ينتمي فيلم “صندوق الدنيا” إنتاج عام 2002 تأليف “أسامة محمد” و”هالة العبدالله” إخراج “أسامة محمد”، إلى السينما الشعرية وأفلام هذه الفئة تفتقر إلى الحبكة أو السرد السينمائي وهي عبارة عن مجموعة من المشاهد تؤلف بمجموعها لوحة سينمائية يخرج بها كل مشاهد بانطباع شخصي قد يوافق أو يخالف رؤية المخرج.
يبدأ الفيلم بلوحة تمثل احتضار الجد” رفيق سبيعي” ويرمز إلى الله وتعلقه بالحياة لآخر رمق وهو يتمنى أن يعيش لرؤية أحفاده الثلاثة بعد ولادتهم حتى يسمي أحدهم باسمه لكن توافيه المنية دون أن يفعل ذلك ويبقى الأحفاد الثلاثة بدون اسم.
يعيش الأحفاد الثلاثة مع أمهاتهم “كاريس بشار” “أمل عمران” و”حلا عمران “و آبائهم “بسام كوسا” “فارس الحلو” و”زهير عبد الكريم” حياة صعبة في بيئة ريفية بسيطة من منطقة جبل العلويين، واحدهم يمثل الحب “محمد حمد” والآخر يمثل الخير “الياس غنام” والثالث يمثل الشر “مصطفى الصبح” وهي خصائص الطبيعة الإنسانية وتجدها عند كل إنسان حي فوق هذه البسيطة.
أحد الآباء “بسام كوسا “يذهب إلى الحرب وتنتطره زوجته طويلا وهي تستمع إلى الراديو إلى أغنية “وطني الأكبر” في إشارة إلى الشعارات العروبية التي غزت تلك الحقبة، والآخر “فارس الحلو “يعود من حرب 1967 مهزوما وقد تلطخ جسمه بالطين في إشارة إلى الذل والمهان الذي انتجته تلك الشعارات الفارغة والهزائم التي منيت بها جيوش المستبدين، والثالث “زهير عبد الكريم” يربي الأبناء تربية قاسية مستبدة لا تحمل للمستقبل إلا مزيدا من العنف والبغض.
يغرم الطفل “محمد حمد” بالطفلة “فيروزة” ميرنا غنام “ويتبادلان عبارات الحب عندما ينتثر دقيق القمح على وجوههم واجسادهم في إشارة إلى خصوبة الحب وخلوده، وياكلان الرمان كاسرين صيامهما آخر أيام رمضان في تحدي للعادات والقيود التي تحرم الحب وتجرمه، وينامان تحت شجرة عملاقة تمثل حبهما العميق.
يمل المشاهد أيضا من عبارة تظهر في جميع اللوحات وعلى السنة الجميع كبارا وصغارا عندما يقول أحدهم “شو؟” يجيب الآخر “شو شو؟” وترمز إلى ضعف الإنسان أمام متاهات الدنيا وحاجته للعلم مختلف مراحل عمره.
في النهاية صنع المخرج “أسامة محمد” فيلم نقدي بامتياز لن يفهمه أغلبية المشاهدين وقد يصفونه بسينما مجانين، وهو إعادة إنتاج لأفلام “عبد اللطيف عبد الحميد” لكن بصيغة فلسفية شعرية.