مجزرة 1988 بحق المعارضين الإيرانيين.. فضيحة تطفو على السطح من جديد

walifaqihعلي أحمد الساعدي

ربما الكثير من أبناء الجيل الجديد لم يطلعوا على تفاصيل إحدى أفضع المجازر التي ارتكبت على مستوى العالم في أواخر القرن الماضي والتي قد لاتقل في فضاعتها عن كارثة سربرنيتسا في البوسنة والهرسك، إذ قام النظام الإيراني في عام 1988 بإعدام أكثر من 33 ألف سجين سياسي في غضون أقل من شهر، في محاكمات صورية لم تستغرق الواحدة منها أكثر من دقيقتين !
وما يؤسف له أن الظروف التي حصلت فيها تلك المجزرة ساهمت في جعل العالم لاينتبه إليها لانشغاله بقرار وقف إطلاق النار بين إيران والعراق، وموت خميني ومجيء رفسنجاني بديلاً له، فضلاً عن عدم وصول المعلومة الى وسائل الإعلام العالمية بسبب انغلاق إيران على نفسها أولاً ، ولقلة وجود شهود أحياء على المجزرة في ذلك الوقت لأن الإعدامات شملت الجميع، فكانت بمثابة تصفية وتفريغ للسجون من السجناء السياسيين، ومعظمهم من أعضاء أو أنصار منظمة مجاهدي خلق التي كانت تثير الذعر لدى الملالي بما تمتلكه من قاعدة شعبية قوية داخل وخارج إيران .
والمجزرة ابتدأت بالفتوى المشؤومة التي أفتى من خلالها خميني بإعدام كافة السجناء السياسيين والمعارضين (وعلى وجه الخصوص مجاهدي خلق) بتهمة محاربة الله ورسوله، فالولي الفقيه في فلسفة النظام الإيراني هو الوكيل عن الله ورسوله (وهي فلسفة شديدة الشبه بالفكر الداعشي في وقتنا الراهن، إذا لم نقل أن فكر داعش انبثق عنها) ، وفور صدور هذه الفتوى باشرت فرق الموت بتنفيذ الإعدامات بالجملة من خلال تعليق كل ستة مشانق بشكل مرصوف جنباً الى جنب وشنق كل ستة معارضين دفعة واحدة، في عملية مستمرة استغرقت شهراً .
أما المحاكمات، فكما أسلفنا كانت لاتتعدى الدقيقتين، إذ يوجه الملا سؤالاً للمتهم (هل انتميت الى منظمة مجاهدي خلق؟ ) ، فإذا كان جوابه (نعم انتميت لمجاهدي خلق) كان مصيره الإعدام، وإذا أجاب قائلاً (لستُ منتمياً لمجاهدي خلق) كان مصيره الإعدام أيضاً، لأنه وصفهم بأنهم (مجاهدين) ولم يقل (منافقين) ، أما من يرد بالقول (لستُ منتمياً لمنافقي خلق) فيتم النظر في أمره أما أن يعدم أو يتم التريث في إعدامه، وهؤلاء قليلون طبعاً، لسببين ، الأول ان شعبية مجاهدي خلق واسعة جداً وباعتراف مصادر موثوقة ان 90 بالمئة ممن تم إعدامهم في تلك المجزرة كانوا بالفعل أعضاء في منظمة مجاهدي خلق المعارضة أو من أنصارها، والثاني أن مجاهدي خلق كانوا يواجهون القاضي (الملا) بكل شجاعة ويقرون بأنهم أعضاء في هذه المنظمة الثورية، لأنهم رجالاً ونساءً تربوا على مبادئ ثورية عظيمة جعلتهم يرتقون الى المشانق بشجاعة وبلا خوف، فرحين فخورين محتفلين باستشهادهم، حتى ان البعض قد يصاب بالذهول لشجاعتهم ويظنهم مجانين، لكنه جنون بعشق الحرية وعشق الأرض التي ينتمون لها وعشق شعبهم وإيمانهم بعدالة قضيتهم وضرورة التضحية من أجل مستقبل الأجيال القادمة التي كتب عليها أن تولد في بلد تسيطر عليه عصابات الولي الفقيه .
واليوم.. تطفو هذه المجزرة على السطح من جديد بعد مضي خمسة وعشرين عاماً عليها، وسط مطالبات دولية وشعبية بمحاكمة مرتكبيها في محكمة العدل الدولية، سيما وأن كل مرتكبيها مازالوا موجودين في مواقع عليا ومناصب مهمة في حكومة الملالي، باستثناء المقبور خميني الذي مات، ولابد اليوم من فتح هذا الملف الذي يكشف عن حقبة سوداء مظلمة من تاريخ إيران .

About علي أحمد الساعدي

علي أحمد الساعدي
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.