كان أبو الحمز القصير القامة والضعيف البنية أشهر سكيري البلدة وأكثرهم جعجعة .
وما أن يتناول أول كأس عرق حتى يبدأ العربدة والشتائم , فيستل سكينه ويخرج إلى الشارع مزمجراً ومهدداً باغتصاب عنتر وعبلة وقبيلة بني عبس كلها … حتى أصبح شعاره الشهير : ” أنا أبو الحمز اللي افتعل بعنتر وكسر عينه ” أشهر مقولات حارتيّ الزينبية والتنابل .
أبو الحمز الضعيف البنية كما أسلفنا عاجز عن الدخول بمعركة مع أصغر صبيان الحارة والفوز بها , ولهذا لم يكن أمامه غير ” أبو فلطة ” المسكين بائع السمسمية ليضربه , وهو كهل شديد النحول نظراً لإصابة قديمة بالكوليرا نجا منها لكنها أثرت على بنيته بشكل فظيع .
كانت كاسات العرق التي يشربها أبو الحمز تترجم بضرب لا رحمة فيه للمسكين ” أبو فلطة ” , ولا يتوقف عن ضربه إلا بعد أن يرى جارنا ” أبو الأمير ” قادماً .
عندها فقط يطوي موسه الكباس ويفر هارباً , ليعاود المسلسل في اليوم التالي .
كان بعض ختايرة الحارة يشتكونه للشرطة أحياناً , لكن أخاه المخبر الذي يعمل مقرئاً ومؤذناً في جامع السلطان ابراهيم سرعان ما يتدخل عند رئيس مفرزة المخابرات للضغط على الشرطة للإفراج عنه , وبهذا يكون أبو الحمز الذي يفتعل الفاحشة بعنتر وعبلة وقبيلة عبس كل يوم هو مشكلة الحارة المستعصية التي بقيت دون حل .
وفي إحدى المرات اتفق زعران الحارة مع زعران حارة القبلية على قضاء عصرونية حمراء في منطقة النقعة الجميلة عقب صلاة الجمعة , وكان على رأس القائمة أبو الحمز الشهير بالطبع .
أنهى الزعران صلاتهم بخشوع ثم توجهوا إلى النقعة ليبدؤوا الكاس والطاس , وهنا – كالعادة – أخرج أبو الحمز موسه الكباس بعد الكأس الأول ليبدأ عربدته , ثم نظر إلى الموجودين .
كانوا جميعاً شباباً مفتولي العضلات , يستطيع أحدهم قرقشة أبي الحمز ومرمشته دون أن يتحرك من مكانه حتى .
وهنا ركبت الحكمة عقل أبي الحمز فصرخ قائلاً : وينو أبو فلطة هالعرص , جيبولي أبو فلطة هلئ هلئ لفرجيلكن ياه .
” قصة غير كاملة “
للراحل أيهم نور الدين “
جبلة – حارة التغرة – 2011
ملحوظة : مات أبو الحمز من الرعب لاحقاً بعد أن ضربه أبو الصافي كفين.
——–