تزخر السوشيال ميديا الآن على المستوى الشعبي بدعوات مقاطعة البضائع الفرنسية بدعوى إساءة ماكرون وفرنسا بأكملها للرسول الكريم “أشرف خلق الله”، وعلى أرض الواقع بدأت بالفعل المقاطعة في عدد من بلاد الفكر الإخواني مثل قطر والكويت، وبغض النظر عن نتائج هذه المقاطعة الضعيفة والمؤقتة – ان كان لها أي نتائج ملموسة أصلا – فإن نتائجها الأخلاقية أشد فتكا وتدميرا.
لنعد إلى اصل المشكلة وهي جريمة قتل مدرس لأن البعض لم يتفق مع أفكاره، إذا هي اساسا جريمة قتل روح بشرية من أجل فكرة – بغض النظر عن اتفاقك أو اختلافك مع هذه الفكرة – إذا ماكرون اتخذ موقف مشرف وشجاع نصرة لحياة هذا المدرس المغدور، وليس انتصارا لأي دين أو عقيدة ولا أعرف أساسا حتى الآن إن كان سامويل باتي مسيحيا أو ملحدا أو أي شيء آخر، إنها باختصار قيم الحياة الإنسانية المفعلة في بلاد الغرب والتي جعلت ستة ملايين مسلم يختارون العيش في فرنسا وملايين المسلمين الآخرين تفر من بلدانها الأصلية لتلتحق ببلدان تقدر كرامة وكبرياء إنسان طال أمد ظلمه وساد شظف عيشه وأصبح مجرد رقم يرتفع وينخفض كل يوم ويعيش على هامش الحاكم أو المعبود.
ما نشاهده اليوم هي معركة بين قيم الحياة من جهة وظلام الموت من جهة أخرى، ويجب على جميعنا اتخاذ موقف واضح وصريح منها، لأنك ان دعمت ماكرون في معركته هذه لن تدعم المسيحية أو تقف في وجه المسلمين أو ترفع من رصيد فرنسا، ستكون تنتصر لحياتك، نعم لحياتك الشخصية وحياة عائلتك واحفادك، وجعل العالم مكان أكثر أمنا وحرية وكرامة.