يقدم فيلم “لا بد أنها الجنة
” إنتاج عام 2019 تأليف وإخراج “إيليا سليمان” ،كوميديا رمزية شبه صامتة تنتقد أوضاع الفلسطينيين في وطنهم وفي بلدان اللجوء وما يتعرضون له من ازدراء وتنمر يومي.
الفيلم ينتمي إلى المذهب الرمزي حيث يعبر كل مشهد عن قضية أو موضوع يمس المواطن الفلسطيني السائح في أنحاء الدنيا، يلعب فيها المخرج دور البطل الصامت المراقب لما يجري حوله في فضول وتهكم.
يفتتح الفيلم بمشهد احتفالية قيامة المسيح وفيها يلمح المخرج إلى تغلب عفوية وغريزية الإنسان على إيمانه وتعليمه في مشهد يربط بين الأرض والسماء.
ثم يتحدث المخرج عن الأوضاع في الضفة الغربية من انتشار السرقة والجريمة وهيمنة المجتمع الذكوري وتخبط السلطة المحلية والاتكال على أمجاد خيالية، وتنامي الخلافات العائلية والشخصية، بالإضافة إلى سيطرة الإسرائيليين على الوضع هناك، مما يدفع البطل إلى توضيب حقائبه والبحث عن رقعة أكثر استقرارا وأمانا.
في باريس نلاحظ تنامي العنصرية ضد المهاجرين وتزايد الفروق الطبقية والاهتمام بترفيه وتسلية اللاجئين بدل معالجة أسباب لجوئهم الحقيقية وتغليب النظرة المادية على الإنسانية في مشاهد خاطفة مدروسة تنتقد عاصمة النور.
في نيويورك وجهة الفلسطينين الثانية التي تحدث عنها الفيلم، نجد تحول الفلسطيني إلى أسطورة بسبب تدويل قضيته الملفت على حساب غيابه وضعف صوته في البلدان التي لجأ إليها، وتحول العلم الفلسطيني إلى رمز خادش للحياء مثل الصدر العاري، وتحول الشباب الفلسطيني
إلى مجرد يد تصفق بدون أدنى محاكمة عقلية تقودها في طريق نصرة وطنها،ويظهر بدون تنكر في ليلة الهالوين وكأن شكل اللاجئ لوحده أصبح يخيف الأميركيين، وينتهي الفيلم بعودة اللاجئ إلى وطنه واعتزازه بفنه وتراثه.
قدم المخرج صورة راقية تخدم وطنه وقضيته، لكنه تغنى بفلسطين التي يعرفها ويحلم بها، فلسطين المعتدلة التي تجمع أبنائها بمساواة وعدل، ولو كان الأمر كذلك لقامت منذ زمن طويل دولة فلسطينية مستقرة، لكن فلسطين تعني في نظر كثيرين القدس والإسلام فقط، وهذا ما يؤخر وربما يمنع إلى الأبد تحقق الحلم الفلسطيني.