لنضحك معا من الاغتصاب الزوجي

كل علاقة جنسية تتم بالإكراه هي علاقة غير سوية حتى لو كانت حلالا

بقلم سناء العاجي/
ما يشبه “النكتة” وهي في الواقع أقرب إلى الطعنة. عبارة قد تكون وصلت بعضكم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. تقول العبارة إنه، “إذا كان إجبار الزوجة على علاقة جنسية يعد اغتصابا، فإن إجبار الزوج على إعطاء المال يعد سطوا”.
هكذا، بكل بساطة الغباء وبكل بساطة الظلم… وبكل فداحة الوجع!
شخصيا، لم تضحكني “النكتة”. وصلتني من أكثر من شخص، وتساءلت كيف يستطيع البعض، حتى وهم يصنفون في خانة المدافعين عن قيم اليسار وحقوق الإنسان وحقوق المرأة، أن ينشروا “نكتة” بهذا المحتوى. نكتة، تصور فظاعة الاغتصاب عموما والاغتصاب على فراش الزوجية بشكل خاص، بشكل اختزالي مقرف وموجع.
إن استسهال هول الاغتصاب على فراش الزوجية عبر مقارنات غير متوازنة يساهم في نشر وتشجيع ثقافة الاغتصاب والعنف
بكل البساطة الممكنة، لا يمكننا أن نقارن الاغتصاب بشكل عام، واغتصاب الزوجة من طرف زوجها، بأية قضية أخرى وخصوصا حين يتعلق الأمر بقضية لا تمس كينونة الضحية في عمقها.
هذا لا يعني تبرير الابتزاز المادي الذي قد تقوم به بعض الزوجات. لكن الابتزاز المادي أو إرغام الزوج على إعطاء مبالغ من المال قد لا تكون مبررة، لا يرقى إلى بشاعة وفظاعة الاغتصاب. حتى وإن كان هذا السلوك مدانا، إلا أن مقارنته بالمعاناة النفسية والجسدية التي يشكلها الاغتصاب، يترجم إما عدم الوعي بفظاعة الجريمة المرتكبة، أو محاولة للتقليل من فظاعتها باعتبارها مجرد مشكل زوجي قد يحدث للجميع.


باختصار، الابتزاز المادي هو أمر مرفوض بين الزوجين، لكنه بالتأكيد لا يمس جسد وكينونة الضحية؛ لأن الضرر يبقى ماديا مستقلا عن الجسد وعن الروح وعن الكرامة التي تنسف جميعها مع كل ممارسة جنسية غير مرغوب فيها.
لعلنا نحتاج أيضا أن نذكر من يتساءلون: “كيف تتحدثون عن اغتصاب وهي زوجته؟”، بأن ممارسة الجنس مع شخص لا يرغب في ذلك، هي مدعاة لمعاناة نفسية وجسدية حقيقية، مهما كانت طبيعة العلاقة.
أن تكون المرأة زوجة رجل معين، فهذا لا يعطيه الحق في غصبها على ممارسة جنسية لا تريدها. حتى حين تكون العلاقة شرعية، فهذا لا يمنع أن المرأة أحيانا قد لا تكون راغبة في ممارسة الجنس لأسباب كثيرة.
باختصار، كون العلاقة “حلالا” لا يمنع عنها طابع الاغتصاب والعنف، ما دامت تتم بغير رضى أحد الطرفين. العلاقة الجنسية لا يمكن أن تكون مقبولة إلا بتراضي الفاعلين.
أن تكون المرأة زوجة رجل معين، فهذا لا يعطيه الحق في غصبها على ممارسة جنسية لا تريدها
لذلك، علينا أن نتساءل دائما كيف يقبل رجل ممارسة الجنس مع امرأة لا ترغب به، حتى وإن كانت زوجته؟ هل يجعل عقد الزواج من العلاقة الإنسانية التي يفترض أن تربطهما، علاقة بيع وشراء تصبح المرأة بموجبها ملكا للرجل يفعل بها ما يشاء أنى يشاء؟
ثم، أي منطق يجعلنا ننظر بشكل قدحي لعلاقة عاطفية أو جنسية تتم بالتراضي بين شخصين راشدين، ونقبل بشكل طبيعي علاقة جنسية يفرضها طرف على طرف آخر لمجرد توفر عقد زواج وصداق؟ أليست العلاقة الرضائية، كيفما كانت صيغتها، هي الأقرب للعلاقة السليمة والمقبولة؟
الواقع أن ما يحدد شكل العلاقة ونقاءها هو عنصر التراضي، بالزواج أو خارجه. كل علاقة تتم بالإكراه هي علاقة غير سوية حتى لو كانت حلالا.
نقطة أساسية أخرى علينا أن ننتبه لها، وهي تلك التي تتعلق بتبخيس العنف عبر ما نعتبره نكاتا أو قفشات.
إن استسهال هول الاغتصاب على فراش الزوجية عبر مقارنات غير متوازنة يساهم في نشر وتشجيع ثقافة الاغتصاب والعنف. خصوصا حين يتم هذا التبخيس، حتى لو كان عن طريق النكتة، من طرف من يفترض أنهم فاعلون في القضايا الحقوقية السياسية والاجتماعية.
شبكة الشرق الأوسط للإرسال

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.