فيلم “السقا مات”

الناقد السينمائي السوري اسامة حبيب

يتناول فيلم “السقا مات” إنتاج عام 1977 قصة الكاتب “يوسف السباعي” تأليف “محسن زايد” وإخراج “صلاح أبو سيف “، قصة إنسانية مؤثرة تحصل أحداثها في أحد أحياء القاهرة الفقيرة عشرينات القرن الماضي ،ونخرج منها بعدة معاني روحية جميلة.
المعلم شوشا “عزت العلايلي” رجل أربعيني يعمل ساقيا أي يحمل أكياس الماء العذبة على عربته ومن ثم على ظهره لينقلها إلى بيوت الفقراء وحدائق الأثرياء في زمن يسبق تقنية التمديدات الصحية التي ننعم بها اليوم ويساعده ابنه الصغير سيد “شريف صلاح الدين”، المعلم شوشا لا يستقي منه الناس الماء العذب فقط ولكن حسن الأخلاق لأنه رجل مستقيم وصادق وشهم، ويجذب اهتمام جميع النساء من المعلمة زمزم “تحية كاريوكا” إلى بنت الهوا عزيزة نوفل “شويكار” إلى جارته الصغيرة زكية “بلقيس”.
المعلم شوشا رجل أرمل لأن الموت سلب منه زوجته وحبيبته آمنة “ناهد جبر” أثناء ولادتها لسيد، لكنه فعليا لا يسلم بموتها بل هي تعيش معه دوما وكلماتها لا تغيب عن مسمعه، ومنذ وفاتها أصبح يكره الموت ويبغضه كأنه أخطر وباء من غير أن يدرك أنه الظاهرة المكملة للحياة، يلتقي شوشا بشحاتة أفندي “فريد شوقي” الذي يمثل شخصية النقيض له، فهو إنسان شهواني يعيش لذة كل لحظة ولا يبالي بمصيره الدنيوي أو سمعته السيئة، ويعمل مساعد حانوتي لتجميل الجنازات، أي أنه ميت الروح رغم تواجده فوق سطح الأرض.
عندما تتقابل اللذة مع الالتزام ينبغي تحييد احداهما للاخرى وهذا ما يحدث فعلا إذ ينجح شحاتة باقناع شوشا بطي صفحة زوجته المتوفية والارتباط بجارته الحسناء الصغيرة زكية لتكون عونا لوالدته الضريرة “أمينة رزق” وهنا يحدث التحول فيسقط شوشا في بئر الشهوات الذي ما كثيرا ترفع عنه ويدفن لأول مرة حبه لزوجته مع روحه التي تدنست ونسيت ثوابتها ومبادئها.


الفيلم يحمل رسالة إنسانية عظيمة مفادها أن الموت الجسدي هو الوجه الثاني للحياة، أما الموت الروحي فهو العدو الأكبر الذي يجب أن نخاف منه ونبتعد عنه.
فيلم “السقا مات” من الأفلام الجيدة أداء ومضمونا وجدير بالمشاهدة.

About أسامة حبيب

أسامة حبيب تاريخ الميلاد :27/7/1982 إجازة في بناء السفن من جامعة اللاذقية لاجئ في تركيا من عام 2013 ناشط ليبرالي
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.