صوت أُمِّي من على باب السجن البولوني في حمص كان أعلى من طرطقة الجنازير المربوطة بِنَا نحن العبيد قبل ترحيلنا الى محطة جديدة و هي سجن تدمر العسكري..
سمعت صوت دموعها تسبق لسانها و هي تتوسّل الشرطي بأن تراني و لو للحظة قبل ان تسير بِنَا تلك الحافلة ..
كنت مقرفصاً تحت الشباك الصغير اسمعها و لا أجرؤ ان أمد برأسي الحليق لأريها وجهي و أجبر بخاطرها، بل ارتأيت ان أبقى مقرفصاً على ركبتاي المبتلتان بصقيع رطوبة السجن التي نهشت كرامتي قبل ان تنهش لحمي..
سألتها عندما عدت ..
ماذا ستكون ردة فعلك لو رأيتي ابنك البكر مربوطاً ذاك اليوم بسلسلة الحديد الصدئة ، بأكتافه الهدلة ، و برائحة الخنازير الصادرة منه !! فأجابتني
بالصمت .. عرفت وقتها ان قراري كان صائباً باستمراري بالجلوس على ركبتي ، و الا لشاهدتها حينها على ركبتيها ايضاً ..