الميزان والميزانية

الشاعر عصمت شاهين دوسكي

عصمت شاهين دوسكي

على مر التاريخ كان الميزان رمز المصدر الرئيسي للعدل للحق للإنصاف للتسوية بين طرفين أو أكثر للمعاملات المالية والمعنوية وليس هو فقط نتيجة موارد الدولة ومصروفاتها التي توزع على الرعية بشكل عادل رغم اختلاف الطبقات الاجتماعية إن كان ميزان الدولة ضخما انفجاريا أو ضعيفا فمنهج الميزانية على الإنسانية واجب عادل وقد قال تعالى (وهل يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِير أم هل تستوي الظلمات والنورُ الرعد 16 ) وكذلك (وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ فاطر22) دلالة بين طرفين بين الحق والباطل وبين الظالم والعادل بين الفاسد واللا فاسد بين الكافر والمؤمن بين الغني والفقير ،كثيرا ما يحجب الضباب رؤية الآخر يظن الواحد برفاهيته إنه الوحيد في هذه الدنيا وإن ليس هناك من يشبهه قي الوجود وإن ليس هناك من أقوى منه ويمضي في تناقضات ومتاهات الأرض يضيع في مكابداتها وترفها وظلها العالي الذي يظن إنه يمسك الثرية يغرق في دروبها وشجونها وشؤونها وتفاصيلها بوعي أو دون وعي يلهو بين الضجيج والسكون بين القاتل والمقتول بين العلقم والشهد بين الجمال والقبح بين المألوف واللا مألوف بين الممنوع واللا ممنوع يظن إنه الشريك في كل ما في الكون من أبسط الأشياء إلى أعظمها لا تتحرر ” الأنا ” من جسده ولا يجد طريق الفضيلة ولا يلمس شغاف الكرم ولا يستظل في ظل الإنسانية لا يرهف الروح ولا تحفز عنده الجروح ويبقى الضمير في إجازة طويلة من عمره حتى في عالمه المظلم وفي صحرائه الواسعة لا يجد أي قبس من نور ، يتلبسه كل معاني اليأس والوحشة والانكسار والهم والحزن المكنون لكنه يترفع ويتكبر ولا يخطر في باله هناك فرح حقيقي مشرعا بالأمل والارتقاء وارض فيها سماء مشرقة بالشمس وفضاء واسع يملأه النجوم والكواكب والأقمار ، غريبا في كبرياءه وحيداً في عالمه رهيناً لملذاته ومعاركه الليلية والنهارية متمسكاً بأهم أدوات الوجود وقوقعة الذات الواهنة وقادته المثالية الآنية في المكان والزمان أن تنطفئ عيون ميزانه لا يرى ما له وما عليه ، لا يرى في خضم هذا العالم المزدحم روح التأمل بين الجمال والخيال المليء بالصور البشرية والرموز المعنوية ولا يجد خلف ميزانه الأعمى إلا ضباب ظله ، لقد خلتُ بين الميزان والميزانية عدل وحق وتسوية آدمية لكني وجدت دنيا موسومة بالفساد الميزاني وسواد القلوب وعجرفة العقول وظلمة النفوس وحسابات المنفعة الخاصة وتسلط ” الأنا ” بين جبروت المبررات والتشبث بالوسيلة للوصول إلى الغايات ، في دنيا الميزان والميزانية الإنسانية لم أرى عدل يوصف ولا جمالا يتجلى ولا حقا يؤخذ بين الطالب والمطلوب ولم أرى الحب على أوراق تقدم بل تلوثها الحقد والضغائن والكره وسرقة الورث بين غالب ومغلوب ولمست النقاء والرحمة تتطاير بين فاسد ومفسود وقد ذكر تعالى – في سورة الأعراف آية 8 و9 ( والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون. ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون( .


كل ما حولنا ميزان كوني فقد حدد علماء الفلك في اليوم داخله ميزان شمسي وهي الفترة ما بين شروق الشمس وغروبها ما بين الفجر والغسق وتكون نقطة الميزان هي الظهر حتى الصلوات فيها ميزان وميزان الصلوات هي صلاة العصر وكما اجتهد بعض الفقهاء إن صلاة الفجر هي الوسطى وهناك الملايين من الموازين الكونية وضعها الله وسخرها لتحفظ هذا الكون وقد ذكر تعالى في سورة الرحمن (والسماء رفعها ووضع الميزان) فهل يدرك الإنسان إن خلق الأزمات والمعاناة والمكابدات وإشعال شرارة الفتنة والطائفية ونشر الفقر والجهل والرذيلة والمخدرات وضعف الاقتصاد بكل مجالاته ونفي الفكر وموت الثقافة وهروب العلماء والأدباء والمفكرين والولاء الأعمى يخلخل ميزان البلد وما الزلازل والبراكين إلا آية وتنبيه وتحذير لخلل ميزان ما ، إن ميزان حياة الإنسان أي إنسان كان على وجه البسيطة ” الأرض ” العدل والرحمة ومساعدة الآخرين فلا شيء يبقى إن اختل ميزان عمر الإنسان فيا أهل المناصب ومن بيده السلطة والمسؤولية والجاه والمال فالكل مؤتمن على ما لديه كما جاء في الحديث الشريف ” كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مسئولٌ عنْ رعِيَّتِهِ ” اعدلوا في ميزان حياتكم وقد اقسم الله تعالى في سورة الحجر ( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ92 عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ 93 ) كذلك في سورة الصافات 24 ( وقَفوهم فهم مسؤولون ) وقد قال الإمام القرطبي في تفسيره ج 15 ص 73 ” أي احبسوهم أي قفوهم للحساب ثم سوقوهم إلى النار – إنهم مسؤولون – عن أعمالهم وأقوالهم وأفعالهم ” وعن ظلم الخلق ،فما بين الحياة والقبر خيط رفيع ولا ندري متى يقطع هذا الخيط الرفيع كلنا راحلون نقف أمام ميزان كبير فتصور ميزانك كيف يكون ؟.

About عصمت شاهين دو سكي

- مواليد 3 / 2 / 1963 دهوك كردستان العراق - بدأ بكتابة الشعر في الثامنة عشر من العمر ، وفي نفس العام نشرت قصائده في الصحف والمجلات العراقية والعربية . - عمل في جريدة العراق ، في القسم الثقافي الكردي نشر خلال هذه الفترة قصائد باللغة الكردية في صحيفة هاو كارى ،وملحق جريدة العراق وغيرها . - أكمل دراسته الابتدائية والثانوية في مدينة الموصل - حاصل على شهادة المعهد التقني ، قسم المحاسبة - الموصل - شارك في مهرجانات شعرية عديدة في العراق - حصل على عدة شهادات تقديرية للتميز والإبداع من مؤسسات أدبية ومنها شهادة تقدير وإبداع من صحيفة الفكر للثقافة والإعلام ، وشهادة إبداع من مصر في المسابقة الدولية لمؤسسة القلم الحر التي اشترك فيها (5445) لفوزه بالمرتبة الثانية في شعر الفصحى ، وصحيفة جنة الإبداع ، ومن مهرجان اليوم العالمي للمرأة المقام في فلسطين " أيتها السمراء " وغيرها . - حصلت قصيدته ( الظمأ الكبير ) على المرتبة الأولى في المسابقة السنوية التي أقامتها إدارة المعهد التقني بإشراف أساتذة كبار في الشأن الأدبي . - فاز بالمرتبة الثانية لشعر الفصحى في المهرجان الدولي " القلم الحر – المسابقة الخامسة " المقامة في مصر " . - حصل على درع السلام من منظمة أثر للحقوق الإنسانية ، للجهود الإنسانية من أجل السلام وحقوق الإنسان .في أربيل 2017 م - حصل على شهادة تقديرية من سفير السلام وحقوق الإنسان الدكتور عيسى الجراح للمواقف النبيلة والسعي لترسيخ مبادئ المجتمع المدني في مجال السلام وحقوق الإنسان أربيل 2017 م - حصل على درع السلام من اللجنة الدولية للعلاقات الدبلوماسية وحقوق الإنسان للجهود الإنسانية من أجل السلام وحقوق الإنسان . أربيل 2017 م . - عدة لقاءات ثقافية مع سفيرة الإعلام فداء خوجة في راديو وار 2017 م . - أقامت له مديرية الثقافة والإعلام في دهوك أمسية أدبية عن روايته " الإرهاب ودمار الحدباء " في قاعة كاليري 2017 م - تنشر مقالاته وقصائده في الصحف والمجلات المحلية والعربية والعالمية . - غنت المطربة الأكاديمية المغربية الأصيلة " سلوى الشودري " إحدى قصائده " أحلام حيارى " . وصور فيديو كليب باشتراك فني عراقي ومغربي وأمريكي ،وعرض على عدة قنوات مرئية وسمعية وصحفية . - كتب مقالات عديدة عن شعراء وأدباء الأدب الكردي - كتب مقالات عديدة عن شعراء وأدباء المغرب - كتب مقالات عديدة عن شعراء نمسا ، (( تنتظر من يتبنى هذا الأثر الأدبي الكردي والمغربي والنمساوي للطبع . )) . - كتب الكثير من الأدباء والنقاد حول تجربته الشعرية ومنهم الدكتور أمين موسى ، الدكتورة نوى حسن من مصر الأديب محمد بدري، الأديب والصحفي والمذيع جمال برواري الأديب شعبان مزيري الأستاذة المغربية وفاء المرابط الأستاذة التونسية هندة العكرمي والأستاذة المغربية وفاء الحيس وغيرهم . - عضو إتحاد الأدباء والكتاب في العراق . - مستشار الأمين العام لشبكة الأخاء للسلام وحقوق الإنسان للشؤون الثقافية . - صدر للشاعر • مجموعة شعرية بعنوان ( وستبقى العيون تسافر ) عام 1989 بغداد . • ديوان شعر بعنوان ( بحر الغربة ) بإشراف من الأستاذة المغربية وفاء المرابط عام 1999 في القطر المغربي ، طنجة ، مطبعة سيليكي أخوان . • كتاب (عيون من الأدب الكردي المعاصر) ، مجموعة مقالات أدبية نقدية ،عن دار الثقافة والنشر الكردية عام 2000 بغداد . • كتاب ( نوارس الوفاء ) مجموعة مقالات أدبية نقدية عن روائع الأدب الكردي المعاصر – دار الثقافة والنشر الكردية عام 2002 م . • ديوان شعر بعنوان ( حياة في عيون مغتربة ) بإشراف خاص من الأستاذة التونسية هندة العكرمي – مطبعة المتن – الإيداع 782 لسنة 2017 م بغداد . • رواية " الإرهاب ودمار الحدباء " مطبعة محافظة دهوك ، الإيداع العام في مكتبة البدرخانيين العام 2184 لسنة 2017 م . • كتب أدبية نقدية معدة للطبع : • اغتراب واقتراب – عن الأدب الكردي المعاصر . • فرحة السلام – عن الشعر الكلاسيكي الكردي . • سندباد القصيدة الكورية في المهجر ، بدل رفو • إيقاعات وألوان – عن الأدب والفن المغربي . • جزيرة العشق – عن الشعر النمساوي . • جمال الرؤيا – عن الشعر النمساوي . • الرؤيا الإبراهيمية – شاعر القضية الآشورية إبراهيم يلدا. • كتب شعرية معدة للطبع : • ديوان شعر – أجمل النساء • ديوان شعر - حورية البحر • ديوان شعر – أحلام حيارى • وكتب أخرى تحتاج إلى المؤسسات الثقافية المعنية ومن يهتم بالأدب والشعر لترى هذه الكتب النور في حياتي .
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.