الأفكار والعادات القديمة!

العرب من وجهة نظر يابانية

(بقلم د. يوسف البندر)

أرادت الزوجة أن تُجهّز الطعام لزوجها، فأتت بسمكة وقطعت رأسها وذيلها ووضعتها في المقلاة مع قليل من الزيت! فتعجب الزوج وتساءل قائلاً: لماذا قطعتي الرأس والذيل؟ فكرتْ الزوجة قليلاً، وأمعنتْ في التفكير، ثم تأملتْ وتبصرت، فقالت: في الحقيقة، أنا لا أعلم! كانت أمي تفعل ذلك! سأتصل بها وأسألها!
أتصلت الزوجة بأمها هاتفياً وسألتها، فأجابتْ الأم: كنتُ أرى أمي تفعل ذلك حينما كُنت صغيرة! سأتصل بجدتكِ لأسألها، وسرعان ما أتصلتْ الأم بالجدة وسألتها عن هذا الأمر! فأجابت الجدة: لقد كنا نملكُ مقلاةً صغيرة لا تكفي السمكة، فكنتُ أفعل ذلك لأتمكن من وضع السمكة فيها!
ذكّرتني هذه القصة بالمؤرخ البريطاني أرنولد توينبي حيث يقول: أنّ الصفة الرئيسية التي تُميّز الحياة المدنية عن الحياة البدائية هي الإبداع، فالحياة البدائية يسودها التقليد، بينما الحياة المدنية يسودها الإبداع!
ويذكر عالم الإجتماع الدكتور علي الوردي: أنّ حُب التقليد هو الذي جعل البشر يعيشون عيشة بدائية على مدى ثلاثمئة ألف سنة تقريباً. لقد كانوا قانعين طوال هذه المدى بما ورثوا عن الآباء والأجداد من عادات وأفكار. فالبشر كانوا قبل ظهور المدنية في نعيمٍ مقيم، لا يقلقون ولا يسألون: لماذا؟ كل شيء جاهز بين أيديهم قد أعدّهُ لهم الآباء والأجداد، فهم يسيرون عليه ولسان حالهم يقول: إنّا وجدنا أباءنا على ملةٍ، وإنّا على آثارهم مقتدون!


فسؤالي اليوم، ونحن في الألفية الثالثة، ألا يكفي ثلاثمئة ألف سنة من الحياة البدائية، والجهل والتخلف، والحماقة والسفاهة! ألا يكفي أيها القوم هذه السنوات الطويلة من إتّباع ما كتبه لنا مجموعة من البدو المتخلفين، رعاة الماشية، حفاة الأقدام! أما حان وقت الاستيقاظ من النوم، والخروج من السبات العميق، وبداية الانطلاق والإقلاع، والنهوض والإبداع، والإستنباط والإختراع!
قيل إنّ الملايين رأوا التفاحة تسقط، لكن نيوتن الوحيد الذي تساءل عن السبب! استمروا بالسؤال حتى تصلوا إلى الحقيقة!
دمتم بألف خير!

This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.