حازم نهار
وحدها الأمم والمجتمعات العاجزة والكسولة هي التي تحتاج إلى الإفتاء؛ ففي هذه المجتمعات يُطلب من البشر، بطريقة أو أخرى، أن يعطِّلوا عقولهم، ويتنكروا لتجاربهم وظروفهم الشخصية، ويستمعوا إلى كائنات تحتمي بالدين أو تختبئ خلفه، وتدّعي أنها تعرف الصواب والخطأ في كل لحظة أكثر من بقية البشر.
ظاهرة الإفتاء ضد الإنسان/الفرد، ولا تلتقي إلا مع النظرة الكتليّة للبشر، تلك التي تلغي الفروقات والتمايزات بين البشر، وتنظر إليهم جميعًا بوصفهم كائنات متساوية الطول والقامة والذكاء والقدرات، ومتشابهة في أحوالها وهواجسها ومخاوفها وآمالها، وهذا جوهر كل رؤية استبدادية وقهرية.
يمكن لأي فرد، ومن حق أي فرد، أن يقدِّم رأيه أو نصائحه أو إرشاداته من دون الاستقواء بالإفتاء.
بديل الإفتاء في مستوى أول هو القراءة العقلانية للواقع، وحسابات الربح والخسارة، والمنافع والأضرار، وأخذ أحوال البشر في الحسبان، واختلافاتهم الفردية، وفي مستوى ثانٍ هو القانون المدني الذي تُنتجه دولة وطنية ديمقراطية، وتعيد النظر فيه دائمًا مع تغير الأحوال والأزمان.
الإفتاء ظاهرة تنتمي إلى الاستبداد وضدّ الإنسانية… ومنافية للحياة المدنية.