قداسة بابا الفاتيكان والثورة السورية

طلال عبدالله الخوري 18\9\2012

سنحاول في هذه المقالة بالقيام بقراءة لسطور وما بين سطور زيارة رأس الكنيسة الكاثوليكية, قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر, الى لبنان ثم نحاول ان نفهم رسالته الموجه للمسيحيين والمسلمين بشكل عام, وللثورة السورية من اجل الحرية والكرامة بشكل خاص.

اولاُ

يطلب الحبر الاعظم بارشادة الرسولي من مسيحي سوريا ولبنان والعراق ومصر والاردن وكافة بلدان الشرق الاوسط على التشبث بأرضهم, أرض آبائهم واجدادهم, وعدم ترك بلدانهم والهجرة, حيث وصف قداسته هذه الهجرة بالإرشاد الرسولي بـالخيار المأساوي“.

بالواقع هناك قلق كبير و مبرر من تفريغ الشرق الاوسط من احد مكوناته الاساسية وهم مسيحيي الشرق الاوسط , وسبب هذا القلق هو ازدياد هجرة المسيحيين من اوطانهم , لاسباب كثيرة , ومن اهمها الاستبداد السياسي والديني والفساد الاقتصادي, والارهاب و لخوفهم من تكرار ما حدث في العراق من تفجير كنيسة السيدة باماكن اخرى مثل سوريا.

عندما يطالب الحبر الاعظم المسيحيين بالبقاء بأوطانهم فهذا يعني بان هناك تعهدات من المسؤولين في العالم العربي بشكل خاص وبالعالم اجمع بان ما حدث بالعراق لن يتكرر.

طبعا الكنيسة الكاثوليكية ليس لها جيش او اسلحة لكي تحمي المسيحيين من مثل هذه الهجمات الارهابية, ولكن لها رعايا بكل دول العالم, وكلمة البابا مسموعة بالعالم ومطاعة, ويمكن الوثوق بكلمة البابا, فلو لم يتأكد البابا بتعهدات ملزمة من اصحاب واولياء الامر في المنطقة بسلامة الاقليات لما طالب رعاياه بالبقاء.

طبعا جميع العمليات الارهابية التي جرت بالعالم هي عبارة عن رسائل يتم ارسالها من قبل الحكومات عبر اجهزة الاستخبارات, اما الاسلام والمسلمون فهم عبارة عن اداة لتنفيذ هذه العمليات وارسال الرسائل, اما الممول والمنظم والمدرب والمعد لهذه العمليات الارهابية فهي الدول واجهزة المخابرات.
ونحن لدينا ثقة بان قداسته قد حصل على تعهدات بعدم استخدام المسيحيين لارسال مثل هذه الرسائل.

لا يوحد شئ اسمه ضمانات مئة بالمئة ولكن تكرار ما حدث بالعراق اصبح صعبا جدا وستترتب عليه اثمان لا يحتمل دفعها من يقوم بها من الدول واجهزة مخابراتها.

لقد حاول بشار الأسد من استغلال المسيحيين وتسلحيهم ليكونوا وقوداً لاتون حربه المجنونة ضد شعبه, ولكنه تم وقفه عند حده بسرعة.

ثانياً

اكد قداسته على التعددية والعيش المشترك بين المسيحيين واهلهم واخوتهم من المسلمين, بأجواء من التسامح و الالفة والتأخي والاحترام المتبادل والاعتراف بالاخر.

يقول الأب عبده أبو كسم، المنسق الإعلامي لزيارة البابا إلى لبنان: “نريد للمسيحيين أن يعوا أنهم مواطنون شركاء في الوطن في الأردن والعراق والفلسطين وسوريا ولبنان وغيرها من الدول“.

ثالثاً

توقيت الزيارة: الزيارة تمت برمجتها قبل سنتين, ولكن نحن نعتقد بأنه كان من الممكن تأخير الزيارة بضعة اشهر حتى يستقر الوضع بسوريا ويعم السلام, ولكن هذا يعني بان المعلومات لدى البابا بان الوضع بسوريا لن يستقر بالمستقبل القريب, وهذه من الاخبار السيئة التي نقرأها من توقيت زيارة البابا.

رابعاً

وصف قداسة البابا بنديكتوس الربيع العربي بأنه أمر ايجابي ورغبة بالمزيد من الديموقراطية والحرية وبهوية عربية متجددةوكانت موضع ترحيب من قبلنا كمسيحيين“.

ولقد رفض البابا الأصولية واعتبرها تحريفاً للدين، واضاف قائلاُ: “الكرامة العربية المتجددة يجب أن تتواكب مع حوار شامل وليس هيمنة طرف على آخر”. انتهى الاقتباس من البابا.

من هنا نستنتج بأن البابا مع الربيع العربي وهو يعرف بان هذا الربيع سيعطي ثمارا ايجابية لكل ابناء المنطقة من مسلمين ومسيحيين على المدى البعيد, فالبابا فيلسوف ومؤرخ ويعرف معنى توق الشعوب المستعبدة للتغير والحرية والكرامة, ويعرف بانه بالنهاية الجميع سيستفاد من هذا الربيع ومن هذا التغيير, والذي سيكون حتما الى الافضل.

من الواضح بان قداسة البابا مع الربيع العربي, ومع ربيع سوريا, وان المسيحيين هم مع الربيع السوري ومع تغيير المستبد بشار الاسد, وان بشار الاسد ليس له اي مستقبل بحكم سوريا مهما تأخر سقوطه.

طبعاً هذا يمكن ان نقرأه بسهولة بين سطور البابا حتى اذا لم يقله بشكل مباشر, فالكنيسة لا يمكن ان تكون مع أي حاكم يرمي براميل الديناميت على شعبه ويدفن شعبه بمقابر جماعية.

خامساُ

قال الحبر الاعظم مخاطباً الشباب السوري: “أقدر شجاعتكم وحزين لآلامكم

طبعا من غير اي ريب نحن نقرأ هنا بأنه هنا يخاطب الشباب السوري الشجاع الذي خرج سلميا مطالباُ بالحرية والكرامة في ربيع سوريا والذي سينتهي بسقوط الديكتاتور بشار الأسد.

سادساً

قال البابا: ان إرسال السلاح الى سورية “ذنب كبير”
طبعا قداسة البابا يقصد كل الاسلحة التي تقتل السوريين, ولكن بشكل خاص الاسلحة التي ترسلها كل من روسيا وايران الى الطاغي بشار الاسد لكي يرمي بالديناميت على الناس الآمنين ويدفن شعب سوريا بمقابر جماعية.

طبعا مركز البابا الديني لا يسمح له بالتدخل بالسياسة والوقوف الى جانب طرف من الاطراف المتقاتلة ولكن دائما يقف مع رفع الظلم عن المظلومين.
وهنا نريد ان نذكر بوقوف القس باولو داليليو وهو من تلامذة البابا الى جانب الشعب السوري بمطالبته بالحرية والكرامة.
 

 هوامش:

مقالة:    لأب باولو داليليو رمز الثورة السورية

About طلال عبدالله الخوري

كاتب سوري مهتم بالحقوق المدنية للاقليات جعل من العلمانية, وحقوق الانسان, وتبني الاقتصاد التنافسي الحر هدف له يريد تحقيقه بوطنه سوريا. مهتم أيضابالاقتصاد والسياسة والتاريخ. دكتوراة :الرياضيات والالغوريثمات للتعرف على المعلومات بالصور الطبية ماستر : بالبرمجيات وقواعد المعطيات باكلريوس : هندسة الكترونية
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

2 Responses to قداسة بابا الفاتيكان والثورة السورية

  1. س . السندي says:

    ماقل ودل … بين ألأتي والحصادر المر ؟
    ١ : إن جرائم المسلمين بحق اليهود والمسيحيين وغيرهم من الأقليات لم تكن لتحدث دون ضوء أخضر الحكام والسلاطين ، تماما مثلما كان يحدث في زمن محمد والخلفاء الفاسدين وبقية شلة المجرمين ؟

    ٢ : صدقني عاجلا أم أجلا سيدفع المسلمون فاتورة حماقاتهم وغزواتهم مع الفوائد المترتبة ، لأن أولاد وأحفاد من هجرو وإستهجرو وسلبو ونهبو وعذبو وقتلو لن تذهب سدى ، وعلى نفسها جنت براقش ؟

    ٣ : إن غزوتي البرجين ونايروبي ولندن وموسكو ومدريد وجنوب لبنان ثمنها دول وبشر بالملايين سواء كان ذالك عن طريق الحروب أو الجوع أو العطش أو التشرد أوووو ؟

    ٤ : إن مسك الختام سيكون المسلمين المقيمين في الدول الغربية من الذين يطيلون لسانهم قبل لحاهم ، فكما قيل صبرا صبرا ياأل ياسر ، وما مقتل السفير ألأمريكي في ليبيا وحرق السفارات إلا القشة التي ستقصم ظهر البعير العربي والعجمي ؟

    ٥ : وأخيرا صدقني هذا ليس تشاءم ، بل نبؤة مقرية من سفر الحمقى والمجانين مالم يتعض المسلمين ، وما الفلم الهندي ألأخير إلا البداية ، وسلمي على ديمقراطية ألأمة ألإسلامية ؟

    • طلال عبدالله الخوري says:

      شكرا اخي السندي لتعنيك بقراءة المادة والتعليق
      تحليلك لا يعلى عليه وفي الصميم
      لاحظت من قراءتي لما بين سطور الاحداث بان قداسة البابا قد حصل على تعهد بنزع سلاح حزب الله وبسط سيادة الدولة اللبنانية على كل لبنان
      طبعا نأمل بان الربيع العربي سيؤدي بالنهاية الى الحرية والديمقراطية والعيش بسلام لكل الناس بمختلف اديانهم واعراقهم
      مودتي

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.