ما من وردة على حافة القطار تنتظرني

الاديبة السورية سوزان محمد علي

ما من وردة على حافة القطار تنتظرني، لا أهل ولا حبيب ولا أخوة، الجميع فروا من ساحة المعركة خائبين، تتدلى من سراويلهم ملاعق وأحذية وحبال، والغرباء يتدحرجون من أعالي السفوح مثل سيالة عصبية ويدخلون رأسي، ينبشون لوني الأزرق، ثم يغرقون…
يا إله الترجي والفوضى، يا طبخة وحيدة تهرس رائحتها في الليل، أنا امرأة من أفغانستان، وضعتُ قرطا في حاجبي ليلة أمس كي أضيع، وحلمتُ ببلادي، بأرجوحة تنزع نهدي وتعطيه للقمر، دخلتُ ألمانيا بأوراق مغشوشة، وتعلمتُ الكذب، الكذب أقصى ما أستطيع فعله هنا، لا أحد يصدقني، حتى صوت طفلتي في الهاتف.
غدا سيكون أفضل أيتها القبيحة، أنت وإبطك وغطاء سريرك وصحنك الأبيض الوحيد، بينما يتثاءب البطريرك في عادته السرية، ستحلمين بأن تصيري بيضة، بيضة ساخنة تتلوى بين خمس دجاجات، فوق قش يابس أصفر، تحت قرميد عتيق مهترئ، وصوت امرأة من البعيد يقترب، يحرك قشرتكِ، يمضغ سؤالكِ، امرأة تغني لحبيبها القادم من الحرب…


وألمانيا عجوز تحب التلفاز وشجر الكستناء، تربي كلبا بنيا في تجاعيدها، تجرني من أذني مع كلبها، تسحبني من دموعي، هنا موعد القطار، هنا موعد الطعام هنا موعد الجنس هنا موعد الموت…وألمانيا تكره المكانس وسلة القمامة، لأن ألمانيا تكتب كثيرا، تكتب أسرع مني، ولا تعرف طعم النسيان…معنى أن ترمي جواربك في الزاوية ثم تجثو وتبكي كسجين نسي الله توقيت إعدامه بالخطأ.

This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.