
شيخ مسلم يعترف ان المسيح هو الله
ولد يسوع المسيح في بيت لحم من بلاد اسرائيل القديمة في القرن الأول الميلادي. وبعد اعلان رسالته الخلاصية ونشر تعاليمه ورؤية الناس معجزاته الفريدة، اتبعه عدد من اليهود من ابناء اسرائيل، ولما لم يرق لرجال الدين اليهود والأحزاب الدينية المتعصبة تبشير المسيح وعجائبه واقواله ، تآمروا لقتله واتهموه زورا ببث الفوضى والبلبلة بين الشعب ، حتى استطاعوا اصدار امر من الحاكم الروماني بإعدامه صلبا والتخلص منه نهائيا . بعد صلبه وموته وقيامته زاد عدد المؤمنين به ربا ومخلصا ومجسدا لكلمة الله ومظهرا مجد الرب على الأرض. بعد صعوده الى السماء امام اعين مئات المؤمنين به ، نفد تلاميذه واتباعه وصايا معلمهم بنشر البشارة والإنجيل وتعاليم المسيح الى ارجاء العالم كافة ابتداء من اورشليم القدس ثم مدن اسيا الصغرى واليونان وروما واسبانيا ومصر وشمال افريقيا، ونشر تلاميذه المسيحية في العراق وبلاد فارس حتى الهند شرقا. وحققوا وصية المسيح بنشر الإنجيل للخليقة كلها .
آمن برسالة يسوع المسيح بعض اليهود اولا ثم سكان الأمم الغير يهودية والوثنيين منهم .
بقى اليهود على عقائدهم قرونا طويلة، خاضعين لشريعة النبي موسى ، الى ان انبثق منهم يسوع الناصري ، فأنقسم اتباعه والمؤمنون به الى طوائف عديدة، كل اتبع تفسيرا خاصا به وتبعه عدد من الأتباع والمؤيدين ، فمن هناك بدأت الهرطقات التي سببها اساءة تفسير طبيعة يسوع المسيح وقادها رجال دين مسيحيون اجتهدوا في تفسيراتهم فمنهم من انحرف عن الطريق الصحيح ومنهم من بقى مخلصا لإيمانه الحقيقي . فظهرت كنائس عدة وطوائف متعددة منها :
اتباع كنيسة اورشليم او (كنيسة الختان) ، أمنوا أن يسوع جاء بتعاليم المسيح الذي تنبأ به الأنبياء السابقون في العهد القديم. ولكنهم التزموا بتعاليم شريعة موسى اليهودية من أجل الخلاص .
أتباع كنيسة الأمم أو (الكنيسة الرسولية) نسبة التى تبشير الرسول بولس بالمسيح وتعاليمه، وهي المسيحية الكاثوليكية السائدة الى اليوم ومركزها الفاتيكان – روما . ومنها انشق الارثذوكس والبروتستانت الإنجيليون بسبب عدم الإتفاق على تفسير طبيعة المسيح اللاهوتية والناسوتية. أمن هؤلاء أن الكنيسة تمثل جسد يسوع المسيح على الأرض الذي يتجمع حوله المؤمنون به ويؤمنون ان يسوع صُلب من أجل خلاص البشرية وفتح ابواب ملكوت الله للمؤمنين بالمسيح والتائبين عن خطاياهم .
الغنوصيون : هؤلاء طائفة من الهراطقة يعتقدون ان يهوة (اسم الله عند اليهود) هو الشيطان، وأنه خلق الشروالمادة، وأن الإله الحقيقي صانع الخير هو الذي أرسل يسوع من أجل تخليص البشرية من شرور يهوه . المسيح عندهم كائن روحاني نوراني، وليس إنسانا يجسد ابن الله نوراني الشكل .
لذلك أنكروا صلبه حقيقة وادعوا إنما شبّه لأعدائه بشخص انه هو المسيح فصلبوه . وهذا ما اقتبسه الإسلام عنهم حول مصير المسيح وكتبوه في كتابهم . الخلاص عند الغنوصيين لا يتم إلا بالمعرفة ، ومعرفة النفس هي التي تؤدي الى معرفة الإله الحقيقي .
من تلك الإنقسامات الثلاثة الرئيسية انبثقت مئات الطوائف والفرق والمذاهب التي يصعب حصرها بسبب إجتهادات عقيمة وتفسيرات باطلة لبعض رجال الدين ومن يدّعون الفلسفة التي اختلطت عقائدها وافكارها على مدى قرون عديدة .
كان لليهود كتب مقدسة متعددة أهمها التوراة واسفارها الخمسة التي كتبها النبي موسى. والحقت بها كتب الأنبياء ، وسمي هذا الكتاب الجامع اسم التناخ . ولديهم كتب مترجمة ترجمة تفسيرية من العبرية الى الآرامية بعد السبي البابلي لنبوخذنصر تسمى الترجوم . ثم لديهم كتاب التلمود ولديهم كتابات أخرى متعددة .
صار كتاب التناخ يسمى بكتاب العهد القديم عند المسيحيين مقابل كتاب العهد الجديد الذي يضم الأناجيل الأربعة التي تروي سيرة يسوع المسيح منذ ولادته حتى صلبه وقيامته وصعوده الى السماء .
وجدت عشرات الأناجيل تم تأليفها منذ القرون الأولى، وبعد دراستها دراسة دقيقة ولاهوتية اختير منها اربعة أناجيل فقط اعترفت بها الكنيسة ورفضت الكتب الأخرى وسميت كتب الأبوكريفا او الكتب المنحولة او المزيفة . والحق بكتاب العهد الجديد [رسائل بولس وبطرس ويعقوب ورؤيا يوحنا واعمال الرسل ]. وبذلك اطلق على كتابات العهد القديم والجديد الموحدة بكتاب واحد اسم (الكتاب المقدس) .
المسيحيون : هو التسمية العربية المعاصرة لمن يدينون بالمسيحية، وكان يطلق عليهم في العصور الوسطى عند العرب في جزيرة الحجاز [ النصارى] ربما نسبة الى يسوع الناصري . واطلق عليهم اليهود اسما عبريا هو [ نوصرييم] . وكانوا يقدسون السبت و يمارسون الختان ويتبعون شريعة موسى، وهم الذين تحدث عنهم القرآن كثيرا . وهولاء النصارى ليسوا هم المسيحيين أتباع يسوع الناصري المذكور سيرته في الأناجيل الأربعة الرسمية .
لم يعترض الاباء الأولون على تسمية النصارى في زمن محمد، امثال القديس يوحنا الدمشقي الذي عاصر عهد محمد مباشرة وكان شخصا مرموقا في الدولة الأموية وله مخطوطات شهيرة وكتب عن الإسلام وعن محمد . لأن النصارى ليسوا هم المسيحيين الذين ذكرهم القرآن ونبي الإسلام في أحاديثه.
ثم ظهرت فرق دينية مهرطقة ومنحرفة كثيرة حرفت تفاسير المسيحية ونبذتها الكنيسة الأم وحاربتها.
في عام 303 م . أمر امبراطور روما الوثني ديوقليسيانوس بإتلاف الكتب المسيحية . بعد ثلاثين عاما فقط ، اعتنق الإمبراطور الروماني الجديد قسطنطين المسيحية وآمن بالمسيح ربا والها ومخلصا. وأمر بإتلاف جميع الكتب التي تحارب المسيحية التي آمن بها . لذلك حاول اصحاب المذاهب المخالفة للمسيحية إخفاء كتبهم حتى لا تطالها يد الأمبراطور الجديد وجنده .
انتشرت المسيحية بين القرنين الثالث والرابع الميلادي بمذاهبها المختلفة بين العرب والسريان في بلاد الشام وبلاد الرافدين (العراق) . وكان مفهوم رسالة المسيح والبنوة لله يختلف مفهومه عند المسلمين.
تواصل ظهور بعض الأنبياء والرسل بعد المسيح منهم بولس وأغابوس وسيلا وغيرهم. ولم يكن النبي بالضرورة له معجزات حسية أو اتصال مباشر بملك من الملائكة ، او نزل عليه كتاب من السماء .بل يكفي أن يكون مدعي النبوة أن يكون قادرا على تأليف اقوال وفهم وتأويل التفسيرات الدينية، او شخص يتكهن بأحداث مستقبلية فيدعي انه نبي بشرط ان يحل فيه الروح القدس، وهذا لا يمكن اثباته او رؤيته حسيا . وقد اخبر يسوع المسيح تلاميذه أن انبياء كذبة كثيرين سيظهرون بمظهر الحملان لكنهم ذئاب خاطفة . ومن ثمارهم تعرفونهم .
كان العرب في بلاد الرافدين أهل علم وكتاب . فقاموا بكتابة نصوص عباداتهم وعقائدهم بلغتهم الآرامية السائدة آنذاك في بلاد الشام والعراق ، او بالعبرية او السريانية على خلاف عرب الحجاز ، حيث كانت الأمية متفشية فيهم كمجتمع بدوي متخلف حضاريا، وقليل منهم من يعرف القراءة والكتابة . ومعظم القبائل هناك تدين بالوثنية و عبادة الالهة المختلفة. وقد كتب مثقفون ومبشرون ورهبان في العراق وبلاد الشام كتبا ومخطوطات بالخط السرياني المعرب في المرحلة الأولى . وقد وصل عدد منها الى مدن الحجاز و قد اقتبس محمد مما جاء فيها الكثير وكتبه في القرآن .
صباح ابراهيم
5 / 3 / 2023