التعليم في #العراق ونقطة البداية

د. رعد يوسف

التعليم في #العراق ونقطة البداية

قد قيل كثيرا عن التعليم، فهو افضل استثمار لمستقبل اي دولة، وكذلك قيل ان وجد التعليم اختفى العنف، لكي تغيروا المجتمع ينبغي أولا أن تغيروا العقليات السائدة فيه عن طريق التعليم والتثقيف والتهذيب (إيمانويل كانت ـ فيلسوف ألماني)، التعليم هو أقوى سلاح يمكنك استخدامه لتغيير العالم (نيلسون مانديلا).

بعد السقوط في 2003 ساءت احوال جميع مرافق الدولة ومع الاسف اصاب التعليم الشلل، حيث لم يعد هنالك اهتمام بالمنشات التعلمية وكما اهمل الاهتمام بالكادر التعليمي واصبحت المناهج تتغير حسب الاهواء والطائفية والاهم من هذا اخذ الفساد حصته واصبحت الشهادات تباع كما اسئلة الامتحانات ويتخرج الطالب سواء من المدرسة او الجامعة بدون علم او معرفة كافية يفيد ويستفيد منها. واخر ما وصل من اخبار الفساد التعليمي هو حصول 27000 شهادة من جامعات لبنانية غير معترف بها تمنح الشهادات مقابل مبلغ من المال محدد حسب درجة الشهادة، هذا الكم الهائل من الخريجين الفاسدين سيعبث في اي عمل يستلموه خاصة والعراق عامة.

بعد كل هذا خرجت جامعات العراق من التصنيف العالمي بعد ان كان يعتبر التعليم في العراق في فترة السبعينات وحسب اليونسكو من افضل التعليم في الشرق الاوسط.

هذا الاهمال ادى الى عدم الالتزام بالتعليم الالزامي الذي كان معمول به قبل السقوط وهكذا اصبح هنالك اعداد هائلة من الاميين. يقدرعددهم بالملايين، الذين اصبحوا عالة على نفسهم و على المجتمع وقد حاول العراق سابقا القضاء على هذه الظاهرة واقترب جدا من تحقيق هذا الهدف. كلما زاد عدد الاميين زاد الجهل وسهلت مهمة السيطرة عليهم من خلال التطرف الديني الذي يؤدي في النهاية الى خراب المجتمع والدولة.

بعد مرور عشرون عام على السقوط ولا تزال الحكومات المتعاقبة لم تقرأ ما قيل عن التعليم ولم تاخذ اصلاح التعليم بشكل جدي وجذري. هنا يجب ان نؤكد ان نقطة البداية في الاصلاح الجذري ستكون هي توقف الخراب المستمر لانه كلما تاخرت نقطة البداية في الاصلاح كلما احتاجت الدولة الى وقت اطول للاصلاح لان التعليم ليس كاي مرفق اخر تستطيع اصلاحه خلال فترة محددة حيث اصلاح الانسان ليس كاصلاح المنشآت والمباني وهكذا تستطيع اي حكومة اعادة بناء البنية التحتية خلال فترة لاتتجاوز عدة سنين ولكن اعادة تاهيل وتثقيف شخص امي قد يحتاج الى سنين طويلة ليصبح بالمستوى المطلب وكذلك اصلاح خريج من جامعة فاسدة لايتم بتلك السهولة التي نتصورها. لذلك ايقاف هذا الخراب المستمر هو واجب حتمي على اي حكومة تريد ان تعمل لمصلحة البلد.

من اجل تحقيق هذا الهدف:

اولا يجب الالتزام التام بالزامية التعليم حسب القوانين التي كان معمول بها سابقا ومحاسبة الوالدين في حالة عدم ارسال اولادهم للمدارس ومنع عمالة الاطفال منعا باتا ليتسنى لهم متابعة دراستهم.

ثانيا العمل المطلوب لاصلاح التعليم يتطلب رصد مبالغ ضخمة من اجل دعم المنظومة التعليمية بشكل متكامل وهذا يتم بالاهتمام بالمباني المدارس وتجهيزها على اكمل وجه وان يشمل هذا الاهتمام بجميع مناطق العراق وليس فقط المدن الكبيرة ولكن ليمتد حتى المناطق النائية، الاهتمام الكادر التدريسي من خلال التطوير المستمر ومتابعة عمل هذا الكادر من خلال اختبار الكفاءة والاهلية للقيام بهذا العمل. منح الكادر التدريسي اعلى الرواتب حتى لايلجأ ون الى الرشوة وطرد الفاسدين من المنظومة التعليمية، وكما قيل ان اردت ان تخلق فاسد اعطه راتب اقل مما يحتاج للمعيشة وما للكادر التدريسي من اهمية على المجتمع وخلق كفاءات المستقبل لذلك يجب ان يستلمون اعلى رواتب في الدولة وقد قالتها انجيلا ميركل المستشارة الالمانية السابقة كيف لانعطي للمدرسين حقهم وهم من علمونا و خلقوا الجيل الجديد.

الجامعات لها خصوصيتها والعمل على اصلاحها يتطلب مجهود جبار من الجميع ، يبدا الاصلاح بالكادر التدريسي وكما اردفت انه يجب ان يتقاضى استاذ الجامعي اعلى رواتب في الدولة وتطوير هذا الكادر من خلال الدورات المستمرة والاحتكاك بالجامعات العالمية من اجل نقل الخبرات وتغيير طريقة التدريس من التلقين الى التعليم عن طريق مشاركة الطالب في دراسة المنهج وهو ما تتبعه جامعات العالم وما يسمى بالتعليم الذاتي من خلاله يبحث الطالب عن المادة العلمية او الادبية وثم يكتب عنها تقارير ويشارك في الالقاء امام الطلاب لتطوير شخصيته وقابليته الذاتية، يجب ان يكون لمراكز البحوث من الجامعات العراقية دور مهم من اجل التطوير والتقدم ولاخير في دولة لاتمتلك مراكز ومعاهد بحوث متطورة.

يجب ايقاف التاثير السلبي للمدارس والجامعات الخاصة من خلال مراقبة مستوى الطلاب وتقيمهم حسب ما معمول به في الجامعات والمدارس الحكومية وغلق المدارس والجامعات الاهلية الي لاتلتزم بمعايير النوعية في التدريس والمناهج وذلك من خلال لجان تفتيش وتقييم مستمرة.

هنالك الكثير ما يجب فعله لتطويرالتعليم واصلاحه ولكن المهم جدا هو ان نرى نقطة البداية لإيقاف التدهور والبدء بالعمل الجاد للوصول بالمستوى التعليمي المطلوب.

About رعد يوسف

ولدت في مدينة الموصل/ العراق وتخرجت من كلية الهندسة جامعة الموصل عام 1982 وثم التحقت في الخدمة العسكرية ابان الحرب العراقية الائرانية في عام 1985 ارسلتني الحكومة العراقية للدراسة في موسكو/ الاتحاد السوفيتي للحصول على شهادة الماجستير والدكتوراة في عام 1992 تخرجت وعدت الى العراق ولكن مع الاسف ظروف العراق قد ساءت بعد حرب الخليج ففضلت العودة الى موسكو عن العمل في احدى جامعات العراق قضتيت ثلاث سنوات في موسكو، ثم في عام 1995 غادرتها الى المانيا، درست هنالك ادارة الاعمال وعملت الى عام 2007 ثم فضلت انا وعائلتي الانتقال الى بريطانيا/ لندن حيث انا الان مستقر ادير حاليا موقعي للدراسة عن بعد في الجامعات البريطانية، وهو مختص بالدراسات الجامعية، البكالوريوس والماجستير والدكتوراة، نقدم من خلاله نقدم المشورة والمساعدة لمن يرغب في الدراسة عن بعد في احدى جامعات بريطانيا رابط الموقع www.dlatbu.com اجيد اللغة العربية والانكليزية والالمانية والروسية. احب القراءة كما احب الكتابة لاخراج الافكار التي تدور في ذهني.
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.