التاريخُ الأسودُ الغربيب!

التمام في اقناع ساره بالاسلام

(بقلم  د. يوسف البندر)

في عام 104 هجرية وفي عهد الخليفة يزيد بن عبد الملك، غزا الجراح بن عبد الله الحكمي بلاد الخزر من أرمينية، فبث سراياه في النهب، فغنموا وعادوا إليه.
ثم التقوا عند نهر الزاب، واقتتلوا قتالاً شديداً، واشتد القتال فهزموا الخزر، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون، فقُتل منهم خلق كثير، وغنم المسلمون جميع ما معهم!
ثم سار إلى أرض الترك، والتحم القتال واشتد، حتى بلغت القلوب الحناجر، فاحتل مدينة بلنجر، وهزم الترك وغرَّقهم وذراريهم في الماء! وسبى منهم خلقاً كثيراً!
هذا هو التاريخ الأسود باحداثه، والأحمر بدمائه، فلو تفحصنا ما نقله لنا المؤرخون ” وغرَّقهم وذراريهم في الماء” أي تم إغراق الأطفال والنساء! فإني لا أجد وصفاً لهذا الفعل إلا أنه إجحافٌ وجور، وظلمٌ وإستبداد، وإنحطاطٌ وخسة، ودناءةٌ ورذالة!
والمصيبة الكبرى، لم ينبس المقاتلون ببنت شفةٍ، ولم يعترضوا على هذا الإجرام! ولا حتى القادة ولا الامراء ولا الخليفة! فأين الرحمة التي يتغنى بها كهنة الدين؟ وأين العدل الذي يتبجح به لصوص المعابد؟ وأين الإحسان الذي يتفاخر به المسلمون؟
والسؤال الذي حيرني وأثار دهشتي، هو أن هذه المدينة (بلنجر) تقع في ولاية داغستان، وهي جزء من روسيا اليوم، فهل كان احتلال هذه الأرض وقتل أهلها وسبي نسائها وإغراق أطفالها دفاعاً عن النفس؟ كما يتبجح بذلك المسلمون ليل نهار! أم يمكن اعتبار ما فعله السلف الصالح ما هو إلا لصوصية وبلطجة، وسطو وإستلاب، وعملية سلبٍ ونهبٍ، وإحتلال أرضٍ، وقطع رؤوس، وتقطيع أشلاء، واِسترقاق أطفال، وسبي نساء؟


أتمنى أن نحكم على تاريخ الأجداد بضميرٍ حي، وبصدقٍ وإنصاف، وألا نكون فاقدي الضمير، معدومي الضمير، ندافع عن القتلة المجرمين، سافكي الدماء، قاطعي الرؤوس، سارقي الأموال، مغتصبي النساء!
دمتم بألف خير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
كتاب البداية والنهاية/ ابن كثير/ الجزء العاشر/ الطبعة الثانية 2010/ دار ابن كثير/ دمشق – بيروت.
كتاب الكامل في التاريخ/ ابن الأثير/ الجزء الرابع/ دار الكتاب العربي 2012/ بيروت – لبنان.

This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.