رفع محامٍ مغربي دعوة قضائية ضد سلسلة فكاهية رمضانية، بدعوى أنها تهين مهنة المحاماة عبر إحدى شخصيات السلسلة، التي تظهر في مشهد وهي تتسول القضايا في المقهى بزي المحاماة. بناء على هذا الأساس، يستطيع الصحافيون أيضا رفع دعوى قضائية لأن بعض الأعمال تسيء لصورتهم. وطلبة الجامعة… وأساتذتها. يستطيع الإرهابيون أنفسهم أن يعتبروا أن بعض الأعمال الفنية تسيء لصورتهم. ويستطيع أي زوج أن يعتبر أن مسلسلا قدم شخصية زوج مهمل أو عنيف، إهانة لجميع الأزواج.
وتستطيع أي امرأة أن ترفع دعوى قضائية لأن فيلما سينمائيا قدم صورة سيئة عن كل النساء، عبر شخصية سيدة محتالة.
إذا أدى ممثل دور قاض يستغل مهنته للاغتناء بطرق غير مشروعة، فهل هذا يعني أن كل القضاة كذلك؟ إذا أدت ممثلة دور سيدة طيبة تنفق ثروتها لمساعدة المحتاجين، هل هذا يعني أن كل النساء كذلك أو أن كل الأٌغنياء كذلك؟ هل إذا أدى ممثل دور موظف مخلص يرفض الرشوة ويؤدي عمله بإتقان، هل يعني هذا أن كل الموظفين كذلك؟
علينا أن نقطع مع هذا الخطاب الذي يخلط بين الشخصية التمثيلية وبين تعميم الخطاب حول مهنة أو مجتمع بأسره! اعتبر البعض مثلا أن فيلم
Much loved
لنبيل عيوش يهين صورة المرأة المغربية لأن شخصياته المحورية تدور حول مهنيات الجنس… كما اعتبر البعض أن فيلم “حين ميسرة” لخالد يوسف يهين المجتمع المصري، وهلم خلطا بين الإبداع السينمائي أو التلفزيوني، وبين التحقيق الصحافي أو البحث العلمي الذي تفترض فيه الموضوعية.
العمل الفني يُقَيَّم بناء على معايير فنية لا غير: الحوار، الإخراج، الحبكة الدرامية، الأداء، المؤثرات الفنية، الموسيقى التصويرية، المتعة والفرجة التي يحققها أو لا يحققها…
هذه هي المعايير الوحيدة التي يفترض أن تؤطر تقييمنا لفيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني… أما المعايير الأخلاقية أو تلك المرتبطة بتصورنا لمهنة معينة أو للدور المفترض لفئة اجتماعية معينة، فليس من المقبول استعمالها لمناقشة وتقييم عمل فني.
سناء العاجي