
الناقد السينمائي السوري اسامة حبيب
يتحدث فيلم “200 متر” إنتاج عام 2019 تأليف وإخراج “أمين نايفة” ،عن معاناة مواطني الضفة الغربية جراء الجدار الأمني الإسرائيلي والذي يقطع أجزاء واسعة من أراضي الضفة، في قصة إنسانية عميقة الدلالة والمحتوى.
مصطفى “علي سليمان” فلسطيني متزوج من سلوى “لانا زريق” فلسطينية الأصل تحمل الجنسية الإسرائيلية أو ما يعرف بفلسطينيي 48، يرفض الجنسية الإسرائيلية ارتباطا بوطنه الأم ،وبما أنه رب عائلة مؤلفة من خمسة أشخاص إضافة لوالدته المسنة، يتوجب عليه يوميا قطع الجدار الأمني للعمل داخل الأراضي الإسرائيلية بما يحمل ذلك من صعوبات ومشقة، بالإضافة لزيارة بيت عمه الذي ممكن مشاهدته من منزله بالضفة لأنه يبعد عنه على خط النظر بمقدار مئتي متر لا غير.
ونتيجة تعقيدات إدارية يفقد مصطفى مؤقتا حق العبور إلى الأراضي الإسرائيلية ،لكنه نتيجة إصابة ابنه المفاجئة بحادث مروري، يستعين بأحد المهربين “ضياء حرب” الذي يعده بايصاله مع مجموعة من الأشخاص إلى داخل الخط العازل لقاء مبلغ من المال.
تبدأ الرحلة التي تضم أيضا مراهق يدعى رامي “محمود أبو عيطة” يحتاج إلى العمل لاعالة أسرته، وشاب يدعى كفاح “معتز ملحيس” هاو للفنون مع صديقته الألمانية أني “أنا اونتربيرغر” القادمة لتوثيق معاناة الفلسطينيين اليومية جراء الجدار الأمني.
تعترض الرحلة الكثير من العوائق والمشاحنات، والمفاجئ أنها تأتي أحيانا من الجانب الفلسطيني الذي تاجر بمعاناة أولاد جلدته، ورفض تقبل هوية الآخر رغم ما يحمله له من محبة وتعاطف.
يفاجئنا في حبكة الفيلم عدم اعتراف مصطفى باسرائيل ثم ذهابه للعمل داخلها في مفارقة غير منطقية.
الفيلم يسلط الضوء على ثقافة الفلسطيني واعتزازه بهويته، ويمتعنا بأداء انفعالي جيد من “علي سليمان” ،ويدعو للتواصل الإنساني المبني على المحبة بعيدا عن الانتماء الوطني والديني.