( طلبت حفيدتي الجامعية معلومات موجزة عن المسيحية وانقساماتها فكان هذا المقال )!
⁃ ١- المسيحية في انطاكية كانت الأقرب الى روح المسيح وسلوكه وهنا في انطاكية كان مفهوم الكنيسة انه يعني مجموع المؤمنين لا مكان اجتماعهم الذي يمكن ان يتم في أي مكان وكانت الصلاة بسيطة تقتصر على الفاتحة المسيحية (( أبانا الذي في السموات………) وكانوا يرددونها مجتمعين اذا اجتمعوا ولا يتلوها عليهم كاهن لم يكن موجودا اصلا.!
ورفدت الاجتماعات رسائل تردهم من تلاميذ المسيح توضح وتفسر وترد على التساؤلات وخاصة رسائل بولس الرسول .!
-٢- عندما اصبحت المسيحية ديانة رسمية لكل الامبراطورية الرومانية عام ٣٠٠ للميلاد بقرار من الامبراطور قسطنطين طرأ تطور على مفهوم الكنيسة وتحول من مجموع المؤمنين البسطاء الى هياكل(مقدسة) والى صور وتماثيل المسيح والعذراء مريم. وتعددت الصور وكلها مستمدة من قصص الانجيل ولاول مرة صار للكنيسة كادر اداري كما في دوائر الدولة واخذ تسميات متدرجه من كاهن الى مطران الى كبير المطارنة.
الوجود الكهنوتي لم يكن وليد الديانه
الانطاكية الاولى بل هو تنظيم ارادت منه الامبراطورية ان يتحول الكهنة الى قادة الناس وفي خدمة الدولة .!
في تراتيل الكهنة صار الدعاء
الدائم( للملوك الحسني العبادة )جزءا من مسرح الصلاة وتعبيرا عن الطاعة !
-٣- عندما انقسمت الامبراطورية بعد وفاة قسطنطين الى دولتين
احداهما في روما والاخرى في القسطنطينية تولاهما ولدا قسطنطين واختلفا .!
الكنيسة نفسها انقسمت ايضا تبعا
للانقسام المكاني فصارت في روما تسمى كاثوليكية وفي القسطنطينية
ارثوذكسية وصار للكاثوليك بطركا اخذ اسم البابا لكل المسيحين في العالم وصار في القسطنطينية
بطرك ادعى انه لكل المسكونة واختلفا ايضا .!
مع العلم انهما يتبعان معا نفس دستور الايمان المسيحي الذي تم اقراره عام ٤٥١ م في مجمع خلقدونيا .!
في هذه الفترة تصاعد تأثير كبار الكهنة في اوروبا وشكلوا عبر البابوية
سلطة فوق سلطات الملوك والاباطرة
وصار لهم اقطاعات تحت اسم الوقف الديني .
صارت البابوية سلطة حكم اكثر مما هي سلطة روحية فشهدت القوميات الاوروبية تيارات معادية لدورها السياسي لا الروحي وتطور الامر الى اول انشقاق في مسيحية الغرب !
-٤-في المانيا حققت الثورة على البابوية نجاحا كاسحا اخذ اسم ( المحتجين ) protest ومنها جاءت تسمية الانفصال عن البابوية تسمية بروتستانتية التي تميزت عن البابوية
فألغت الصور والهياكل لانعدام ضرورتها بعد انتشار القراءة والغت الكهنوت واشكاله واكتفت
بمدني يختاره الناس يقود تنظيم الصلاة التي صار الناس هم لا الكهنة يقومون بها على انغام الموسيقى
فزال المسرح البابوي والارثوذكسي
وااقتصرت الصلوات على الفاتحة المسيحية وقراءة الانجيل والوعظ
الديني لا السياسي وصار للرعية مجلس مشيخي يدير الكنيسة وينتخب من الناس .
عمليا صارت البروتستانتية مذهبا لعصر النهضة الذي في النهاية جرد البابوية من اي صلاحيات دنيوية وحصر دورها داخل الكنائس وحصر قيادتها في الفاتيكان !
رجال الدين يقودون مختلف الكنائس اما المجتمع فيقوده العقل في انفصال واضح للدين عن الدولة فانتج ذلك حضارة العصر الذي نعيشه الآن .!
وبشكل ما فان الحضارة الحديثة لم تعد حضارة الدين المسيحي بل حضارة العقل .!
الاتحاد الاوروبي بين دول وقوميات ومذاهب مختلفة هو ًوليد حركة العقل لا وليد الدين ومن يعتبر الحضارة الاوروبية حضارة مسيحية يقع في خطأ الاستنتاج لانها فعلا هي
نتيجة الانتصار على هيمنة الدين ومذاهبه والذي أدى الى التخلف والجهل والحروب فيما بين القوميات والحروب الخارجية بما فيها الحروب الصليبية !
-٥- في روسيا التي دخلتها المسيحية الارثوذكسية متأخرة عن الشرق والغرب تتبع دبنيا البطرك المسكوني في القسطنطينية في كنيسة آيا صوفيا وكانت العلاقة مع القياصرة حميمة
ولكن لم يخضع القياصرة لسيطرة الكنيسة كما في روما.
بعد المرحلة السوفياتية تراجع دور الكنيسة كثيرا وصار يدرس على أنه افيون بخدر الشعوب وصار الإلحاد مشروعا وانتشر كثيرا.
بعد سقوط الاتحاد السوفياتي استعادت الكنيسة دورها وصارت قوة
استخدمها الرئيس بوتين كحليف لديكتاتوريته الجديدة وكان يحرص دائما على تقديم الاحترام لها والظهور كارثوذكسي مؤمن ليحصل على تأييد
الانصار ولكن عمليا حركة العقل هي
التي تدير المجتمع وليس الكنيسة
التي لم تعد افيون الشعوب وصارت محترمة ولكن تحت طاعة السلطات !
النتيجة ان المسيحية فقدت روح البدايات وتحول رجال الدين فيها
الى ادوات لصالح الملوك والطغاة
وانقطعوا عن المسيح وانقطعوا عن
المؤمنين الذين مع العلم والوعي السياسي لم يعودوا رعايا للكهنة بل اعداء لهم وضدهم.!
في سوريا لايمثل بطرك الارثوذكس اليازجي ولا باقي رجال الدين الآخرين الشعب بل تحولوا الى اجراء عند المخابرات واساسا كانوا يعينون في مراكزهم من قبلها.!
المسيحية المشرقية بحاجة اليوم لحركة احتجاج تخرج الكنيسة ورجال دينها من عباءة المخابرات الى روح
انطاكية .!
البطرك اليازجي وامثاله لم يعودوا يمثلون الناس لأن نصفهم عند المخابرات والنصف الآخر عند المحتل الروسي وتيار الاحتجاج والغضب عليه سوف يتصاعد وسوف يصير جزءا من ثورة البلد على دولة الأستبداد والمخابرات والاحتلال !
15-2-2021