#سوريا 23 شباط 1966 وداعا ايتها القيادة القومية

اللواء صلاح جديد الفريق امين الحافظ ميشيل عفلق نور الدين الأتاسي

‎سامر الموسى‎

23 شباط 1966 وداعا ايتها القيادة القومية
لم يكد جناح القيادة القومية ينهي اجتماعاته حول مباحثات الوحدة الثلاثية مع الجانب المصري والتي انتهت بالفشل حتى بدا وكان الجناح القطري قد حقق مبتغاه حيث تقدم من الصفوف الخلفية ليحتل المركز الأول ثم جاء انقلاب جاسم علوان الفاشل في تموز المدعوم مصريا ليثبت أقدامه على الأرض خصوصا أن أغلب مؤيدي التيار القطري هم من أنصار اللجنة العسكرية للبعث السوري ومع انعقاد المؤتمر القومي السادس سيطر هذا التيار على أغلب القواعد الحزبية أيضا بل بدا وكأن هناك حزب بعث جديد يولد من رحم ذلك المؤتمر حيث أقرت منطلقات نظرية لذلك الحزب الذي نادى دوما بالوحدة والحرية والاشتراكية فبدا غريبا وسط أهله ودفعت مؤسس هذا الحزب إلى القول” لا هذا البعث بعثي ولا هذا العسكر عسكري”
كان المؤتمر القومي السادس في تشرين الأول 1963 نقطة تحول تاريخية في مسار الحزب استطاعت فيه اللجنة العسكرية بالتعاون مع أنصارها داخل الحزب القطريين الحد من نفوذ القيادة التاريخية تمهيدا لإبعاد هذه القيادة عن الحزب وإحلال قيادة جديدة مكانها تكون على قياسها حيث تم إسقاط صلاح البيطار من عضوية القيادة القومية ليتم إقصاؤه من رئاسة الوزراء وتعيين أمين الحافظ مكانه وتسليم اللواء محمد عمران منصب نائب رئيس الوزراء وهو كان رئيس اللجنة العسكرية
سببت أحداث حماه في نيسان 1964 الارتباك داخل صفوف اللجنة العسكرية فقامت بمناورة لكسب الوقت أعادت بعض الالق للقيادة التاريخية حيث تم استدعاء صلاح البيطار مجددا لتشكيل حكومة معتدلة ترمم ما تبقى من هيبة الحزب وتعيد البعث إلى أصوله التاريخية
انقسام اللجنة العسكرية
لعبت أحداث حماه ومن قبلها المواجهة مع الناصريين والصراع على الزعامة لعبتها داخل اللجنة العسكرية حيث احتدمت المواجهة بين جناح الحافظ جديد ضد جناح محمد عمران
يقول باتريك سيل في كتابه “الصراع على الشرق الأوسط” انه لم يكن لدى محمد عمران أي ميل للكفاح القاسي من أجل البقاء فهو كان يريد المصالحة مع الناصريين وعارض استعمال الدبابات في أحداث حماه وساءه بروز امين الحافظ الذي أثر على زعامته هو
في سياق إقالة حكومة البيطار الثالثة في تشرين الأول 1964 اغتنم محمد عمران اقتراح رئيس الأركان صلاح جديد ترفيع المقدم حافظ الأسد إلى رتبة لواء وتعيينه قائد لسلاح الجو ليعلن للقيادة القومية أن هناك لجنة عسكرية وأنها تخطط ل الإطاحة ب القيادة المدنية وأنها ترمي لبناء دولتها المفصلة على قياسها وبالتالي فهو منحاز إلى القيادة القومية
يقول محمد حيدر في كتابه” البعث والبينونة الكبرى” أن سبب ذلك الانقسام في اللجنة العسكرية يعود إلى سببين:
أولا تأثر محمد عمران بطروحات القيادة التاريخية للحزب


ثانيا تحريض قسم من العسكريين والمدنيين داخل الحزب باقي أنصار اللجنة العسكرية ضد محمد عمران وإظهاره بمظهر الراغب ب التخلص منهم
وهكذا ما أن أعيد عمران إلى القيادة القومية حتى بادر تحالف الحافظ جديد إلى اعتقاله أمام نادي الضباط في دمشق وتسفيره إلى خارج سورية سفيرا في اسبانيا المنفى المفضل لضباط البعث
بعد نفي عمران انقسم الحزب إلى جماعتين أساسيتين
-جماعة القيادة القومية وركيزتها الأساسية عفلق البيطار وأنصارهم داخل القيادة القومية
-جماعة القطريين والعسكريين وركيزتها الأساسية القيادة القطرية وأنصارهم داخل اللجنة العسكرية
ومع إصرار القيادة القومية على إخضاع العسكريين والقطريين للقيادة القومية عقدت اللجنة العسكرية المؤتمر القومي الثامن الذي ازاح عفلق من منصب الأمين العام للحزب ليصبح مكانه منيف الرزاز ويكتفي عفلق بمنصب القائد المؤسس تكريما له
يقول أكرم الحوراني في مذكراته “انه كان في باريس التي سافر اليها بعد أبعاده عن سورية عام 1965 عندما سمع عن انزلاق السلطة في دمشق نحو المزيد من الخلافات بين القيادة القومية والقيادة القطرية ونحو المزيد من طغيان العسكر”
وفجأة برز على السطح خلاف بين الفريق آمين الحافظ الذي كان لديه طموحه الشخصي وتطلعاته نحو الزعامة وبين باقي أعضاء اللجنة العسكرية خصوصا بعد تقربه من تيار أكرم الحوراني وأنصاره داخل الحزب والجيش ما دفع اللجنة العسكرية إلى الحد من نفوذه داخل الجيش والدولة والحزب فكان أن انقلب الحافظ على اللجنة العسكرية ليصبح في صفوف القيادة القومية التي شربت حليب السباع وأصدرت قرارها الشهير والذي كان سبب قيام انقلاب 23 شباط بحل القيادة القطرية التي يسيطر عليها اللواء صلاح جديد وأنصاره وتشكيل قيادة حزبية عليا في خطوة أطلقت عليها اسم القفزة النوعية
حيث اعتبرت القيادة القطرية المنحلة أن هذه الخطوة غير شرعية ورفضت تنفيذ القرار
بادرت القيادة القومية إلى إقالة حكومة يوسف زعين وتشكيل حكومة جديدة برئاسة صلاح البيطار وعضوية اللواء محمد عمران الذي استدعي من إسبانيا واوكلت إليه وزارة الدفاع حيث أصدر عمران قبل أيام من انقلاب 23 شباط قرارا بنقل الرائد سليم حاطوم والمقدم أحمد سويداني والعقيد عزت جديد من أماكنهم إلى أماكن أخرى أقل أهمية فبادرت اللجنة العسكرية صباح 23 شباط 1966 إلى القيام ب انقلابها الشهير حيث قامت كتائب مغاوير سليم حاطوم معززة بكتيبة دبابات من اللواء 70 وقوة صغيرة يقودها الملازم رفعت الأسد بشن هجوم على مبنى الحرس القومي ومنزل الفريق آمين الحافظ الذي يقع نهاية شارع أبو رمانة الذي تولى الدفاع عنه قوات الهجانة وكان قتالا عنيفا وداميا حيث تهدم المنزل وقتل الحراس واعتقل امين الحافظ وصلاح البيطار ومحمد عمران ومنصور الأطرش رئيس المجلس الوطني للثورة وكافة أعضاء القيادة القومية
كان انقلاب 23 شباط فريد من نوعه في تاريخ الانقلابات في سورية إذ للمرة الأولى يقوم انقلاب عسكري ليس ضد طبقة حاكمة أو حزب حاكم بل جماعة حزبية حاكمة ضد قيادة هذا الحزب فكان هذا الانقلاب ثلاث انقلابات في انقلاب واحد فهو انقلاب القيادة القطرية ضد القيادة القومية وانقلاب اللجنة العسكرية ضد القيادة المدنية وإنقلاب الأقلية ضد الأكثرية
صورة من عرض عسكري عام 1965 بمناسبة عيد الجلاء في مدينة حلب
1اللواء صلاح جديد قائد اللجنة العسكرية للبعث السوري رئيس أركان القوات المسلحة
2الفريق امين الحافظ رئيس مجلس الرئاسة رئيس مجلس الوزراء
3 ميشيل عفلق الأمين العام لحزب البعث
4 نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية نور الدين الأتاسي
ْ

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.