يقدم فيلم “الرجل الذي باع ظهره” إنتاج عام 2020 وتأليف وإخراج كوثر بن هنية، المأساة السورية بأسلوب جديد ومميز تغوص في الأعماق الإنسانية وتبرز قيمة الإنسان الذي هو مبتدأ ومنتهى أي عمل أو نشاط على هذه البسيطة.
سام “يحيى مهايني” شاب سوري مقموع حاله حال ملايين أبناء بلده لكن يعيش قصة حب ساحرة مع عبير “ديا اليان” إحدى بنات الطبقة الراقية والثرية، ومع تفجر الثورة السورية يضطر للهروب إلى لبنان ويترك محبوبته التي تستسلم لضغوط عائلتها وتتزوج أحد ازلام النظام الحاكم والذي يعمل في سفارة النظام في بروكسل.
يتعرف سام في لبنان على أحد الفنانين الأوروبيين ويدعى جيفري” كوين دو بو” ومنسقة معارض تدعى سورايا “مونيكا بيلوتشي” ويعرضان عليه صفقة عمره التي سيتحول بموجبها إلى لوحة فنية مقابل مبلغ مرقوم من المال، والأهم أنه سينتقل إلى بلجيكا حيث تعيش توأم روحه.
الفيلم يوجه عدة رسائل بطريقة ساحرة وأسلوب شفاف، أولها أنه في عصرنا التحفة الفنية أكثر قيمة من ملايين البشر الذين توصد في وجههم أبواب حياة كريمة وحرة في حين تفتح جميع الدول أبوابها بامتنان لأجمل اللوحات الفنية.
ثانيها أنه يساوي بين الأثرياء تجار الروح والسعادة مع تجار الدم والرعب مثل داعش، حيث نجد البطل يهرب من نعيم أوروبا إلى جحيم داعش مصحوبا بأمل استعادة نفسه المسلوبة، وثالثها أنه يجعل الظلم والاستعباد سببا للعنف والإرهاب عندما يهاجم سام الأثرياء تجار الفن الذين كانوا يحاولون شراء جسده بالمال.
تكمن روعة الفيلم في فكرته الثورية وحواره الرائع أكثر من الإخراج والأداء، فباستثناء يحيى مهايني وديا اليان كان أداء الممثلين عاديا بمن فيهم مونيكا بيلوتشي، ويفاجئ الفيلم متابعيه بنهاية لا يتوقعها أحد.
في النهاية يجب أن تشكر تونس الثورة السورية واحرار سوريا الذين وضعوها على سلم العالمية، واهدوها ترشيحها الأول للأوسكار لتنضم بذلك إلى دول المنطقة التي سبقت السينما المصرية بكامل تاريخها في هذا المجال.