
فريد الاطرش
تحليل لأغنية #الربيع ل #فريد_الأطرش
اغنية الربيع التي لحنها وغناها المطرب الكبير فريد الأطرش ورقصت على انغامها الفنانة سامية جمال ، كتب كلماتها عام 1947 الشاعر مأمون الشناوي . وكانت من اروع الأغاني الرومانسية والعتاب على فراق الحبيب وغدره مشبها قصة الحب والفراق والألم بمواسم وفصول السنة من ربيع وخريف وصيف وشتاء حيث تقلب المناخ وتبدل الطبيعة كما تقلب وتبدل قلب الحبيب .
احببت هذه الأغنية الرومانسية الرائعة كلمات ولحن واداء ، فالهمتني ان احلل كلماتها ومقاصد الشاعر في معانيها وترتيب مواسمها. فكتبت هذا التحليل :
كم يقاسي الحبيب من فراق من يحبه : ويتألم لنكران الحبيب لذلك الحب الذي نشا بينهما بعد ارتبا ط القلبين بعشق جميل وحقيقي بإخلاص . فشبه الشاعر الحب بموسم الربيع الجميل بجمال زهوره وروعة نسيمه و فيض انوار البدر في لياليه . فقال :
ادي الربيع عاد من تاتي والبدر هلت أنواره
بعد ان تخلى الحبيب عن حبيبه وتركه بلوعة الفراق والالم، اعتبر ان ذلك الحبيب قد رماه من جنة الحب التي كان يستمتع بها الى نار الفراق والألم والحزن العميق .فبدأ يتسائل اين حبيبه الذي حرقه بنار الاسى ؟
وفين حبيبي اللي رماني من جنة الحب لناره
يستذكر صاحب القلب المكلوم حبيبه وايام الرضا والهناء فيتمنى لو يستطيع ان يستبدل زمان السعادة والمودة الذي مضى بعمره الباقي .
أيام رضاه يا زماني هاتها وخد عمري
ويشكي من الذي رعاه بحبه انه تركه وشغل فكره واضاع صوابه
اللي رعيته رماني وفاتني وشغل فكري
يستذكر الحب ويشبه النسيم في الربيع بغناء النيل بخريره العذب ومياهه الحلوة التي يعيد غناءها
وامواجه الهادئة كأنها العود الذي يعشق العزف عليه بأجمل الألحان ويحتضنه بين يديه وعلى صدره . ويتخيل اوتاره كأنها لون البدر .
كان النسيم غنوة والنيل يغنيها
وميته الحلوة تفضل تعيد فيها
وموجه الهادي كان عوده ولون البدر أوتاره
يناغي الورد وخدوده يناجي الليل وأسراره
وأنغامه بتسكرنا أنا وهو
أنا وهو مافيش غيرنا .. مافيش غيرنا
يناجي العاشق موسم الصيف، موسم الجفاف بعد انتهاء فترة الربيع ، ويسأله لمين تضحك لياليه وايامه اوهو في ذلك الموسم بلا حبيب ولا وليف .
لمين بتضحك يا صيف لياليك وأيامك
ويحكي عن قصة حبه التي انتهت واصبحت في الماضي . وقد تعهد له من احبه وملّكه قلبه على الوفاء والإخلاص . لكن تبين ان ذلك العهد والوفاء الذي تظاهر به حبيبه كان طيفا وخيالا .
كان لي في عهدك حبيب آليف عهدني أدامك
وكان لي في قلبه طيف يخطر في أوهامك
يشتكي الحبيب المصدوم بفراق حبيبه ان ترك الحبيب له ومغادرته قلبه قد احزنه فأخذ يسمع شدو البلابل وكأنه صوت نواح وبكاء، وتحول لون ورود الحب الحمراء الى لون الجراح والدماء .
من يوم ما فاتني وراح
شدو البلابل نواح
والورد لون الجراح
يا ليلي يــا يـــا يــا يــا عين
وبعد موسم الصيف :
مر الخريف بعده بدّل زهور الغرام
والدنيا من بعده هوان ويأس وآلام
بعد موسم الصيف يحل الخريف بزمهريره و عواصفه ، وتتساقط اوراق الاشجار الخضراء بعد ان تموت على اغصانها وتصفر الوانها وتغادر عروقها .
لا القلب بينسى هواه ولا حبيبي بيرحمني
وكل ما قول آه يزيد في ظلمه ويألمني
كل ما يريد الفكر ان ينساه يعيد القلب ذكراه ، فلا ينسى هواه ولا حبيبه يرحم أساه .
يحلق فريد الأطرش بموال جميل مع نغمات العود شاديا بطبقة صوتية عالية :
يا ليل يا بدر يا نسمة يا طير يا أغصان
هاتوا لي من الحبيب كلمة تواسي العاشق الحيران
ولا من مجيب يرد عليه. فيقول بنحيب حزين :
أخد ورد الهوا مني وفات لي شوكه يألمني
ماعرفش أيه ذنبي غير أني في حبي أخلصت من قلبي
وغاب عني لا كلمني ولا قال لي أمتى راح أشوفوه
وأقول يمكن هيرحمني ويبعت في الربيع طيفه
الحبيب الغادر اخذ ورد الهوا والحب معاه وترك للعاشق المحروم اشواك تدمي قلبه في ذكراه .
انه يبحث عن آثار الورود التي ذبلت و اختفت فلم يجد مكانها سوى الاشواك المؤلمة ، ولم يكن له ذنب سوى انه اخلص في حبه من كل قلبه . فتركه ذلك الحبيب الغادر وغاب عنه بلا كلمة وداع ولم يقل له ان كان سيعود اليه ام سيكون فراقا ابديا .
لكن العاشق يمني النفس بعودة الحبيب في الربيع القادم ولو كان بشكل طيف في رؤيا ليسعد بلقياه ولو في الأحلام والخيال التي لا تتحقق، وينتظر الربيع لعله يأتي بالحبيب بعد غياب طويل ويرحم ضناه وأساه .
اوبريت الربيع / فريد الأطرش
صباح ابراهيم
16/2/2023