فيلم“ اليوم السادس “من كتابة وإخراج يوسف شاهين وإنتاج 1986، هو عبارة عن سبر في اغوار بيئة مهمشة ومعدمة في أحد عشوائيات القاهرة في نهاية الأربعينات وهي فترة انتشار وباء الكوليرا في مصر، “صديقة “وتقوم بدورها المغنية الإيطالية داليدا امرأة خمسينية غسالة الثياب، القوية الحنونة الجميلة الزوجة لرجل مقعد والجدة لطفل صغير، تمثل الأصالة والطيبة في تلك البيئة الفقيرة، تصدم لاصابة حفيدها الوحيد بالوباء، ولكن جهلها ينتصر على وعيها وتؤمن بأن محبتها لوحدها قادرة على الانتصار على الموت وتحقيق المعجزات، وأن موت حفيدها بين يديها أهون عليها من احتمال فراقه لمجرد لحظات، الشخصية الثانية الرئيسية في الفيلم هي “عوكا” ويقوم بها محسن محي الدين وهو قرداتي يمثل البهجة والفرح الممزوجة بمرارة الحياة، يلتقي صديقة وعوكا مرارا في الفيلم، ترى فيه الابتسامة التي تنسيها مآسي حياتها ويرى فيها الحنان والحب المنشود كأم وحبيبة في ان واحد، بعد وفاة زوجها بحريق ومرض حفيدها تقوم صديقة برحلة إلى الإسكندرية على القارب برفقة عوكا، ويمثل البحر أمل الخلاص من شظف العيش وبداية جديدة لكليهما، وتستغرق الرحلة ستة أيام وهي نفس المدة التي يستغرقها المريض للشفاء من وباء الكوليرا في رمزية واضحة. على صعيد الأداء فاجأ يوسف شاهين الجميع في اختيار المغنية العالمية لدور سيدة شعبية لكنها لم تخيب أمله بأداء متقن، أما محسن محي الدين فيقوم بأداء عمره دون مبالغة ويدرس اداؤه
المتقن والمعبر في كليات السينما، لكن لأنه فيلم ليوسف شاهين قد تصطدم بشخصيات تظهر فجأة دون تقديم سابق لها مثل المراكبي “محمد منير” وحوار نخبوي مبالغ فيه ولايلائم الشخصيات الشعبية التي يصدر عنها وهي من عيوب أفلامه بشكل عام، صورة الفيلم مميزة ومعبرة وتتخلله أغاني جميلة ومشاهدته ينصح بها.
