الحج، الأمنية الصعبة.

حمدي تموز.

نتّفق بأن صاحب الجلالة لا يشبه شيئاً، ولا يشبههُ أحدٌ من البشر. كذلك، يقول سبحانه، بأن وسع كرسيه السماوات والأرض. لذا، لا يسعُ الله بيتاً من بيوتنا نحن البشر، أليس كذلك؟
إذن طالما اتفقنا على ما سبق، تعالوا الآن نتّفق على أنّ أبا الأنبياء ابراهيم، عندما انطلق إلى البيت الحرام، كان أول الموحّدين بالله، وحينها، لم يكُن في مكة ولا في مكانٍ آخر موحّدون يعرفون الله كما نعرفه اليوم. إذن هنا يأتي السؤال:
من بنى بيتاً لله في مكة، قبل أن يصلها أبو الأنبياء ثمّ يترك فيها زوجه (زوجته هاجر) وابنه إسماعيل؟ وبعدها يخاطب الله من ذلك البيت بقوله، كما جاء في سورة إبراهيم (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ).
لقد نعتَ إبراهيم ذلك المكان ببيتك المحرّم! أي كان البيت موجوداً قبل أن يصل إليه. فمن بنى ذلك البيت؟
هل بناه الله لنفسه؟ بالطبع لا، لأن وسع كرسيه السماوات والأرض (آية الكرسي). وحاشا لله أن يسكن مكعّباً أصمّاً.
إذن ليس غير القوم الذين سكنوا تلك الأرض، هم الذين قد بنوا ذلك البيت قبل أن يهجروه بسبب القحط وعدم توفّر الزرع كما في الآية. وطبعاً لم يبنوا ذلك المكعّب ليسكنوا فيه، بل لأصنامهم، أي لآلهتهم التي تركوها داخل جدرانه حينما رحلوا عن تلك الجرداء. لكنّ إبراهيم أسكن ذريّته في ذلك المكان، وجعله رمزاً لبيت الله عوضاً عن مأوى لأصنام القوم السابقين.
وبمرور الزمن أعادت قريش ذلك الرمز ليكون بيتاً لآلهتهم يسترزقون منه بسبب توافد الحجيج إليه، فازدهرت تجارتهم ومكانتهم بين القبائل، وهكذا استمرّ الحال حتى أتت الرسالة المحمديّة وأعاده الرسول بيتاً رمزيّا لله يحج إليه المسلمون عوضاً عن الحج إلى بيت الآلهة الأصنام.
الخلاصة:


بما إن الكعبة بيتاً رمزيّا لله كما في تحليلنا لمجريات الأحداث، فلمَ لا نبني مساجد (جوامع) في كل البلاد، ونجعلها تحتوي على نموذج طبق الأصل لشكل الكعبة الحالي ونعمّر حول تلك المساجد كافة الرموز الخاصّة لتأدية مناسك الحج، بالإضافة إلى تهيأت سُبلٍ للراحة والأسواق كما في مكة. وبذلك نكون قد أتحنا فرصةً للمسلم ألّا يلفظ أنفاسه الأخيرة دون أن يؤدي واجب تلك الفريضة، طالما أن مكة لا تستطيع استيعاب أفواج المليارات من المسلمين. وبهذا، سنرفع عن الحاج كلفة السفر إلى مكة وعناء الطريق، طالما أن بيوت الله ستكون على مرمى من نظره، كما هو الحال مع أهل مكة. وبالنتيجة، ستوفر تلك المشاريع فرص عملٍ لشبابنا العاطلين.

About حمدي تمّوز

مواليد بغداد 1959، وفيها أنهيت مراحل دراستي. حصلت على بكالوريوس هندسة مدنية 1981. عملت في مجال الهندسة لغاية 1990، ثم أعمال تجارية حتى هجرتي سنة 2002 إلى الأردن ثم إلى كندا. كتبت الشعر و المقال، لكن لم أنشر شيئاً بسبب معارضتي الأيديولوجية للنظام السابق، و قد صُودِرت منّي مسودة كتاب يكشف زيف بعض روايات التاريخ الديني. أسست أول غاليري للفن التشكيلي العربي في تورونتو بإسم ( تمّوزي آرت سنتر) سنة 2011-2015. كتبت عدة مقالات في الجرائد العربية التي تصدر في كندا بين 2009-2011 انتقلت للعيش في تركيا سنة 2018-2020 و هناك أصدرت أول كتاب مطبوع بعنوان ( هيّا إلى الجنّة ). لكن لم أبدأ توزيعه على نطاق واسع. كتبت مجموعة مقالات لم أنشرها خلال السنوات القليلة الماضية. أعمل حالياّ على كتابة رواية قصيرة من 140-160 صفحة، تتناول موضوع الظلم الاجتماعي للمرأة في الشرق الأوسط، واخترت إحدى الدول مثالاً. أتوقع أن يصدر الكتاب في الربيع المقبل. أتنقل حالياً بين كندا و تركيا. شكراً لاهتمامكم الكريم، حمدي تمّوز. تورونتو.
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.