مصر وسوريا ما بعد الإصلاح

(ترجمة كلنا شركاء)

ذا غلوباليست : روبرت هاردي | الثلاثاء، ٢٥/٦/٢٠١٣

يطرح روبرت هاردي جدلاً : بما أن الحكومة الأمريكية تنوي الدخول أكثر في الشأن السوري، لا بد من دراسة الواقع. بالضبط بماذا ستشارك الولايات المتحدة، في أعقاب غزو أفغانستان والحرب المشؤومة في العراق؟ والسؤال الأكثر أهمية هو: هل من هيكلية يمكن اعتمادها لإعادة البناء؟ الجواب بالنسبة لسوريا هو كلا، كما هو الحال في مصر المجاورة.

تعاني سوريا ومصر من نفس المشاكل التي لا يمكن اصلاحها. هذه حقيقة مؤلمة وباعتراف الجميع.

عندما تعج المدن في مصر وسوريا بفقراء الريف ، تكون القشة قد كسرت ظهر البعير.

لكن هذه هي النتيجة عندما يسيء القادة السياسيون قراءة الواقع، فبدلاً من العمل على الإصلاح الاقتصادي والتعامل مع خصوصيات المظاهرات، يختارون العنف للرد عليها.وهذا ما يتسبب في أن تتحول الاضطرابات الاجتماعية والسياسية المشروعة إلى احتجاجات سياسية شعبية تخرج عن نطاق السيطرة وتتسبب في سقوط القادة المستبدين.هذا بالضبط ما حدث في مصر وما يحدث الآن في سوريا. وفي كلتا الحالتين، تم فتح الباب لعودة ظهور الإسلاميين الذين ظلوا لعقود تحت سيطرة السلطة.

دعونا نستعرض الطريق نحو الكارثة: بدأت الاقتصادات في منطقة الشرق الأوسط بالتدهور في وقت مبكر من بداية الأزمة المالية العالمية التي بدأت حول منتصف الطريق حتى عام ٢٠٠٧. ثم جاء ارتفاع أسعار المواد الغذائية في عام ٢٠٠٨ الذي تسبب بقليل من الاضطرابات، ولكن أسعار المواد الغذائية تسارع في الارتفاع في عام ٢٠١٠.

ومهد هذا الطريق للربيع العربي. فقد تضاعفت تكلفة الوقود والمواد الغذائية والسلع الاساسية في مصر ثلاث مرات بين ٢٠٠٦-٢٠١١ دون أي يرتفع دخل المواطن المصري من عائدات صادرات الطاقة، بينما لم تجد الحكومة أي موقف للتعامل مع هذه التغيرات الأساسية.

وكان سقوط ورقة مبارك في وقت مبكر من أكتوبر ٢٠١٠ عندما تجاوز الجيش وأبلغ القيادة بتسمية إبنه جمال خلفاً له.

قد تكون مصر رائدة الثقافة في العالم العربي. لكن من الناحية الاقتصادية، هي أشبه ما تكون بمجتمع ما قبل الحداثة. معدل البطالة المقنعة حوالي ٤٠٪ ونسبة الأمية ٥٠٪ تقريبا – وما يقرب من نسبة ٩٠٪ ختان الإناث. كانت المسألة مجرد وقت قبل أن يتحرك الجنرالات ليحلوا محل مبارك. لقد استخدموا الفرصة التي أتاحها لهم الربيع العربي للقيام بذلك.

وكان الاعتماد على واردات مصر يبلغ ٥٠٪ من احتياجاتها الغذائية ومعونات الطاقة التي بدورها استهلكت ٢٥٪ من ميزانيتها السنوية.

هذا ما كان يحدث في سوريا أيضاً حيث فشلت الحكومة في تحديث النظام الزراعي. وأدى هذا الفشل في الإصلاح لتخلي المزارعين عن أراضيهم وهجرة مئات الآلاف منهم إلى الأحياء الفقيرة في المدن في كلا البلدين.

لقد كان اجتياز اختبار الزمن من قبل الأقوياء في العالم الثالث مثل مبارك والأسد لإبقاء المزارعين والفقراء من سكان الريف الأميين في عزلة، وذلك للتحكم والسيطرة بشكل أفضل.ومع ذلك، عندما بدأت المدن في مصر وسوريا تعج بفقراء الريف، أصبحت مسألة اندلاع شرارة الاحتجاجات هذه مجرد وقت.

ليس لمصر ولا سوريا مصادر دخل هامة من تصدير الطاقة التي يمكن أن تعوض القرارات الاقتصادية السيئة لزعمائهم، كما أن أسر النخبة تهيمن على اقتصاد السوق في كلا البلدين.

مؤخرا، في ٢٠١١ لم يعترف أحد في الغرب بالأسباب الحقيقية وراء الثورات في هذه البلدان. الأغلبية كانت تفترض أن السبب هو صدام بين ثقافة جديدة من الشباب البارعين في أمور التكنولوجيا والتسلسل الهرمي القديم.

ولكن هذا لم يكن الحال. كان الاقتصاد أيها الساذج!

في عام ٢٠١١ احتاجت مصر نحو ٢٠ مليار دولار اضافي للحفاظ على استقرار الاقتصاد المصري. هذا الرقم ارتفع الآن إلى حوالي ٢٥ مليار دولار. في بلد ناتجه المحلي الإجمالي ٢٣٠ مليار دولار. وهذا رقم هائل.

لا يمكن حتى لأي سياسي معجزة أن يصلح هذا الوضع. والإخوان المسلمون هم ليسوا كذلك بالتأكيد. عدم الكفاءة الاقتصادية لحكومة الرئيس مرسي هو شيء لا جدال فيه الآن.

في الواقع، لقد عمقت أخطاء مبارك السابقة فقط. إنها تحافظ على التركيز على القضايا السياسية بينما الشيء الوحيد الذي يمكن أن يحدث فرقاً سيكون إعادة هيكلة اقتصادية عميقة.

الجيش المصري لا يملك أي حل، وهذا هو السبب الرئيس أنه لا يريد أن يقود البلاد.

نعم، كانت هناك دفعات نقدية قد تدفقت إلى مصر من ليبيا وقطر والمملكة العربية السعودية.ولكن في حقيقة الأمر، كانت هذا لإبقاء الامور مستقرة على حالها، في حين ذهبت هذه البلدان عن العمل الجاد إلى التحضير لمنطقة واسعة من الصراع السني – الشيعي.

في الآونة الأخيرة مثل ٢٠١١ القليل في الغرب أدرك الأسباب الحقيقية للثورات في هذه البلدان. فمن من تلك البلدان مستعد لدعم مصر ورمي المال أسفل الهاوية.

وفقا لمنظمة الصحة العالمية، ٢٥٪ من سكان مصر يعانون من سوء التغذية. وهذه مأساة حقيقية.

لقد ساعدت القروض الإسعافية الطارئة في إبطاء النزيف، لكنها لم توقفه. على الرغم من أن الإخوان المسلمين وعدوا بمحصول وفير من القمح، إلا أن المزارعين لا يعتقدون ذلك. والخلاصة: مصر على شفير الموت.هذه الكوارث في انتظار ان تحدث في مصر وسوريا.

صعود الإسلاميين في سوريا، أخذ مكان الاحتجاجات الاقتصادية العلمانية ضد سيطرة النظام الفاسد للاقتصاد، وكان مدعوماً إلى حد ما بعودة ظهور الإخوان المسلمين فيها للخروج من الخوف من هيمنة إقليمية شيعية بقيادة من ايران.

وقد تجدد هذا الصراع منذ قرون بين الطوائف الإسلامية المهيمنة، والتي شابها الكثير من العنف، كما كل الحروب الدينية دائما.

هناك الآن نتيجتين محتملتين في سوريا. إما دولة مقسمة بين العلوين الشيعة، والسنة، والاكراد، وخليط من الدروز / الجماعات المسيحية. أو دولة يهيمن عليها هرم جماعة الإخوان المسلمين السنة.

أياً كان ما سيحدث، مصر وسوريا دولتان مهترئتان لا يمكن إصلاحهما.

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.