حول #غورباتشوف وسقوط #الاتحاد_السوفييتي ودور الغرب؟
طلال عبدالله الخوري في 31\8\2022
الكاتب جورج فاضل متى هو من ايتام الشيوعية ويندب سقوط الاتحاد السوفييتي ومنظومة حلف وارسو واوروبا الشرقية, نشر مقال اليوم بمناسبة وفاة ميخائيل غورباتشوف اخر زعيم للاتحاد السوفياتي, كله هراءات يتهم به غورباتشوف بانه عميل للمخابرات الأميركية, وان اتحاد الالمانيتين الشرقية والغربية عبارة عن مؤامرة اميركية نزعت بها المانيا الشرقية من منظومة حلف وارسو وضمتها للغرب …
لحسن الحظ بأني عشت في الاتحاد السوفييتي من عام 88 الى عام 94 . حيث حضرت شهادة الدكتوراة لصالح جامعة دمشق كلية الهندسة الكهربائية, ورأيت بأم عيني كيف حصل الانهيار وتابعت تفاصيله يوم بيوم وساعة بساعة وانا اجيد الروسية بطلاقة ….. فالاتحاد السوفييتي كان ينهار اقتصاديا بسبب اغلاق البلاد (كما كوريا الشمالية الان) كانت هناك طوابير على كل شئ: اللحمة الزبدة الجبنة الملابس الاحذية الادوات الالكترونية من تلفزيونات ومسجلات … .لم يعد الاقتصاد قادر على اطعام واسكان الناس في الاتحاد السوفييتي … ولم يعد الاقتصاد السوفياتي قادرا بان يقدم المزيد من الدعم الاقتصادي لدول منظومة اوروبا الشرقية الذين كانوا يروا جيرانهم في المانيا الغربية وفرنسا والسويد وفنلندا والنرويج …كيف يعيش الناس هناك برفاهية وحرية ودمقراطية؟؟ بينما هم يعانون من شح الاقتصاد وغياب الحرية والدمقراطية … فانتفضت شعوب هذه الدول وسقطت دولة بعد الاخرى وانفصلت عن منظومة حلف وارسو وغيرت انظمة حكمها الى حكومات دمقراطية منتخبة وحدثت التنمية الاقتصادية كما نراه اليوم في هذه البلدان ….
اما في دول الاتحاد السوفياتي فقد شعر اعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي الحاكم بان الاقتصاد ينهار والبلد من سئ الى الاسوء في كل يوم ولا يوجد هناك امل لاي حلول .. وادرك الجميع بان سقوط الاتحاد السوفياتي هي مسألة وقت .. وانه سيسقط لا محالة عاجلا ام أجلا ….. في هذه الظروف الصعبة, ظهر مسؤول اقتصادي زراعي كان مديرا لاحد المزارع السوفييتية وهو ميخائيل غورباتشوف, الذي طرح افكارا جديدة وهي ” اعطاء مزيد من الحريات السبيل الوحيد للتنمية الاقتصادية” .. وظن اعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي بان فكر غورباتشوف الاقتصادي الجديد هو ” المسيح المخلص ” والمنقذ لمنظومتهم الاشتراكية من الانهيار … فاتفقوا بالاجماع على ضمه للمكتب السياسي للحزب الشيوعي, واتفقوا بالاجماع على جعله الرئيس القادم لينفذ مشروعه الاقتصادي (كان التقليد في المكتب السياسي هو ان يستلم الرئاسة العضو الاكبر سنا بينهم, ولكنهم كسروا هذه القاعدة بعد موت ليونيد بريجنيف, ثم تلاه يوري اندروبوف ثم قسطنطين تشيرنينكو, وبظرف بضعة سنوات قليلة بدلوا الرئيس 4 مرات(بسبب الوفاة لكبر السن) لذلك تذرعوا بهذه الحجة لكي ينتخبوا(او يعينوا) الاصغر سنا بينهم, وبعد ان ضموا غورباتشوف الذي كان الاصغر سنا ولكن بالواقع انتخبوه لانهم ظنوا بانه المنقذ لهم)
اذا اختيار غورباتشوف كان لاسباب اقتصادية بحتة ولم تكن مؤامرة اميركية كما يهرف ايتام الشيوعية, وذلك لكي ينقذ انهيار الاقتصاد والبلاد… فأطلق مشروعه التنموي الذي اسماه: اعادة البناء او الاصلاح (البريسترويكا بالروسية) واطلق جملته الشهيرة (تاك جيت نلزا تفاريشي: وترجمتها: العيش بهذه الطريقة غير ممكن يا رفاق) واصبح عنوان المرحلة “التغيير” على لسان كل شاب في الاتحاد السوفييتي, لان كل مواطن من الكبير حتى الصغير انذاك ادرك بان التغيير هو الحل … واطلق مغني الروك الروسي فيكتور تسوي اغنيته الشهيرة “التغيير” الذي ترجمتها شخصيا للعربية شاهدوها على هذا الرابط:”أغنية ” نريد التغيير” الروسية لفيكتور تسوي” واصبحت النشيد الوطني لكل شاب وانتشرت كالنار بالهشيم … نعم كان الجميع يتوق للتغيير هناك بسبب ادراكهم بان الوضع الحالي لايمكن ان يستمر…
ولكن مشروعه كان فاشلا من الاساس( وتكمن بذرة فشله بداخله) لان النمو الاقتصادي يحتاج لاطلاق الحريات وهذا يتعارض مع الحكم الشمولي السائد, واصبح هناك الكثير من المشاكل والتناقضات التي لايعرفون لها حل ؟؟ فكما يقال الماء والزيت لا يمتزجان وهكذا هو الحال بين النمو الاقتصادي والحكم الشمولي….
هنا يجب ان نشير بانه في الوقت الذي كان يظن به اعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي بان غورباتشيوف لديه الحل وهو المنقذ, كان الغرب كله يعرف بانه سيفشل, وهذا بديهي(لان الماء والزيت لا يمتزجان) ولكنهم سكتوا وتركوه يسير بمشروع التغيير على مبدأ اذا رأيت عدوك يدمر نفسه فلا تقاطعه… وكان بالنتجية كما توقعوا هو انهيار منظومة حلف وارسوا دولة بعد الاخرى ثم انهار الاتحاد السوفياتي …
وكنت اتوقع ان شخصيا ان ينهار الحكم في سوريا لانه تابع لنفس منظومة الحكم التي تتحكم بها مخابرات الكي جي بي … ولكن للاسف استطاع الخبراء الروس في سوريا وعددهم بالالاف (وكلهم عملاء للكي جي بي) من الحفاظ على حكم الاسد واستطاعوا ان ينصبوا ابنه بشار خليفة له على عكس مايهرف به اليساريون بان مادلين البرايت وزيرة الخارجية الاميركية هي من نصبت بشار الاسد رئيسا على سوريا وهذا الموضوع له بحث منفصل قادم.
كتبت سابقا مقال حول هذا الموضوع وازكي لكم بشدة قراءته تجدونه على هذا الرابط: يسارية بوتين وثوراتنا