أدلة في القرآن على نشوئه في آسيا الوسطى
صباح ابراهيم
انتشرت المسيحية بين العرب منذ أواخر القرن الميلادي الأول وربما مع مطلع القرن الثاني . وفي تلك الفترة كانت الكتب المسيحية من اصول آرامية تنتشر في مناطق الهلال الخصيب. منها كتاب مرقمة فصوله للتمييز فيما بينها . قد يكون ظهر في القرن الثاني . مع بداية القرن الثالث كان العرب المسيحيون من كهنة ورهبان بحاجة الى ما يتعبدون به من كتب صلوات بلغتهم العربية كما كان يفعله السريان واليهود. لذا بدؤا بترجمة بعض الأسفار اليهودية والمسيحية بجانب بعض قصص انبياء العرب فكتبوها بالخط السرياني المعرّب . من المفترض ان انتشار تلك الكتب والنصوص الدينية التي الفها وترجمها المسيحيّون العرب تزامنت مع إنتشار المسيحية بشكل واسع بين سكان عرب الهلال الخصيب . اي بين القرنين الثالث والرابع الميلادية . وكانت الكتب السريانية تترجم الى العربية بنسخها من مخطوطات اقدم. وقد وقعت فيها بعض الأخطاء اثناء النسخ .
من الكتب التي وقعت بين يدي محمد من مخطوطات مكتوبة بلغته العربية صحف اغلبها من تحرير وجمع تيار عربي مسيحي عتيق . لم يذكر فيها اسفار الكتاب المقدس التي بين ايدينا اليوم. كان محمد يجادل ويتعلم من اهل الكتاب العرب يهودا ونصارى. كما جادل فرقا مسيحية قديمة لم تكن منتشرة بشكل واسع يتمسكون بكثير من أحكام الشريعة اليهودية المكتوبة بالتوراة . ينزهون الأنبياء وينكرون بنوة المسيح لله او إلوهيته.
حاز محمد في المدينة من بعض اليهود على بعض صحف من المشناه اليهودية . أدخل محمد واصحابه تعديلات عليها خصوصا الفصول الأولى منها، وتعويضها بنصوص من الصحف العربية مع اضافة ترجمها زيد بن ثابت من صحف المشناه اليهودية. كما اضيفت اليها نصوص طريفة تحكي شيئا عن سيرة محمد الشخصية .
وهكذا تحول الكتاب المرقم الى مصحف على يد محمد واصحابه. ولأن نصوص المصحف كانت مزيجا من كتابات تعود الى أماكن وأزمنة مختلفة لذا نجد الى اليوم آثار تقاليد هجائية متنوعة بين كلماتها.
سنضرب بما في سورة هود مثالا على ذلك :
تبدا السورة بكلام نذير يخاطب قومه وفيه كلام ترغيب وترهيب .
” أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ” هود 2
ثم يبدأ كلامه عن النبي نوح من الآية 25.
ثم مقطعا عن هود الذي أرسِل الى قوم عاد، ثم يذكر قصة صالح وناقته، ثم قصة ابراهيم وقصة شعيب في مدين . ثم ينتقل ليروي حكايات عن النبي موسى وقصته الدراماتيكية مع فرعون. لتنتهي السورة بفقرة أخيرة يرجع فيها الخطاب الى النبي محمد وقومه .
نجد في القرآن كلمات كتبت بهجائين مختلفين مرة بتاء مربوطة وتارة بتاء مفتوحة ! مثل (النعمة النعمت ، حياة – حيات، صلوة – صلاة ) . (ضعفا – ضعفوا ) ، (شركا – شركوا) ، يعود اختلاف رسمها الى انها منقولة من صحف كتبت في أزمنة او مناطق مختلفة .
لا يمكن الإعتماد على القرآن لفهم تاريخ القرآن في زمن محمد، وما كان يحدث في مكة في تلك الفترة المحمدية، فالقرآن كتاب يخلوا من التواريخ وتسجيل الأحداث في اماكنها او تواريخا كما موجود بالتوراة والإنجيل ، فهناك نجد اسماء الشخصيات الكتابية بكل وضوح مع اسماء الاباء والأجداد، واماكن وقوع الأحداث واسماء المدن . اما في القرآن فلا نجد شيئا من هذا ابدا. الغريب ان القرآن لا يشير الى بيئة مكة او المدينة الصحراوية ، فلا وصف للصحراء والعواصف الرملية . بل يتحدث عن فواكه وبساتين لا وجود لها في تلك البيئة الصحراوية ، القاحلة ، ك التين والزيتون والعنب والرمان . وهذه كانت موجودة في بيئة بلاد الشام . وهذا يثير تسائلا عن البيئة التي كتب فيها القرآن . اما من كتب القرآن ونقل قصصه فهذه ابحاث تكلم عنها الكثير من الباحثين، وقد تبين ان القرآن كتاب منقولة قصصة من كتب أخرى اقدم منه، وقصص الأنبياء منقولة من التوراة اليهودية والمشناه والتناخ . اضافة الى اساطير غير منطقية واسماء انبياء لم يسمع احد بهم من قبل كصالح وشعيب .
وتوجد آية في القرآن تشير باتهام الى من اعان محمد على كتابة المصحف وهي (واعانه عليه قوم آخرون) !الفرقان 4
ومنها نفهم ان القرآن قد يكون من تأليف جماعي . حتى ان عمر بن الخطاب قد اعترف ان الله قد وافقه في ثلاث وربما اكثر من آيات قالها هو شخصيا فكتبت بالقرآن على انها وحي منزل !
اما السيرة النبوية فهي من صناعة عباسية تم تأليفها بعد اكثر من 150 – 200 عام بعد وفاة الرسول . ايعقل ان تنتقل روايات واحاديث النبي بكل دقة من جيل الى جيل شفاها بلا اضافات ونقصان وتحريف مقصود . ولهذا السبب نقح ابن هشام ما كتبه ابن اسحاق من السيرة النبوية لأنه لم يقتنع بما كتبه ابن اسحق فحذف منه الكثير .
اما صحيح البخاري فهو كتاب مثيرللجدل حتى بين المسلمين، فكاتبه رجل اعجمي من بلاد بعيدة عن بلاد الحجاز ويتكلم لغة اعجمية، وقد جمع احاديث وروايات بحدود ستة الاف وحذف ما يقارب الستين الف مما سمعه ولم يقتنع به . من هذا نقدر مدى مصداقية ما كتب عن النبي بعد 200 سنة من موته منقولا شفاهيا .
كان ابو بكر وعثمان وعمر أهم معاونين لمحمد في عملية القراءة والتنسيق والتأليف ، وكان ذلك التقارب سببا لتولي هؤلاء الخلافة بعد محمد، عثمان كان اكثرهم ثقافة وقد جعله عمر رئيس اللجنة المشرفة على كتابة القرآن الموحد وسلمه مصحف حفصة لينقل منه السور والآيات . وبعدها غدر عثمان باصحاب المصاحف التي اعطيت له ليستعين بها فاحرقها جميعا، وكانت احد اسباب مقتله .
هناك شخصيات اخرى لعبت ادوارا مهمة مع صحابة النبي في تأليف القرآن مثل سلمان الفارسي و دحية الكلبي ، لكنهم لم يستلموا مناصب مهمة في دولة الخلافة الأولى لأنهم لا ينتمون لأحدى القبائل المكية، حيث كانت السيطرة في دولة الخلافة للمهاجرين من مكة وليس للأنصار اوللغرباء . لا ينكر فائدة احاديث سلمان الفارسي القادم من العراق وبلاد فارس الزرادشتية، و دحية الكلبي الشاب الوسيم القادم من الشام التي اسمعوها لمحمد اثناء حياته، فكانت خير مصادر لكتابه الأولي . اما الأفكار اللاهوتية المدنية والمكية في القرآن فقد تكون منقولة من كتب دينية اخرى ، وقد وجد ما يقابلها في كتب الأبوكريفا المنحولة والأناجيل المزيفة فيما يخص قصة ولادة مريم والمسيح وخلقه للطيور من الطين ونفخ الروح فيها . منها انجيل الطفولة وإنجيل يعقوب المزيفة .
عندما حان وقت موت النبي وتشاغلت عائشة وحفصة واخرون معه في ايامه الأخيرة، استغل علي بن ابي طالب هذه الفرصة فأخذ لبيته من بيت عائشة كل ما جمع في المصحف الأولي من قراطيس، ولما شعرت عائشة باختافائها، شكّت ان علي هو الفاعل ، فاخبرت اباها ابا بكروعمر بذلك، فأرسل ابو بكر عمر على راس مجموعة من الرجال لتفتيش بيت علي واسترجاع المصحف منه . لكن علي رفض ان يفتح لهم الباب للتفتيش، فخرجت فاطمة تكلم عمر من خلف الباب تأمره بالإنصراف فورا . وقد يكون عمر قد دفع الباب بقوة وسبب ذلك اجهاض فاطمة وكسر احد اضلاعها ثم وفاتها بعد فترة . لكنه اقتحم الدار واسترجع المصحف وكل القراطيس الملحقة به .
وربما كان اقتحام بيت علي من قبل عمر كان للضغط عليه لمبايعة ابا بكر بالخلافة . وكان انتقام ابي بكر من فاطمة ان حرمها من وراثة ابيها من مزارع فدك التي استولى عليها محمد من اليهود بالغزوات.
هذا ما علمناه من كتب التراث الإسلامي ، نعرضه للقارئ ليحكم بنفسه على هذا التاريخ المشوش .
