ينتقد فيلم “يوميات نائب في الأرياف” إنتاج عام 1969 قصة “توفيق الحكيم” سيناريو وحوار “توفيق صالح” و”الفريد فرج” وإخراج “توفيق صالح” ،كوميديا سوداء عن الفساد والمحسوبية في أجهزة الحكومة في ثلاثينات القرن الماضي ومانتج عنها من ظلم وجور على الشعب البسيط المقموع.
وكيل النيابة “أحمد عبد الحليم “في إحدى قرى مصر البحرية، إنسان منصاع لحدود عمله وشاهد على عمليات التقصير والتجاوز فيها، يقوم بتدريب النائب الشاب “محمد مرشد على عمله الجديد، لا يتدخل في قرارات القاضي سواء كانت مجحفة بحق الشعب كما نرى مع قاضي المدينة” حسن مصطفى “أو بهدف التسلية وتضييع الوقت كما نشاهد مع القاضي المقيم” شفيق نور الدين “، يفاجأ دائما بتصرفات مأمور القرية” توفيق الدقن “المسيسة ،والتي توجهها مصالحه الشخصية مع السلطة في المدينة، من الانتخابات الصورية التي يرمي بعدها صناديق الانتخابات في الترعة، مرورا باعتقال أي شخص مشكوك بانتمائه للسلطة الحاكمة لأي سبب كان، وصولا إلى دفن الجريمة بدون كشف أسبابها الحقيقية بحجة استتباب الأمن، ويحاول تسوية الأمور بينهما وديا حفاظا على مراكزهما ومنعا لأي اصطدام مع السلطة المركزية.
الحدث الأهم في الفيلم هو محاولة قتل قمر الدولة علوان “علي عزب” واهتمام أخت زوجته المتوفاة المراهقة ريم “راوية عاشور” فيها، والتي تتمتع بجمال يسحر ألباب الجميع، حتى الشيخ عصفور “عبد العظيم عبد الحق” وهو أحد الشيوخ الزاهدين في الدنيا ويتبارك به أهل القرية بصفته ولي من أولياء الله ويتقرب منه وكيل النيابة لمساعدته على كشف خيوط الجريمة.
محاولة قتل قمر الدولة تكشف بدورها جرائم سابقة وكم الفساد والمحسوبية الهائل في أجهزة الدولة، والتي تكشفها أيضا الخلافات اليومية بين زوجتي القاضي المقيم “نبيلة السيد” والمأمور “عايدة عبد العزيز”، وتظهر السلطتين التنفيذية والقضائية أشبه بضرتين من ضرائر النظام الملكي تتنازعان السلطة والمصالح على حساب الشعب المقهور.
الفيلم يمتاز بحوار رائع وإخراج مميز وأداء متقن من “أحمد عبد الحليم” و”توفيق الدقن” أهله بجدارة لدخول قائمة أفضل مئة فيلم مصري في القرن العشرين، لكنه يفتقد لنقطة تحول حاسمة تغير مجرى الأحداث وتخرج البطل من موقفه السلبي وتوقظ ضميره ليعود لتأدية دوره المقدس على أكمل وجه.