الناقد السينمائي السوري اسامة حبيب
يقدم فيلم “الكيف” إنتاج عام 1985 تأليف “محمود أبو زيد” وإخراج “علي عبد الخالق”، كوميديا سوداء تعري ضعف الإنسان وسوء إرادته اللذين يقودانه إلى السقوط في مستنقع الانحطاط الأخلاقي وبالتالي سقوط المجتمع علميا وثقافيا وفنيا وتحوله لبؤرة من الفساد والاستغلال.
صلاح أبو العزم” يحيى الفخراني” خبير كيميائي برتبة دكتور متزوج من رجاء” نورا “وأب لطفل كوكي “كريم أبو زيد” يعيش حياة اجتماعية محترمة يعوزها الرفاهية والاكتفاء المادي ويحاول فيها الحفاظ على سمعة والده الطيبة وأخلاقه الحميدة، على النقيض منه يعيش شقيقه جمال “محمود عبد العزيز “حياة مضطربة ساقطة وفق معايير المجتمع المصري، حيث تحول بعد طرده من كلية الحقوق إلى قائد لمجموعة من الطبالين التي ترافق الراقصات في الأفراح الشعبية، ترافقه المخدرات الرخيصة التي يشتريها من أحد التجار “محي الدين محسن” بأسعار مرتفعة نسبيا بعد إدمانه عليها.
يحاول صلاح انتشال أخيه على الأقل من مستنقع هذه المخدرات، فيقوم بصنع خلطة كيميائية مشابهة لها شكلا وطعما ورائحة لكنها خالية من أي تأثير مضر ليقنعه أنها مجرد قيد مزيف ربط نفسه به ليبعده عن فشله الحياتي ،لكن ما يحصل أن هذه الخلطة تعجب أحد كبار تجار الممنوعات “جميل راتب” ويقوم بإضافة أحد أنواع المنشطات عليها ليصبح تأثيرها أسوء من تأثير المخدر ويبيعها بأغلى الأسعار، فيقوم جمال باغراء أخيه مستغلا حاجته المادية لصنع كميات كبيرة منها ليصبح بين ليلة وضحاها من مثال اجتماعي أخلاقي إلى مشارك في انحطاط وفساد هذا المجتمع!
جمال الفيلم يكمن في حواره الطريف المتمكن الذي يصعد ويهبط حسب لسان المتحدث فيه، ويعد وثيقة سينمائية تؤكد أن ثبات وتقدم أي مجتمع مرهون بعلو أخلاقه التي إذا انهارت انهار معها الإنسان الذي تحول إلى عبد لشهواته وأخطائه وباتت مصالحه تتحدث باسم ضميره.
نرى أيضا أداء متميزا من “محمود عبدالعزيز” الذي أبدع في أداء شخصيته المركبة، وعموما أعد الفيلم من أفضل الأفلام المصرية التي أنتجت في القرن العشرين وتم استبعادها عن لائحة الشرف بشكل مستغرب ومستهجن.
