جسر “بيج فيشن” لحل مشكلة مواصلات للناصرة ولكل البلدات في المنطقة


نبيل عودة
• عندما نقول بلدية الناصرة، يصاب البعض باكتئاب، أي ان جهاز اشاراتهم الثالث يشتغل. واذا اضفنا ان بلدية الناصرة تبني وتطور، سيصابون بالشيزوفينيا- انفصام الشخصية.
• الجسر الذي يخطط لدوار البيج فيشن، سيكون لخدمة حركة السير في الناصرة ومنطقتها.
*******
عندما يبلغ الانسان جيل الكهولة يُنظر اليه كشخص اكتسب حكمة الحياة، وفهم طرق معالجة القضايا الصعبة بعقل متزن وتفكير هادئ.
لكن هناك دائما شواذ عن القاعدة.
الشواذ ينظر إليهم بصفتهم مهرجين، والمهزلة حين يجهلون صفتهم التهريجية، بوهم ان نبوغهم يتجاوز المعدل العام لجيل الكهولة او الشيخوخة العقلية والجسدية سوية. وانا اعتقد ان المشكلة تقع اكثر في خانة البقاء على السطح، حتى بمستوى الديدان الزاحفة التي تفتقد للفقرات.
في الواقع ان الحوار معهم قبل ان يكون مهزلة، هو مضيعة للوقت.
ان تناولهم مواضيع عامة، بطريقة طرح تضليلية لا تعفيهم من اعتبارنا لهم انهم بمرحلة شيخوخة عقلية متقدمة.
بعض طروحاتهم يشتم منها انهم يخلطون السكر مع الملح. ليس لأنهم واعون لما يقومون به، بل لأن الحقد الذي يحرك تفكيرهم يجعلهم مادة تصلح كنموذج لاختبارات علم النفس الاجتماعي، لفهم نفسيتهم بعد غياب طويل في منفى العمالة لكل ما هو مضر بمجتمعهم، ويجيئون اليوم ليبيضوا وجوههم ويجملوا شيخوختهم التي لا تقدر عليها ماشطة الصهيونية .. او حتى ماشطة الرئيس ترامب .


في تجارب العالم الروسي الشهير إيفان بتروفيتش بافلوف توصل الى اكتشاف ان الانسان الطبيعي يمتلك ما يسمى “جهاز الاشارات الثالث”، وهو ما يميز الانسان عن عالم الأحياء غير البشرية. مثلا لو قلنا حامض لشعرنا وفهمنا ما هو مفعوله بأكلنا له، بل وتسيل ريالة البعض لمجرد ذكره أمامهم دون ان يروه او يتذوقوه، أي ان الانسان اقام علاقة “غير شرطية” مع الموضوع. نفس المقاييس تجري على سائر المأكولات، الانسان حين يجوع يفكر بنوع ما يشتهيه من الطعام. بينما غير البشر ، لا يملكون هذه الميزة اطلاقا. أي يفتقدون لجهاز الاشارات الثالث، فهل بعض البشر مصابون بفقدان جهاز الاشارات الثالث؟
مثلا عندما نقول بلدية الناصرة، يصاب البعض باكتئاب، أي ان جهاز اشاراتهم الثالث يشتغل. واذا اضفنا ان بلدية الناصرة تبني وتطور، سيصابون بالشيزوفينيا (انفصام الشخصية المرضي) لأنهم يرون بأي بناء وتطوير وشق شوارع واقامة مؤسسات ومدارس مسائل تثير لديهم مرض الشيزوفينيا السياسي اذا صح التعبير. يرتبط الموضوع كذلك بأن من يدير هذا النشاط (البلدي في حالتنا) ليس من عشيرتهم السياسية التي افلست فكريا، سياسيا وبلديا وعافها جمهور الناصرة. وصل الأمر بهم ان حليف سابق لهم ارادوا التخلص منه ، فتخلص هو منهم.. واسمه لم يعد سرا بل صار اسما يتردد على السنة الجمهور باعتزاز وشعور من الراحة ان بلدية الناصرة اصبحت بيت المواطنين وليست بيت التنظيم السياسي الذي جعل البلدية وقفا عن مجموعة لا يربطها بمواطني الناصرة الا أوهامهم انهم باقون ومخلدون ولا قوة تقوى على انزالهم عن عروشهم.
جهاز الاشارات الثالث كما سبق وقلت اكتشفه العالم الروسي بافلوف عبر تجارب مثيرة اجراها على عالم من يفتقدون للوعي، او عالم الأحياء غير البشرية. وعليه وضع ايضا نظرية “الاستجابة الشرطية” التي تميز عالم الأحياء غير البشرية او الفاقدين للوعي من البشر.
درب بافلوف احد القرود على إطفاء النار من برميل مليء بالماء ، ارتبط ذهن القرد بإطفاء النار من الماء الذي في البرميل (او لنقل المادة التي في البرميل) لذلك عندما وضع القرد على شاطئ بحيرة، ووضع البرميل على مسافة 50 مترا عبر جسر ممتد إلى داخل بحيرة وأشعل النار بكومة حطب بجانب البحيرة، لم يقم القرد العلاقة الشرطية مع الماء، بل اقام العلاقة الشرطية مع الماء في البرميل فقط، أي لم يستوعب ان الماء في البرميل او ماء البحيرة له نفس الخواص. لذا ركض القرد بسطل الماء الفارغ عبر الجسر إلى البرميل ليجلب الماء منه ولم ينشل الماء من البحيرة الملاصقة للنار المشتعلة. أي ان وعيه لم يستوعب ان الماء في البرميل هو نفسه الماء في البحيرة وله نفس الفعل. تجربة اخرى مثيرة اجراها على كلب، كان كلما يضع له الطعام يشعل الضوء. مع الوقت صار كلما اشعل الضوء تسيل ريالة الكلب رغم انه لم يضع له الطعام، أي ان العلاقة الشرطية للطعام ارتبطت بذهن الكلب مع اشعال الضوء.
تذكرت هذه التجارب وانا اقرأ ديباجات لغوية تشمل تهجمات لا معنى ولا قاعدة لها على رئيس بلدية الناصرة علي سلام. من اشخاص يتصرفون حسب “العلاقة الشرطية” كلما ذكر اسم رئيس بلدية الناصرة علي سلام.
سابقا كانت لقاءات علي سلام مع وزراء الحكومة تعتبر جريمة، الم يرتكبها قادة البلدية السابقين؟ ام كانوا يلتقون مع وزراء فرنسا وبريطانيا وامريكا للحصول على ميزانيات تطوير؟
آخر البدع تتحدث عن دوار البيج فيشن، وانه لمصلحة الناصرة العليا.. ولتهميش بلدية الناصرة او مدينة الناصرة.
لا ضرورة لأخوض في الرد التفصيلي مع جهلاء لا يستوعبون ان الجسر الذي يخطط لدوار البيج فيشن، سيكون لخدمة حركة السير في الناصرة حتى بدون اشتراك علي سلام في الاجتماع الذي جرى بين رئيس بلدية الناصرة العليا ووزير المواصلات يسرائيل كاتس.
مع انتصار الجبهة في الناصرة لم يكن قد اقيم بعد الشارع الالتفافي الى الناصرة العليا، وطبعا لم يكن النفق الذي يربط بين الناصرة والعفولة قد اقيم ايضا. كانت سيارات الناصرة العليا والناصرة طبعا تصل عبر شارع العفولة القديم، وللوصول الى الناصرة العليا كانت تدخل السيارات عبر الشارع الرئيسي للناصرة، ولم يكن قد شق ايضا شارع مسمار الذي يربط بين الناصرة والناصرة العليا من منطقة النمساوي، أي كانت السيارات تقطع الناصرة طولا، من مدخلها الجنوبي الى مخرجها الشمالي، للوصول الى الناصرة العليا او الى القرى العربية المحيطة بالناصرة. اذكر تماما ان بلدية الناصرة برئاسة المرحوم توفيق زياد اعترضت على شق الشارع الالتفافي، لأنه قد يضعف الحركة التجارية في الناصرة. لكن الشارع شق وأصبح شارعا يخدم الناصرة والقرى العربية ليس اقل مما يخدم الناصرة العليا، بل تخيلوا اليوم ذلك الشارع لو لم يشق، ماذا كان سيكون وضع الناصرة؟
ان الادعاء ان الجسر هو لتهميش الناصرة وخدمة الناصرة العليا هو ادعاء مريض يشبه العلاقة الشرطية بين برميل الماء وتجربة اطفاء الحريق. بدل ان يأخذ القرد الماء من البحيرة ركض 50 مترا ليأخذ الماء من البرميل. وهكذا امر الشارع الالتفافي والجسر.. هو تطوير لحركة السير لكل منطقة الناصرة العربية بما فيها الناصرة العليا. ولن نركض لنأخذ الماء من البرميل. نترك هذه المهمة لمن يحسنها!!
nabiloudeh@gmail.com

About نبيل عودة

نبذة عن سيرة الكاتب نبيل عودة نبيل عودة - ولدت في مدينة الناصرة (فلسطين 48) عام 1947. درست سنتين هندسة ميكانيكيات ، ثم انتقلت لدرسة الفلسفة والعلوم السياسية في معهد العلوم الاجتماعية في موسكو . أكتب وأنشر القصص منذ عام1962. عانيت من حرماني من الحصول على عمل وظيفي في التعليم مثلا، في فترة سيطرة الحكم العسكري الاسرائيلي على المجتمع العربي في اسرائيل. اضطررت للعمل في مهنة الحدادة ( الصناعات المعدنية الثقيلة) 35 سنة ، منها 30 سنة كمدير عمل ومديرا للإنتاج...وواصلت الكتابة الأدبية والفكرية، ثم النقد الأدبي والمقالة السياسية. تركت عملي اثر إصابة عمل مطلع العام 2000 ..حيث عملت نائبا لرئيس تحرير صحيفة " الاهالي "مع الشاعر، المفكر والاعلامي البارز سالم جبران (من شعراء المقاومة). وكانت تجربة صحفية مثيرة وثرية بكل المقاييس ، بالنسبة لي كانت جامعتي الاعلامية الهامة التي اثرتني فكريا وثقافيا واعلاميا واثرت لغتي الصحفية وقدراتي التعبيرية واللغوية . شاركت سالم جبران باصدار وتحرير مجلة "المستقبل" الثقافية الفكرية، منذ تشرين اول 2010 استلمت رئاسة تحرير جريدة " المساء" اليومية، أحرر الآن صحيفة يومية "عرب بوست". منشوراتي : 1- نهاية الزمن العاقر (قصص عن انتفاضة الحجارة) 1988 2-يوميات الفلسطيني الذي لم يعد تائها ( بانوراما قصصية فلسطينية ) 1990 3-حازم يعود هذا المساء - حكاية سيزيف الفلسطيني (رواية) 1994 4 – المستحيل ( رواية ) 1995 5- الملح الفاسد ( مسرحية )2001 6 – بين نقد الفكر وفكر النقد ( نقد ادبي وفكري ) 2001 7 – امرأة بالطرف الآخر ( رواية ) 2001 8- الانطلاقة ( نقد ادبي ومراجعات ثقافية )2002 9 – الشيطان الذي في نفسي ( يشمل ثلاث مجموعات قصصية ) 2002 10- نبيل عودة يروي قصص الديوك (دار انهار) كتاب الكتروني في الانترنت 11- انتفاضة – مجموعة قصص – (اتحاد كتاب الانترنت المغاربية) كتاب الكتروني في الانترنت ومئات كثيرة من الأعمال القصصية والمقالات والنقد التي لم تجمع بكتب بعد ، لأسباب تتعلق اساسا بغياب دار للنشر، تأخذ على عاتقها الطباعة والتوزيع.
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.