محنة الشيعة في عصرنا:

الكاتب العراقي عزيز الخزرجي

في منشور للسيد (أبو محمد أبو محمد) و هو على الاقل يمكن إعتباره من المحبيين لأهل البيت(ع), حيث قال في منشوره على صفحته : [بأن الشيعة على طول التأريخ أظهروا تظلمهم و محنتهم – و هي حقيقة لا تنكر – لكن عندما إستلموا الحكم مع آخرين بعد سقوط الصنم صدام؛ أفسدوا في حكمهم و نهبوا الدولة باكملها و لحد هذه اللحظة ينهبون الرواتب الحرام بعكس مبادئ العدالة العلوية التي يدّعونها, هذا فأنهم متهمون و مذهبهم .. تلك هي خلاصة منشوره ..
هذا .. إلى جانب مئات التعليقات التي ظهرت تعاطف المشاركين مع رأيه على موقع (نقابة المتقاعدين), و الذين – المُعلقون – كانوا أناس مجربين و لديهم خبرة و ثقافة إلى حد ما نتيجة لأعمارهم و دورهم و مستوياتهم العلمية ..
أما جوابنا لهم فكان آلتالي:
[أخي (أبو محمد أبو محمد )؛ هؤلاء(القادة السياسيين و المدّعين للدِّين و آلدَّعوة لله و الأنسانية ووو غيرها من المدّعيات الكاذبة؛ لا يمثلون الشيعة إنما تلبسوا الشيعيّة و الدّعوة لأجل مصالحهم و مصالح أحزابهم بآلدرجة الأولى و كما قال غاندي : [أقوى نجاحات الشيطان تتحقق حين يظهر و كلمة الله على شفتيه]!, فهم – قادة الشيعة العار – يُمثلون مجموعات مليشاوية و مرتزقة(لملوم) من كافة المجرمين و الحثالات الذين إنظموا في أحزابهم “الشيعية” طمعاً بآلرواتب و المال و المناصب الحرام فثقافتهم للأسف شكليّة و سطحيّة و شعائريّة لا أخلاق و لا مواقف جهادية أو مالية لهم لأ ن دينهم لا ينبثق عن عقيدة أو لهم تأريخ يرتبط بفلسفة الوجود و هم (نسبتهم) أقلّ من القليل بآلنسبة لعدد الشيعة في العالم و الذين يصل عددهم لأكثر من 500 مليون شيعي أو بعبارة أدق لنقل أكثرهم محبين و مواليين, لأن الخصوصية الشيعيّة و كما ورد في حديث الأمام الصادق(ع) لجابر الجعفي لا تنطبق على عضو واحد منهم بحسب معرفتي الشخصية الدقيقة خصوصا لقادتهم و للأسف الذين يمكن أن تسمّيهم بعثيين أو متعجرفين أو قوميين أو معدان إلا الشيعية فمن الصعب تنسيبها لهم, و هؤلاء “القادة” العار في الأحزاب الشيعيّة – ناهيك عن السّنية و الوطنية و القومية و غيرهم – (أكثرهم) يُمثّلون مجموعاتهم و أعضائهم المنتمين لتنظيماتهم التي يمكن القول عليهم بـ (الأرهابية و الفاسدة) بإسم الشيعة .. لان الذي يحرم الفقير من لقمته و المفكر و الفيلسوف من مقامه إرهابي أكثر من داعش بنظر الفلسفة الكونية!
و هم (الأحزاب و الإئتلافات) عبارة عن مجموعات لا تتجاوز الآلاف أو عشرات أو ربما مئات الآلاف من الشيعة في أحسن و أكثر الأحوال و الأحتمالات! بينما الأعضاء الحقيقيين و للتأريخ في زمن الجهاد الحقيقيّ ضد صدام لم يتجاوز عددهم العشرات من المنتظمين في صفوف الدعوة الحقيقية والذين إستشهدوا جميعأً رغم إن عملهم لم يكن جهادياً بل تبليغياً و إنما ألقي القبض عليهم من بيوتهم و محلاتهم و دوائرهم لمجرد شكوك أو علامات تدين كانت بادية على سلوكهم .. لا أكثر .. ولم يبق من أؤلئك الدّعاة الحقيقيين حتى عضو واحد .. أكرر عضو واحد .. بحسب معرفتي الدقيقة كوني كنت عضو الأرتباط الأول لتلك التنظيمات نهاية السبعينات إضافة لقيادتنا للحركة الاسلامية العراقية التي إتحدت مع تلك الثلة و التي هي الأخرى إستشهدت بعضهم في عمليات جهادية ..


كان جميع أعضاء أحزاب اليوم المؤلفة الشيعية تعادينا .. لأنّهم كانوا منخرطين إما كجنود في جيش صدام أو مؤسساته المعروفة و مرجعيتهم التقليدية للأسف كانت مؤيدة لتعاونهم و للأنتماء للمؤسسة العسكرية الصدامية أو المدنية أو الوزارية بينما نحن أعلنا حرمة العمل مع كل الدولة الصدامية! و هؤلاء الأحزاب و الكتل الأنتهازيية الشيعية الذين أصبحوا اليوم أعضاء في حزب الدعوة أو في بدر – مع إحترامي لبعض الأعضاء القدماء من التوابين أو المجاهدين – و حتى الأخ هادي العامري الذين يعيش بين نارين الآن من هذا الوضع .. نعم هؤلاء و ليس كلهم الذين لم يبق لديهم شيئ من الأخلاق و القيم و غيرهم في التشكيلات الشيعيّة الذين ذاقوا لقمة الحرام لا يمثلون النصف مليار شيعي المظلوم كما قلت .. هذا من جانب ..
و من جانب آخر ؛ يجب أن تُفرّق بين الشيعة كأفراد و أشخاص و تيار بينهم مثقفين و هم قلة قليلة في العراق – بإستثناء الإيرانيين – و بين مذهب الشيعة كعقيدة كونيّة و مُستدلة و واضحة إعترف بها حتى الكثير من علماء و فلاسفة و مذاهب العالم و آلأديان الاخرى, بعضهم أساسا من أؤلئك العلماء لم يكن يُؤمن حتى بآلله .. لكنهم و لمجرد إطلاعهم على عقيدة المذهب الشيعي و مقارنته بآلمذاهب الأخرى ليس فقط آمنوا به .. بل إعتبروه أقوم المذاهب و أصحها و هم كُثر بين – المستشرقون و الفلاسفة و العلماء و قد قدّمنا في ذلك دراسات عنهم في مؤلفاتنا العديدة!
لذا فآلشيعيّة خط علويّ مُقدّس يُمثل أصل الأسلام و يرتبط بآلسماء بشكل حيّ و مثّلهُ أئمة أهل البيت و على رأسهم الامام علي(ع) و أخيه الرسول الكريم محمد عليه أفضل الصلاة و السلام و الملايين من الشهداء و يُمثلهُ اليوم على أرض الواقع الأمام صاحب العصر الحي الذي يقود و يسدد تلك المسيرة الربانية من خلال الفقهاء العظام و على رأسهم الفقيه الأعلم, والذي يرتبط بشكل منطقي و حيوي عن طريق الأمام الثاني عشر بآلله سبحانه و تعالى و الذي ننتظر ظهوره قريباً إن شاء الله لتخليص العالم من هؤلاء المنافقين – الظالمين – بمن فيهم ساسة الشيعة أنفسهم الذين أفسدوا أخلاق الناس و سرقوا أموالهم و رواتبهم. بعد تسلطهم على مقدرات الفقراء و الوطن المذبوح بإسم الشيعة و آلشيعة منهم براء!
أقسم بآلله .. إن معظم الشيعة أبرياء من أعمال و مواقف قادة و اعضاء الاحزاب و المنظمات السياسية التي تلبست بغطاء (الشيعيّة) و لا يمثلونهم خصوصاً الفاسدين المدّعين منهم .. لان النهج الشيعي نهج قويم و مسنود و مُزيّن بآلتقوى و الأخلاق و الأدب و التواضع و نكران الذات .. و هؤلاء (الساسة) المرتزقة يفتقدون لتلك الأخلاق و الآداب و القيم و التقوى, بل و يجيزون الكذب و الفتنة و الغيبة و النفاق و تشتيت و تفريق صفوف الناس و سرقة أموالهم!
و قد رأيت و رآى الجميع أثناء الأنتخابات الماضية موقف أكثرية الشيعة منهم .. من(قادة الاحزاب) الذين حصلوا في البداية بعد السقوط مباشرة على أصوات كثيرة لكن بعد إنكشاف أوراقهم و حقيقتهم تغييرت وجهة نظر الناس عنهم و ستجدون موقفهم التنكري النهائي الرافض لهم و بوضوح في الأنتخابات القادمة إن شاء الله, حيث المتوقع ؛ عدم تأئييد أكثرية الشيعة لهم سوى المرتزقة منهم .. و هذا لا محبة منهم بآهل البيت (ع), بل للحفاظ على إستمرار رواتبهم الحرام كما كان السودانيون و الأرتيريين و ا لمصيريين يفعلون مع صدام كمرتزقة .. فأكثرهم -شيعة و سنة – كما قادتهم لا يعرفون أهل البيت(ع) حقاً ولا يطبقون حتى مبادئهم في سلوكهم و تعاملهم و تفكيرهم .. و موقفهم – الشعب – النهائي القادم قبال الأنتخابات من تلك الأحزاب يتعلق بمدى معرفة الشيعي(الناخب) نفسه و وعيه بآلفكر و العقيدة الشيعية و مسألة (العدالة) و (الوجدان) بشكل خاص ..
و يجب أن نفرق بين الشيعة و التشيع, فالمذهب الشيعي عموماً شيئ آخر .. و لا يتحدّد – أو يُعرّف – بشخص أو حزب أو حتى مرجع دِين منهم و الحديث الرضوي العلوي يقول و يؤكد هذا المعنى :
[إعرف الحقّ تعرف أهله و بآلحقّ يُعرف الرّجال و لا يُعرف الحقّ بآلرّجال].
نعم هناك مقولة في المقابل تقول : [الإسلام محفوف بآلمسلمين] , و هذه محنة في الحقيقة و جدلية صعبة نسبيّاً, يعني أنك لو أردت أن تعرف حقيقة فكر أو مذهب مُعيّن عليك أن تعرف صفات و أفعال القوم المؤمن به(المذهب) و ترى فعالهم و مواقفهم خصوصا المتصدين منهم لأنهم الرؤوس(والرأس إذا صلح صلح الناس و العكس صحيح أيضا), لكن هذه القاعدة لها شواذ خصوصا ًو إن تأريخنا العربي – الأسلامي – تأريخ مؤدلج و مزور كتبه السلاطين عادة و ليس تأريخ نظيف كما إتفق المؤرخون على ذلك .. و كما قد توافقني !؟ لذلك أرجو تفهّم هذه الحقيقة لأنها ترتبط بمصيرك و عاقبتك في الدارين و شكرا لكم و لإخلاصكم للحقيقة التي باتت منبوذة بين الناس و الزعماء خصوصاً لأنها تجرحهم.
و الله الشيعة مساكين و مظلومين من كل الاطراف من قادتهم و من مخالفيهم و من القومجية و الطائفيين و الدواعش و المستكبرين وبشكل أخصّ من الطبقة السياسية الشيعية نفسها التي أثبتت خيانتها و فسادها و إجرامها بشكل فاضح سَخَرَ منهم و من نفاقهم حتى الملحدين و أمريكا و روسيا!

لكن مع كل ذلك ؛ فأن عوام الشيعة مسؤولين أيضا عن هذا الفساد لأنهم هم من ينتخبون ممثلهم .. لذلك حذاراً في الأنتخابات القادمة .. و كونوا على حذر أكبر ممن تسيد في الفترة الماضية و تمتع بآلأموال و الرواتب و الحمايات و الواسطات ووووو .. إلخ لأنهم غير أمناء حتى لو قدّم ما قدّم.
و إنتخبوا مَنْ له تأريخ أبيض و حرّم لنفسه و عائلته الحقوق الطبيعية لاجل الآخرين .. و أعتقد بعدم وجود أكثر من 1 أو 2 أو 3 من هؤلاء في كل العراق و خارجه!؟
لكن مع كل ما حدث ؛ فأنّ الحقّ مع البعض من المعارضين .. المنتقدين لقادة الشيعة و حتى بعض مراجعهم .. كأخينا (أبو محمد أبو محمد) في إنتقاده العام و الشامل من مواقف قادة الشيعة !؟ فمثلما يقولون :
[الإسلام محفوف بآلمسلمين و الشيعة محفوفة بآلمتشيّعين] ,
و هنا تكمن محنتنا الشيعيّة الكبرى مع أسف عميق و الله هو المعين و المسدد و الناصر لنا من نفاق و فساد هؤلاء الدّعاة المزيّفين الذين ركبوا الدين لأجل مصالحهم الشخصية و الحزبية فسوّدوا وجه المذهب الشيعي الذي ما زال ينزف للأسف.
ألعارف الحكيم عزيز حميد مجيد.

About عزيز الخزرجي

ألسيرة الشخصيّة _ للفيلسوف الكوني عزيز حميد الخزرجي * ولد الفيلسوف عام 1955م في الأول من شهر تموز وسط العراق – محافظة واسط ثم إنتقل إلى بغداد لأكمال دراسته الأكاديمية و الحوزوية في نفس الوقت, حيث درس في عدة جامعات و حصل على عدّة شهادات عالية في مجموعة من الأختصاصات إلا أن تأريخه الحقيقي هو - إمتدادٌ لتأريخ آلحركة آلفكرية آلأنسانية - الكونية لأجل المحبة و آلعدالة و آلحرية و آلمساواة كوريث للتراث الفكري الأنساني - الكوني, لذلك تحَمّلتُ قيادة آلصراع ضد آلظلم و آلأفكار آلوضعية كأمين عام لحركة آلثورة الأسلامية بدأ حياته الفكرية - التغييرية في بداية آلسبعينات, بجانب تعاونه مع باقي الحركات الفكرية و السياسية و الأسلاميّة التي شاركتنا المحنة في نفس تلك الأهداف المقدسة ضد النظام البعثي الصدامي )المجرم و كل أنظمة الفساد في العالم بقيادة (المنظمة الأقتصادية العالمية, و مرّتْ آلسّنون علينا كالجّمر و لا زلنا نكابد الضيم و الظلم و الجشع بسبب فساد المفسدين في الأرض. * ولأّنّ والده(رحمه آلله) كان له نشاطاً سياسياً في بداية حياته ضد الأنظمة الظالمة و منها آلنظام البعثي الهمجي ألهجين, لذلك واجهت العائلة و الأصدقاء و الأقرباء الكثير من المحن و المواجهات مع الظالمين و تَطَبّعوا منذُ آلبداية على آلرفض المطلق لتلك آلأنظمة الجاهلية ألتي خنقت آلأنفاس و آلحرّيات و هدرت حقوق الناس و قتلت آلمفكرين و آلعلماء و آلمثقفين ليحلّ آلموت بَدَلَ آلحياة في كلّ حدبٍ و صوب في آلبلاد وآلعباد وآلعراء ليترك شعباً معوقاً جسدياً و نفسياً و روحياً و ستمدد المحن لأجيال أخرى .. و بذلك بيّضَت تلك الأنظمة و على رأسها نظام صدّام الجاهل بظلمه و جرائمهِ وجْهَ كل طغاة التأريخ بما فيهم آلحجاج بن يوسف ألثقفي و هتلر و موسيليني. * و لإنّ الفيلسوف الكوني الوحيد في هذا الوجود أمن بأنّ آلفكر هو وحده الذي يُمثّل حقيقة وجود آلأنسان؛ لذلك لم يترك كتاباً فكريّاً أو فلسفياً أو تأريخياً أو إجتماعياً..إلّا و طالعهُ بدقة و تأنٍ, كي لا يفوته شيئ من تأريخ الكون و الأنسان, لكونه إنسان إرتقى سلم الآدمية بعد ما كان مجرد أحد البشر .. فدرس إيبستيمولوجيا المعرفة من وصية أبينا آدم(ع) ألتي أتى بها إلى آلأرض ثم تنقل من يد لآخر, مروراً بنزول "إقرأ" في آلقرآن آلكريم كآخر كتاب سماوي في الأرض و إلى آخر نتاجٍ فكريّ مُعاصر .. سريعاً أو متأملاً؛ مُسْتطلعاً أو باحثاً - لكنّه و يا للحيرة كلّما كان يغوص في أعماق معارف آلآفاق و آلأنفس أكثر؛ كلّما كنتُ أحسّ بآلمزيد من آلجّهل و آلحيرة أمام عظمة آلحقائق و آلعلوم و الجمال و آلأسرار آللامتناهية في هذا الوجود كانت تؤرّقه و تشلّ إرادته حد التسليم مسبباً له الدوار في رأسه, و كاد أن يستسلم أمامها .. مِراراً .. لولا آلألطاف آلألهية ببركة أهل آلبيت(ع) المظلومين و عشقه الكبير لله تعالى آلذي أعانه في كلّ نجاح حقّقته حتى صار أميناً على رسالة الكون العظيمة التي تركها الناس الذين فقدوا الضمير و الوجدان و آلرحمة .. و وُفّق إلى حد كبير في آلرّبط و ليس – آلدّمج - بين آلأفكار و آلعقائد و آلعلوم الطبيعية و الأنسانية من خلال نتاجات عديدة كسلسلة ؛[أسفارٌ في أسرار آلوجود] و [ألسياسة و آلأخلاق ؛ من يحكم من؟] و [مستقبلنا بين الدين و الديمقراطية] و [محنة الفكر الأنساني] و [ألأزمنة البشرية المحروق] و [فلسفة الفلسفة الكونية] و غيرها, بجانب "آلمقالات" التي ملأت الآفاق - لأنّ الدّمج و آلخلط بين آلأفكار يُسبّب آلفوضى و آلتناقض و آلجنون في فكر آلأنسان المثقف الأكاديمي و الباحث و كل من يسلك طريق الثقافة و الادب, و بالتالي ألتّشتُتَ و آلضياع, و تلك لعمري هو حال معظم - إن لم أقل كل - ألمُتثقفين ألمعاصرين! لذلك كان الفيلسوف الكوني و ما زال يستقبل و يستمع لكلّ آلآراء كي يعرف مواقع الخطأ و آلشبهة للوصول إلى خفايا الحقيقة مهما كان الثمن لبيان آلحقّ للناس كما يستحق. * و يعتقد الفيلسوف الكوني بأن آلأنسان لا يمثل إلّا آلفكر بجانب المحبة, لأن [الدين و العلم تؤأمان؛ إن إفترقا إحترقا], و قوله أيضا: [الأشجار تتكأ على الأرض لتنمو و تثمر لكن الأنسان يتكأ على المحبة لينمو و يثمر]؟ و لا يتكامل الفكر إلا مع القلب الرؤوف في اجواء الأمن و الهدوء .. و آلأهم ما في آلفكر هو مرجعية ذلك آلفكر و قواعده, و إذا ما أردنا لذلك آلفكر أن ينتشر من قبل آلنخبة فلا بُدّ من تحديد آلمنهج ألأمثل و آلعمل آلفكري جنباً إلى جنب مع آلتواضع و آلأخلاق والسلوك السوي؟ لأنّ آلمجتمع ألذي لا يصنع أفكارهُ آلرئيسية بنفسه لنيل آلكمال؛ لا يُمكنه حتّى من صنع آلحاجات آلضرورية لأستهلاكه و معيشته,وهكذا المنتجات الضرورية لتصنعيه! كما لا يُمكن لمجتمعٍ في عصر آلنهضة و(المعلومات)أن يُحقّق آلبناء و آلإعمار والرّقي بآلأفكار آلمستوردةِ ألجاهزة التي قد يستطيع النطق بها وكتابتها؛ لكن من المستحيل وعيها و درك أبعادها, لأنها مُسلّطة عليه و تكمن فيها الأسرار من الداخل و آلخارج و لذلك بقيت حال الدول العربية و الأسلامية كما هي تُراوح في مكانها: إلأمة التي تريد أن تتطور تحتاج إلى آلأصالة آلفكرية و آلتوحيد آلعملي ألضّامن للنهضة و الأستقلال آلأقتصادي و آلسّياسي, و آلمفكر و فوقه الفيلسوف يتحمل مسؤولية ذلك لتحقيق آلعدل و آلخير, و كذا آلوقوف بوجه آلظلم قبل آلغير .. وفي أيّ بقعة ومكان من آلأرض. * و يعتقد باننا لو قدرنا على ربط آلأفكار و آلمفاهيم و آلقيم و آلعلوم و برمجتها منطقياً للتطبيق بدون آلدّمج؛ لتمكّنا من آلعيش أحراراً و لحقّقنا آلكثير لدُنيانا و آخرتنا, من غير أنْ يفرض آلآخرون آرائهم علينا أي إستعمارنا! فالمعرفة بجانب الأيمان هي القدرة و آلأستكمان لنشر آلعدالة وتقليل زوايا آلظلم و آلفساد و الفقر و آلأستغلال على آلأقلّ, و هذا هو فنّ آلسياسة اللأنسانية الكونية آلمشروعة في آلفكر آلأسلامي و نقطة آلأنطلاق آلصحيحة للبدء بآلأسفار الكونية للوصول إلى مدينة العشق! و لأجل تلك آلمقدمات, وآلجهل بسِرّ آلأسرار في آلكون و آلخلق بدأ الفيلسوف الكوني الخزرجي .. بالبحث عن فضاآت أرحب للمعرفة و لأطلاق عنان الفكر, لذلك لا بد من التوكل على الله و البدء بآلأسفار شرقاً و غرباً, خصوصا بعد ما عجزت حوزةآلنجف بكل ثقلها العلمي و تأريخها من إرواء ضمئه آلروحي و آلفكري .. حيث لم يجد ضالته فيها خصوصاً بعد إستشهاد أستاذه آلروحي ألعارف ألفيلسوف محمد باقر آلصدر(قدس), فقد بدأ يشعر من بعده بالموت آلبطيئ مع إستمرار البعث آلهجين بفسادهِ في آلحكم لتقرير مصير الشعب العراي الذي عاش و مازال يعيش في أعماق الجهل, فمضي باحثاً عن جواب شافي لقلبه و روحه ألمتلهفة لمعرفة الحقيقة و ما كان يدور حول العالم وفي هذا آلكون من آلألغاز و آلأسرار و آلرموز آلتي أحاطتْ بفكره وسط أمواجٍ و إعتراضات و أسئلةٍ عصيّةٍ على آلمقاومةأباحت حتى دمه! * كانتْ مدينتا (قمّ و طهران) بعد أوربا .. ألمحطة ألسابعة وآلثامنة بعد هجرته الأولى من آلعراق عام1979م, حيث لمس فيهما آلحقيقة كلها تقريباً لوجود أساطين العلم و الفلسفة أمثال المطهري والآملي! فعكف على مطالعة أفكار آلعلماء وآلعرفاء و إلتقاهم شخصيّاً و تباحث معهم لسنين منهم فيلسوف العصر جواد الآملي الذي طمأنني بأني مُؤهل لزعامة الفكر الأنسانيّ - الكوني وإن كان قد خسر عمراً مع أحكام المنطق و الاصول و التقليد الشخصية البالية التي لم تغن و لم تسمن من جوع والتي تعلّمها في النجف, و مؤكّداً بأن الحكمة العملية قد ينالها صاحب القلب السليم فجأة بإذن الله, و كما كان حال السهروردي و السلطان شاه آبادي و الملا صرا و (إبن سينا) الذي قال :[ لقد كان (أبو سعيد أبو الخير) سبباً في تقدّم إيماني 50 عاماً للأمام] كان هذا بعد لقائه و مرافقته للعارف أبو سعيد في نيشابور التي تسمى بخراسان ومدينة(مشهد اليوم)في قصة وحادثة معروفة عرضناها في مباحثنا, لكنّه - اي الفيلسوف الكوني - ترك تلك آلبلاد ألآمنة ألعامرة بآلعرفان و آلعشق و آلأسلام آلأصيل عام1995م بإذن شرعيّ, إلى أقصى آلدّنيا شمال أمريكا(كندا) لتكتمل غربته في هذا آلوجود(الروحية والمادية), حيث إنقطع عن آلأصل والفرع تباعاً, و إنْ إرتاح وإنتعش آلجسم - ببعده المادي قليلاً لكنه بآلمقابل عانى ألم الفراق والبعد عن معشوقي الأزلي وسط غربة مضاعفة أضيفت لغربته الأولى حين أنقطع عن الأصل يوم ولد في هذه الدنيا بكل معنى الكلمة, و رغم كل المعوقات والغربة فقد إنطلق آلفكر و في جولة أخرى وسط مجتمع يختلف كثيراً عن شرقنا, و ما إستقرّت روحه و ما إرتاحت حتى هذه اللحظة.. بل عانى آلكثير حين أدرك محنة حقيقة الأنسان في بلد "آلديمقراطية" بكلّ أبعادها, و أحسّتْ بتفاهة – بل خطورة - ألبعد آلمادي عندما يتجَرّد آلأنسان من بُعدهِ آلرّوحي و آلفكريّ في معركة الحياة مهما كانت تلك البلاد متطورة مادياً و تكنولوجيا, لأنّ آلمادّة لا تُمثّل حقيقتنا الأساسية, بل آلأصل هو قلب آلأنسان و ضميره آلباطن و وجدانهُ - بآلطبع يقصد الحكومات و الأنظمة و ليست الشعوب المغلوبة فيها بسببهم! و رغم هذه آلمأساة .. لكنه لم يستكين و لم يستسلم في آلبحث عن ضآلته! لهذا بقي غريباً بحقّ .. عن آلدّيار و آلآثار و آلأصول و الجذور .. فطباعه الشرقية بقيت هي الأصل الذي يحرّكه! *في تلك البلاد طالع بشغفٍ أسباب محنة آلأنسان و وجهته المعاصرة وسط زبرجة الحياة و صوت التحرر, و قارنها مع قصة آلفلسفة و آلوجود, و أصل آلأفكار و دواعيها, و آلصراع آلأزلي بين الخير و آلشر, و علّة تفنّنْ آلأنسان في آلأستغلال و آلتسلط, و نشأة آلكون و أصل آلوجود, و نظرية ألـ (ألبَك بَنك), و حقيقة المادة ونشأتها و مكونات الذرة و آلزمن .. و سبب "قَسَم" آلله تعالى بـ " آلعصر"؟ و هل يتقدم أم يتأخر مع آلحركــــة؟ يزيدُ أم ينقص مع إســتمرار آلحياة؟ ثم أسرار و مقياس آلجمال في آلوجود! و علاقة آلقلب مع آلعقل, و آلجسم مع آلروح, و رابطة تلك القوى آلمجهولة مع آلنفس! و آلكلّ مع منبع آلفيض آلألهي. و آلحكمة من كل تلك آلألغاز في آلوجود! وهل آلأنسان و كلّ تلك آلألغاز خُلقتْ لغاية عظمى؟ و هل حقاً لنا وجود في آلوجود؟ أم إننا قائمون بوجود أصل حقيقي نجهله؟ و هل نُفنى و يفنى كلّ هذا الوجود .. بعد "آلصّورَتَينْ" ليبقى فقط وجه ربك ذو آلجلال و آلأكرام؟ وإذا كان كذلك؛ فلماذا إذن كل تلك المحن و المكابدة و آلأسفار في آلآفاق و آلأنفس و آلملكوت؟ ماذا وراء تلك آلحِكَمِ ألمكنونة؟ و أين يكمن سرّ آلأسرار؟ و تأسف بل كثيرا ما بكى ولا زال لمحنة أخيه الأنسان و لمحنته و لمحنة"جبران خليل جبران" و"إيلياأبو ماضي" و "أبو سعيد أبو الخير".. لأنه عندما إلتقى بآلعارف أبو الخير .. كان من وراء حجاب في عالم آلبرزخ الذي يتوسط بين الدنيا و الآخرة .. لذلك لم يجديه جواب الفيلسوف على حِمَمِ أسئلتهِ آلكبيرة آلتي تركها بعد ما نثرها على آلعالمين قبل قرنٍ تقريباً.. معلناً "لستُ أدري" .. ومن أين أتيْت؟ و كيف أتيتْ؟ و إلى أين أتيتْ؟ و لِمَ أتيتْ؟ و مع من أتيتْ؟ و إلى أين أرجع؟ أمّا فيلسوفنا القدير فقد علم .. لكنه تأسف من تلك المعلومة و تمنى بان لم يكنْ قد علم!؟ لأنه علم أنه لا يعلم شيئاً من سرّ آلوجود و آلزمن و آلجمال و أصلّ آلشر في آلأنسان .. سوى حقيقة واحدة .. هي حبّه للأنسان رغم كل الذي لاقاه منه, فقد جبلت نفسه عليه مُذ كان صغيراً! ليعيش بين حقائق و تناقضات كثيرة! لأنّ ألصدق في آلحب مع آلناس يعني تدمير النفس, كماآلصدق مع آلذات يعني قتل الذات. و هل هناك أصعب من أن يعيش آلأنسان مُحمّلاً بأثقالٍ عجز عن حملها آلسمواتُ و آلأرض و أشفقن منها!؟ لذلك طالما كان يقول؛ شيّبتني تلك الأمانة آلتي إحتوتني بإختيار و بلا إختيار! فأكتملت محنتي و زاد تواضعي حين أدركتُ آلحقيقة آلكبرى و تلك آلأمانة آلثقيلة .. خصوصاً عندما طالع وصيّة العارف الكبير "إبو سعيد أبو الخير" للعارف آلفيلسوف " أبن سينا" حيث قال له عقب حادثة محيّرة: [عليك يا أبن سينا أن تخرج من آلأسلام آلمجازي و تدخل في آلكفر آلحقيقي], فأعقب آلفيلسوف آلهمام أبن سينا على تلك آلوصية بالقول: [ لقد سبّبتْ لي تلك الجملة تقدميّ في مدارج آلأيمان خمسين عاماً"! * بعد هذا السفر العظيم, بقي الفيلسوف الكوني مهموماً .. كئيباً .. مثقلاً .. أذاب آلصبر على آلمعشوق جسده النحيل وأثقل روحه حتى عاد لا يتحمّله, و ما يُدرينا .. لعله سيبقى لولا رحمتهِ حائراً وحيداً مكتئباً مكسور القلب مغترباً بقية العمر كقدر كونيّ حتى يلقى محبوبه الأولي في يومٍ موعود لا شكّ فيهِ!؟ * و رغم كونه فيلسوفاً كونيا وحيداً بعد ما كان مجرد مهندسا و مدرسا ثم مديراً و متخصصا و أستاذا جامعياً, و حائزاً على دبلوم إختصاص في تكنولوجيا آلتربية, و ماجستير في علم النفس, و متخصص في الفلسفة بالأضافة لدورات علمية عديدة – إلّا أنّ كل ذلك آلخزين آلعلمي و آلمعرفي و آلتجارب آلعملية لا تعادل دُروس آلعرفان و العشق و آلأخلاق ألتي تعلّمها و أخذها مباشرةً من أستاذه ألأنسان بل الآدميّ ألشهيد ألفيلسوف محمد باقر آلصدر(قدس)أثناء زياراته له في آلنجف آلأشرف خلال السبعينات نهاية كل شهر و مناسبة! و لم يترك في وجوده كل تلك الأختصاصات بجانب عشرات آلآلاف من آلأساتذه أثراً يذكر – لكون كل كتاب قرأهُ كان أستاذاً له – لكنها لم ترتقى للقدر الذي تركه ذلك آلأنسان الآدميّ ألشهيد ألكامل من حقائق علّمته كيف السبيل لمعرفة الحقيقة وسط الهرج وآلمرج والنقاق و الكذب الذي يعيشه العالم .. كل العالم! * ترك التنظيمات ألحزبية - آلحركيّةرغم تأسيسه لحركة آلثورة آلأسلامية 1975م, حين رأي بأن آلأطار آلحزبي يُقيّد حركته و حركة آلآخرين و تكاد آلصنمية تطغى على حياة الحزبي - آلحركيّ, رغم أهدافهم آلعالية بآلدعوة للأسلام لإنقاذ الأنسان من شر (المنظمة الأقتصادية العالمية) و تأسيس آلحكومة آلأسلامية العلوية بدلها, هذا على الرغم من مباركة كلّ آلمرجعيات آلدّينية للعمل الأسلامي, لأن الكوني لا يمكن أن يحصر نفسه ضمن تنظيم لمنفعة الرؤوساء و كما هو حال كل التنظيمات العاملة إسلامية و غير إسلامية, بلا جدوى ونتيجة, خصوصاً بعد ما لاحظ عملياًإنقطاع حبل الولاية في مسعاهم و بُعد المتحزب عن محبة الله و الأنسان و التكور حول ذاته ونفسه الأمارة بآلسوء, بسبب دورانهم في حلقات و مدارات آلتنظيم و العمل آلحزبيّ آلمحدود الذي يحجم فكر و روح الأنسان, حيث لم تعد تُناسب حجم و قوة آلأفكار وآلأهداف وآلموضوعات التي كان بصددها خصوصا بعد إنتصار ثورة آلحقّ في آلشرق! * كتب الفيلسوف الكوني مئات آلبحوث و آلاف آلمقالات آلمختلفة و البيانات العامة في آلسياسة و آلفكر و آلأعلام و آلمنهج و آلفلسفة و آلعلوم و آلمناهج, و شارك في ألتمهيد لتأسيس آلمجلس آلأعلى آلعراقي عام1981م, و تأسيس أوّل صحيفة لها بإسم(آلشهادة), وقبلها تأسيس صحيفة آلجهاد بعد ما كانت مجلة شهرية بإسم الجهاد ثم (بيام دعوت) بآلفارسية, و أسّس ألمراكز و آلمواقع و آلمنتديات آلأعلامية و آلفكرية و آلمنابر الثقافية العديدة تباعاً, كان ولا زال تربطه علاقات و صداقة مع الفيلسوف سروش الذي يُعد من أبرز الفلاسفة العشر المعاصرين في العالم, حيث عمل معه لأصدار مجلة سروش ولأعوام و عمل مع كبار المثقفين و السياسيين العراقيين منهم عزّ الدين سليم و أبو محمد العامري حيث كان مستشاراً و منظمماً و مخرجاً لصحيفة(الشهادة)المعروفة و قبلها (الجهاد) و قبل ذلك مجلة (الجهاد) و (رسالة الدعوة) و النشرة الخاصة المحدودة التداول (العيون) والتي كانت توزع على خمسة أشخاص فقط هم: السيد محمد باقر الحكيم و آلشيخ سالك ممثل الأمام الراحل و رئيس قسم المعلومات في المجلس,و كذلك موقع (المنهج الأمثل)وغيره و قصته تطول و تطول نكتفي بهذا ولا حول ولا قوة إلا بالله آلعلي آلعظيم ألسيد الموسوي
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.