طلال عبدالله الخوري 31\8\2021 © مفكر حر
لكي نفهم ما يجري الان في درعا البلد يجب ان نفهم الحقيقة الواضحة التي اثبتناها في مقالاتنا السابقة وهي تظهر الان جلية على الارض, بان من يحكم سوريا منذ اكثر من 70 عام هي المخابرات الروسية, وهي من من خطط وقاد الانقلاب الذي قام به حافظ الاسد ضد صلاح جديد ( للمزيد من التفاصيل راجعوا مقالنا على الرابط التالي: لماذا ومتى قررت المخابرات الروسية الإنقلاب على صلاح جديد لصالح عميلها حافظ الأسد) لان صلاح جديد اراد حكما اكثر وطنية واستقلالية عن المخابرات الروسية, بينما حافظ الاسد كان ضابطا بالمخابرات الروسية ينفذ الاوامر الحرفية لرؤسائه, وسلم سوريا من بابها لمحرابها سياسيا واقتصاديا وعسكريا للمخابرات الروسية, ومن كان يعتقد بان عائلة الاسد كانت تحكمنا فهو مخطئ , الاسد كان يتلقى التعليمات, ثم كان يقوم بارسالها لابو سليم الذي بدوره يوزعها على المخابرات السورية(التي هي فرع للمخابرات الروسية) التي تتحكم بكل مفاصل الحكم في سوريا من وزارات ومؤسسات وادارات الجيش العسكرية والمخابرات, حيث كما يعرف كل سوري انه في كل قطعة عسكرية هناك خبراء روس يديرونها, وفي كل وزارة هناك عنصر امن يديرها والمخابرات الروسية هي من تدير وتمسك بالاجهزة الالكترونية المتطورة والمعقدة التي تراقب الامن الداخلي والخارجي في سوريا, والمخابرات الروسية هي التي تدير كل السفارات السورية بالخارج حيث لديهم مقرهم الخاص في كل سفارة سورية لا يدخلها اي سوري ولا حتى السفير الذي هو عبارة عن رجل كرسي لا يحل ولا يربط,… وايضا روسيا هي من تدير الاقتصاد السوري منذ ان وضعوا حافظ الاسد بالسلطة, وتحديت سابقا بان يكون هناك اي سوري يعرف من اين يأتي دخل الموازنة السورية وكيف تصرف, بمافيهم عائلة لاسد ذاتها وكل ضباطهم, لان هذا ايضا من اختصاص الخبراء الروس (راجعوا مقالاتنا السابقة).
الآن بعد هذه المقدمة نستطيع ان نقول بان اي مصالحة قام بها المسلحون السوريون مع النظام مباشرة او مع الجهات الروسية هي تصب بنفس الاتجاه, لان النظام وروسيا هم نفس الجهة ولافرق بينهما نقطة انتهى.
طبعا الاستراتيجية الروسية في سوريا كانت على الشكل التالي:
في بداية الثورة ظنت بان الجيش السوري وما فيه من خباراء وطيارين روس قادرون على القضاء على الثورة وتثبيت نظام الاسد(الذي هو بالواقع نظامهم) , لذلك تجنبت ان تتدخل كدولة, وبقيت تعمل بالخفاء وتركت الامور تسير لان ليس من مصلحتها دوليا ان يقال بان روسيا هي نظام الاسد وهي من تحكم سوريا من اكثر من 70 عاماً…. ولكن عندما دعم العالم كله الثورة السورية بالسلاح والمال والدعم الاستخباراتي واللوجستي, وعجز جيش الاسد بخبرائه و طياريه الروس عن التصدي لهم, قاموا بالطلب من حزب الله الذي تتحكم به المخابرات السورية(فرع الروسية كما قلنا) وايران للتدخل … وعندما فشلت قوات حزب الله طلبت روسيا من ايران التدخل ( نعم روسيا من طلب من ايران وليس الاسد, واذا فعلها الاسد فتكون باوامر من المخابرات الروسية) ايضا لكي لا تتدخل روسيا بشكل مباشر وتبقى تعمل بالخفاء…. ولكن عندما فشلت ايضا ايران بالتصدي للمهمة وخاصة من ناحية الطيران واصبح من الضروري تدخل الطائرات الروسية المتطورة ( الممنوع تزويد النظام بها حسب الاتفاقات الدولية بين روسيا واسرائيل وامريكا وسوريا) هنا اضطرت روسيا للتدخل المباشرة وقامت بتوسيع قواعدها الجوية والعسكرية,… وفعلا منعت سقوط النظام..
طبعا روسيا يهمها ان تقضي على الثورة السورية وابقاء النظام باقل الخسائر الممكنة, ولذلك لجأت لحيلة المصالحات مع النظام ومن رفض المصالحة مع النظام لجأت الى حيلة المصالحة مع روسيا وبضماناتها, وهذا ما حصل في درعا ولكنه يصب بنفس الاتجاه, لان النظام السوري والمخابرات الروسية هي نفس الجهة, وكما قلنا سباقا المخابرات السورية هي فرع من الروسية… فلا احد من انصاف المثقفين اليسارين يتباهي ويقول بان درعا تصالحت مع روسيا وليس مع النظام, فهما بالنهاية نفس الجهة. نقطة انتهى.
هنا واجهت روسيا مشكلة قانونية في تدخلها المباشر في سوريا وحاولت ان تقنع امريكا ومجلس الامن باستصدار قرار من مجلس الامن يدعم تدخلها في سوريا, ولكن امريكا ومجلس الامن طبعا رفضا رفضا قاطعا, وبهذا روسيا لم تحصل على الشرعية الدولية لتدخلها في سوريا حتى الان وحصلت فقط على شرعية النظام السوري وهو لا يعتبر نظام شرعي.
لاحظوا بان امريكا عندما تدخلت في العراق حصلت على قرار من مجلس الامن يشرع احتلالها للعراق, وايضا عندما تدخلت بأفغانستان حصلت على قرار من مجلس الامن يشرع تدخلها هناك… ولكن بالجهة المقابلة روسيا فشلت بالحصول على قرار من مجلس الامن لتدخلها المباشرة في سوريا (مع انها من الناحية العملية هي من يحكم سوريا منذ اكثر من 70 عاماً).
الان بعد هذه المقدمات نستطيع ان نقول بان المخابرات الروسية والجيش الروسي والمخابرات السورية والجيش السوري هم نفس الجهة ولكن يتقاسون الادوار في درعا, وهدفهم النهائي هو مصلحة النظام في موسكو الذي يرأسه المستبد بوتين … اذا نكرر للمرة المليون ما يحصل في سوريا منذ عشرة سنين ودرعا خصيصا الان هو لعبة تقاسم الادوار بين المخابرات والجيش الروسي ونظرائهم السوريين وهم يتبعون لجهة واحد في الكرملين هو نظام بوتين في روسيا.
من خلال قرائتي لما بين سطور الاحداث التي تجري في درعا الان ( وكما قلت هو لعبة تقاسم الادوار للاذرع الروسية) هو وصول الحالة في درعا الى وضع سئ جداً عن طريق التدمير والتجويع والتهجير, بحيث سيطلب المجتمع الدولي من روسيا التدخل وعندها ستطلب روسيا بقرار من مجلس الامن, وبهذا يتم تشريع تواجدها وتدخلها العسكري في سوريا… واذا رفض مجلس الامن فستقول الدعاية الاعلامية الروسية واليسارية بان مجلس الامن هو من يدعم توحش النظام السوري وهو من يربط يدي روسيا عن ردع النظام السوري.
ولكن هذه الخدعة لن تنطلي على المجتمع الدولي , وعلى اهل درعا طلب المساعدة من امريكا وليس من النظام الروسي لانه هو بالواقع نفسه النظام السوري