أصدُقكم القول، أنتم لا تحبون القدس، بل تحبون التباكي عليها. أنتم لا تكترثون بالضحايا، ولكن يهمكم الجاني فقط، و يهمكم كراهيتكم له. لم تبكوا على اليمن التي يموت أهلها قصفاً وحصاراً وجوعاً، ولم تتسولوا تغريدات محمد صلاح دفاعاً عن أطفال اليمن، ولم تتباكوا على أهل دارفور ولا على ضحايا داعش من المسلمين، ولكن تتسابقون الآن من يشجب ومن يندد ومن يبكي على القدس. لماذا؟
أولاً لأن البكاء على القدس يكسبكم رصيداً عاطفياً مجانياً لدي أتباعكم، سواء كنتم مشهورين أو مغمورين. ثانياً لأن القدس تصلح لتفريغ شحنة الكراهية الدينية القديمة التي في نفوسكم والموجودة قبل الصراع العربي الاسرائيلي بقرون. وهذه الكراهية المقدسة موجودة بالطبع لدي الكثير من اليهود أيضاً، كما لديهم نفس الشعور بالاستحقاق والتفوق الأخلاقي والديني. هذه الكراهية هي التي أسقطت المدينة في براثن هذا الصراع الذي لا ينتهي منذ الاف السنين. أتباع كل ديانة منهم يدعون امتلاك القدس بأمر إلهي، وكلما تمكن أحدهم من امتلاك القدس، كان يعيش أتباع الديانات الأخرى فيها كمواطنين درجة ثانية وثالثة. فما الجديد؟ حال مسلمي القدس اليوم مثل حال يهودي القدس تحت حكم المسلمين، ولو عادت القدس للمسلمين سيعاملوا اليهود والمسيحيين بنفس الفوقية والهمجية والعنصرية….
هذه المدينة التي سالت من أجلها دماء الآلاف عبر القرون لا تستحق لقب مدينة مقدسة. لو كان الأمر بيدي لأخذتها من اليهود والمسلمين والمسيحيين وبنيت مكانها مدينة ملاهي كبيرة! ولكن حتى هذا لن يحل المشكلة، لأن الكراهية المقدسة ستبحث قريباً عن مدينة آخرى للمراثي، وما أكثر المدن الدامية!
لو كان تحرير المدن يأتي بالشجب والندب والبكاء لكانت كل بلاد العرب أكثر بلاد العالم حرية، ولكن كل بلادهم منتهكة، لأنهم لا يبحثون فعلاً عن الحرية، ولا يفعلون ما يفعله الإنسان الحر: شجاعة التفكير واحترام الاختلاف والتعاون مع الآخر من أجل حياة كريمة!
شكرا رائد التنوير
تغذي بقوة من الفكر الديني عند الطرفين
السؤال هل يمكن تاسيس جبهة لمحاربة الكراهية التي يزيد عمرها عن 1400 سنة؟