في زمن ما قبل النفط كانت الواحات في صحاري جزيرة العرب تمد السكان بالماء ليشربوا ويستزرعوا الأرض ويغرسوها بأشجار النخيل وبعض الفاكهة كالعنب والمشمش والرمان .. لم تكن عناصر الإنتاج بهذه البساطة فكان على ابن الواحة حفر البئر حتى يخرج له الماء ويرتفع منسوبه من خلال النضح في جنباته. وعليه البحث عن فسائل النخيل من الآخرين وقد لا تتوفر له بسهولة.
ويتم استخراج الماء بـسانية وهي حيوان يتم ربطه بعدةٍ متحركة تنزل وترتفع في البئر ليتم تعبئة حوض مجاور بالماء تسقى منه الحوطة (المزرعة).
كان ابن الواحة ينتظر المحصول آخر العام ليأكل منه هو وأسرته، وفي الغالب محصوله لا يفيض ولا يمنحه ادخاراً للعام التالي الذي لا تعلم ظروفه، وقد يضطر في استدانة طعام ممن هو أحسن حالاً منه وهم قلة.
ويدفعه الدين لمضاعفة العمل وتحفيز بل وإكراه أفراد الأسرة على الجد لمحاولة زيادة الانتاج واقتسامه بين المؤونة والوفاء بالدين.
مع الوقت تصبح الأرض الصغيرة الخضراء الرطبة وسط الصحراء اللاهبة هي السيد وصاحبها المسود.. لقد استعبد ذلك الإنسان نفسه لأجل ذاته وأسرته..
في كل الأزمان _حتى هذه الأزمان_ قد يجد رب الأسرة نفسه في حالة ما من الاستحواذ عليه فيقبل الكد والهد ليطعم أسرته ويسترهم.
اللهم استرنا..
يوسف الشاعل