يقدم فيلم “الطريق المسدود” إنتاج عام 1958 قصة “إحسان عبد القدوس” تأليف “نجيب محفوظ” و”السيد بدير” وإخراج “صلاح أبو سيف” ،دراما اجتماعية رومانسية تعبر عن أحوال المجتمع المصري بعيد ثورة يوليو وأهمية إرادة الإنسان في الحفاظ على مبادئه وقيمه وسط بيئة فاسدة تعاقب على أشباه الأخطاء وتبارك جرائمها المرتكبة يوميا دون أدنى ضمير أو وازع أخلاقي.
فايزة” فاتن حمامة” مراهقة مجدة في دراستها تحاول الهروب من ظل والدتها “زوزو ماضي” وشقيقتيها خديجة “خيرية أحمد” وفوقية “فكرية كامل” اللواتي امتهن الدعارة وسيلة لكسب الرزق وامتلاك النفوذ، متشبهة بأخلاق وقيم والدها المتوفي، وملهمها مؤلف الروايات الرومانسية منير حلمي” أحمد مظهر” لتكتشف لاحقا أنه أحد زبائن إحدى شقيقتيها وتاجر كلام يصدر الأخلاق والرومانسية للمراهقين بينما يغرق في علاقاته الفاسدة وملذاته اليومية.
أمام هذا الطريق المسدود لا تجد أمامها بعد تخرجها إلا الهرب من واقعها المظلم للتعليم في إحدى مدارس البنات في إحدى المناطق النائية، لتفاجأ بوسط أكثر قسوة وفسادا، بدءا من المديرة المتعجرفة “إحسان شريف” إلى المعلمات الفاسدات سعدية “وداد حمدي” وحسنية “ملك الجمل” إلى الاعيان الشهوانيين عوض الصيدلي “توفيق الدقن” وعبد المقصود “رياض القصبجي” و يشكلون مع بعضهم جيشا يحاول قهر وتحطيم روح فايزة الفتية والنقية واتهامها زورا بخداع المراهق اليتيم محمد عبد العظيم” محيي الدين مرزوق” وإقامة علاقة فاجرة مع الشاب أحمد” شكري سرحان” الذي فاز بقلبها، ولا ينفعها تضامن المعلمة الطيبة والبسيطة عائشة” عايدة كامل” معها.
جمال الفيلم أنه يخبرنا أن الكاتب منير حلمي كان يبحث برواياته عن شريك عمره، عن إنسان يحمل في قلبه كل هذه الرومانسية والنقاء، وهو ساهم فعليا بخلق هذا الإنسان عبر كتاباته نفسها، وعندما حان الوقت أظهر وجهه الحقيقي وقلبه الكبير الجاهز لاحتضان توأم روحه.
التمثيل رائع خاصة من سيدة الشاشة العربية في واحد من أهم أدوارها، والمفاجئ أن الفيلم لم يدخل قائمة أفضل مئة فيلم مصري في القرن العشرين رغم احتوائها على الكثير من الأفلام الضعيفة والتافهة.
في النهاية فيلم “الطريق المسدود” أحد روائع السينما المصرية التي قل ما جادت بمثلها.