من باب الفكاهة قدمت قصة بعنوان “فيل يطير” في لقاء الأمس مع نخبة من شباب الخليج المتنور؛ لنرى كيف كانت تتم صناعة الخبر في العصر العباسي؟ لسد الثغرات التاريخية في السردية الإسلامية!
هل سَمِعْتُم عن فيل يطير؟
تقول هذه الرواية: يروى أن الخليفة أبو جعفر المنصور العباسي، كان يحب ابنه أبو عبد الله محمد المهدي حباً شديدًا، وكان حريصًا على تهيئته لخلافة المسلمين بعده، فأنشأ مدرسة خاصة لولي العهد، حتى يعلمه الحكمة والمعرفة، فكلف الإمام مالك بن أنس لتعليم الأمير أصول الدين والعقيدة، وفي الشعر والأدب كلف الشاعر الكبير عبد الملك بن قريب الأصمعي، وفي التاريخ والسياسة كلف صاحب السيرة النبوية محمد بن إسحاق.
في يوم من الأيام خرج الأمير المهدي من حصة حفظ القرآن وتفسيره عند الإمام مالك، وكان عنوان الدرس: “قصة أصحاب الفيل”، ثم دخل درس الشعر والأدب عند الأصمعي، وكان هذا الأخير يفكر في نظم قصيدة بعنوان “صوت صفير البلبل”، يصعب على أمير المؤمنين أبو جعفر حفظها من أول مرة يسمعها، لينال صاحبنا (الاصمعي) مكافأة عظيمة من الخليفة، بينما الأمير كان يفكر في قصة الفيل والطير الأبابيل؛ حيث ذكر له شيخُه الإمام مالك عن ابن عباس قال: ”كَانَتْ طَيْرًا لَهَا خَرَاطِيم كَخَرَاطِيم الطَّيْر”، وفي زحمة التفكير في خراطيم الطير، سأله الأصمعي عن اسم طير يغرد ويطير، طبعاً ليجيبه بالبلبل بطل قصيدته التي يفكر في نظمها، فرد الأمير بسرعة تحت تأثير قصة الفيل والطير التي لها خراطيم، فأجاب: “الفيل يا معلم”، فضحك الأصمعي قائلا: ” الفيل لا يطير يا مولاي”! فاشتاط الأمير غضباً من معلمه، وخرج يبحث عن ابن
إسحاق ليسأله عن قصة الفيل الحقيقية، فوجده يصلي في ركن من أركان القصر، فلم يصبر الأمير حتى يكمل المعلم صلاته، فأسرع إلى غرفته وهو يشتم الجميع، فقطع المعلم صلاته لما رأى عليه حال الأمير، فركض إلى الأصمعي ليسأله عن سبب غضب ولي العهد، فرد عليه خائفًا: “سألته عن اسم طير يطير فأجاب: “الفيل يا معلم” فقلت له “الفيل لا يطير يا مولاي”، فغضب من قولي وترك المجلس”. فرد عليه ابن إسحاق بدهاء قائلاً: أليس من الأفضل أن يطير الفيل على أن يطير رأسك يا أحمق؟ فقال الأصمعي صدقت “والله العظيم إنه يطير”.
كيف وجدتم هذه الحكاية؟
خلاصة القول:
إذا رُفع السيف والقلم أمام أمر، فإنما يقول له: “كن”، فيكون! شريطة قبول الحاكم ومباركة شيوخ البلاط.