع المسيح إبن الله وابن الإنسان بنفس الوقت .
الأنبياء اعلنوا حقيقة رسالتهم السماوية بما قدموه من كلام الله للناس وما فعلوا من معجزات منظورة وملموسة للناس . اما مدّعوا النبوة فلم يستطيعوا ان يقوموا بمعجزة واحدة امام الناس، وكل كلامهم مؤلف او مقتبس من كتب مقدسة اخرى . وهذا ما تنبأ به يسوع المسيح عن الأنبياء الكذبة حيث قال: “مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَبًا، أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِينًا؟”
مخلوقات الله في الكون وعلى الأرض تخبرنا عن الله وقدرته، لكنها لا تستطيع ان تفسر لنا من هو الله .
اما يسوع المسيح فقد ارانا مجد الله ونقل لنا كلامه المباشر وعرفنا من يكون . من يخبرنا عن الله يجب ان يمتلك قدرات غير محدودة لأنه يمثل الله بكل قدرته وسلطانه ، المسيح قال : «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ،” . فمن يمتلك سلطان الله غير الله ذاته ؟ لأن الله لا يعطي مجده لآخر.
المسيح نزل من السماء، وصعد الى السماء بعد اكمال رسالته الخلاصية قاهرا الموت بالموت .
لو لم يظهر المسيح مجسدا كلمة الله لكانت المسيحية ديانة لا تختلف شيئا عن اليهودية . ولكانت دين يخبرنا عن الله باقوال ، اما المسيح فقد أخبرنا عن الله الاب باقوال وافعال ملموسة ومحسوسة وامام الناس ، لأن المتلكم وناقل رسالة السماء هو الله ذاته متجسدا بصورة إنسان . “اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ.” يوحنا 18:1
موسى نفسه لم يرَ الله ، بل اخبرنا ما سمعه عنه . اما المسيح فقال :” من رآني رآى الآب “.
صباح ابراهيم