الناقد السينمائي السوري اسامة حبيب
يقدم فيلم “المستحيل” إنتاج عام 1965 تأليف “مصطفى محمود” و”يوسف فرنسيس” وإخراج “حسين كمال” ،دراما اجتماعية معبرة عن الحلم المأمول والواقع المفروض وهل من المستحيل جمعهما معا في حياة سعيدة وهانئة وخالية من القيود؟
حلمي “كمال الشناوي” مهندس ثلاثيني يسعى بعد وفاة والده الثري للخروج من ظله وتسلطه المفرط، فهو الذي اختار له شريكة حياته وأم ابنه الوحيد أمينة “كريمة مختار” ومكان سكنه وحتى أثاث منزله قطعة قطعة، في ظل تحول حياته لروتين قاتل خال من أي معنى من معاني الحب والرومانسية، وزاد الطين سذاجة زوجته ومحاولتها إرضاء زوجها بتنظيم تفاصيل حياتهما بدلا من تجديدها وإعادة احيائها.
تعرف أمينة زوجها على صديقة عمرها المحامية القوية فاطمة “سناء جميل” التي تعاني من عقدة تسلط الرجال بسبب والدها قاسي القلب، والتي تعيش حياة متحررة سابقة لعصرها بعد انفصالها عن زوجها، وتصدم بشخصية حلمي البريئة العاقلة، فتحاول جرها إلى مستنقع الذكورية بإقامة علاقة معه، لكنها تدفع ثمن ذلك غاليا بوقوعها في حبه.
يكتشف حلمي بعد نزوة فاطمة نصفه الثاني المتمثل في جارته نادية “نادية لطفي”، المتزوجة من زوج أختها عزيز “صلاح منصور” بعد وفاة أختها “ملك الجمل” بمرض السرطان وإصرار والدتها “فتحية شاهين” على تزويجها به لتربية ابنة أختها الصغيرة، فإذا هي وقعت على قرار وأدها حية، وأصبحت كل عملية مضاجعة بينهما أشبه بعملية اغتصاب شرعية.
أصبح المستحيل في الفيلم يلامس عدة مواقف، فهو يمثل رجوع عزيز إلى زوجته المتوفية التي يعشقها بجنون ولا يعشق من أختها نادية إلا شبهها منها، وهو يمثل تخلي نادية عن ابنة أختها الصغيرة التي قبلتها أما لها، ويمثل قرار انفصال حلمي عن زوجته الطيبة وأم ابنه، ويمثل أخيرا علاقة فاطمة مع حلمي فما هي إلا علاقة حب من طرف واحد محكوم عليها بالفشل.
الفيلم يشهد أداء جيدا من “كمال الشناوي” و”نادية لطفي” ومتميزا من “سناء جميل” ،واسقاطات رمزية جريئة تعبر عن مضمون واشارات الشخصيات والأحداث.
فيلم “المستحيل” من الأفلام المميزة التي تطرح مشكلة اجتماعية مزمنة في إطار جريء وانساني.
