عندما طلقت أمي ورحلت في حال سبيلها ، أجبرنا والدي على عدم زيارتها ، و كانت الأيام كفيلة بأن أنساها ، و أعتاد على زوجة أب سيئة .
أخي الذي كان يغيب عن المنزل ليلة أو ليلتين ، لم يأبه حين يعود للعقاب الذي ينتظره ، و مع الكثير من الركل ، و الصفع كان يتظاهر بأنه فاقد للوعي ، فينفذ من الإعتراف عن مكان غيابه .
كنت صديق أخي الوحيد و مع ذلك لم يخبرني أيضا أين كان يقضي الأيام التي يغيبها ، ربما لأني كنت جبانا وأخاف من ظلي.
يوما أتذكر أنه دام على غياب أخي اكثر من ثلاثة أيام ، و كان والدي يشتاط غضبا
و لكثرة ما أغدقت زوجته برأسه عليه ،أراد أن يسبب له موتا مؤقتا و ما هي إلا ساعة واحدة كان ممددا على أرضية الغرفة، غارقا بدمائه ،عندها أدركت أن الوحدة كفيلة أيضا بجعلي أنساه هو الأخر.
في ليلة باردة وجدت تحت و سادته ، رسالة خائفة ، قال فيها : ” واصل زيارة أمنا فهي عمياء ولن تفرق صوتنا … واصل رعايتها تحت التعذيب ولا تدعها تشعر أن أحدنا قد رحل .
محمد زياد