رسالةٌ الخليفة تكشُفُ الحقيقة!

فاتورة الحرب السورية (الجزء الأول)

(بقلم د. يوسف البندر)

خرج محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب على ابن عمه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، مطالباً بالخلافة، متحججاً بأنه من سلالة النبي محمد، ومن أولاد علي وفاطمة!
فكتب له، الخليفة المنصور، رسالةً جاء فيها ما يلي:
“أما عليٌ فقد قدَّم عبد الرحمن عليه عثمان، وقاتله طلحة والزبير، وأبى سعد بيعته، ثم بايع سعد معاوية بعده! ثم طلبها عليٌ بكل وجهٍ وقاتل عليها، وتفرَّق عنه أصحابه، وشكَّ فيه شيعته، ثم حَكَّم حكمين رضي بهما وأعطاهما عهد الله وميثاقه، فاجتمعا على خلعه!
ثم كان الحسن فباعها (أي الخلافة) لمعاوية بخرقٍ ودراهم، ولحق بالحجاز، وأسلم شيعته بيد معاوية، وأخذ مالاً، فإن كان لكم فيها شيء فقد بعتموه وأخذتم ثمنه! ثم خرج عمك الحسين على ابن مرجانة، فكان الناس معه عليه حتى قتلوه، وأتوا برأسه إليه!
ثم خرجتم على بني أُمية فقتلوكم وصلبوكم على جذوع النخل، وأحرقوكم بالنيران، ونفوكم من البلدان، وأسروا الصبية والنساء، وحملوهم كالسبي المجلوب إلى الشام!
حتى خرجنا عليهم فطلبنا بثأركم، وأدركنا بدمائكم، وأورثناكم أرضهم وديارهم، وكانت بنو أُمية تلعن علياً كما تلعن الكفرة في الصلاة المكتوبة، فاحتججنا له وذكّرناهم فضله وعنّفناهم وظلمناهم بما نالوا منه”!


هذه الرسالة تُبيّن الحقيقة، وتُفشي الأسرار. الحقيقة المخفية في بطون الكتب، والأسرار المدفونة في صفحات التاريخ. حقيقة علي والحسن والحسين والأمويين والعباسيين! فأساس الخِلاف بين أهل البيت والصحابة والخُلفاء وأولاد العم، هي السلطة والقيادة، الحُكم والخِلافة، الغنائم والسبايا، الجزيَّة والخراج، الدراهم والدنانير. فلم يكن هدفهم الإسلام ونشر الدعوة، كما درَّسونا في المدارس، وخَدَعونا في المساجد، وكذَّبوا علينا في الجوامع، ودَجَّلوا ولفَّقوا وزوَّروا.
هؤلاء اليوم، هم الذين نتقاتل مِنْ أجلِهم، ونتصارع دفاعاً عنهم، ونتحارب ونتبارز، ونضرب الأعناق، ونبقر البطون، ونُمزق الأشلاء، ونذبح وننحر ونجزر ونعقر! أين عقولُنا، تفكيرُنا، إدراكُنا، بصيرتُنا. ما لكُم كيفَ تحكمُون، تِلكَ إذاً قِسمةٌ ضِيزى!
دُمتُم بألفِ خَير!
المصدر:
كتاب الكامل في التاريخ/ ابن الأثير/ الجزء الخامس/ دار الكتاب العربي 2012/ بيروت – لبنان.

This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.